حاولت بعض القوى السياسية تشويه صورة المحكمة الدستورية العليا أمام المجتمع المصرى بزعم عدم استقلالية هذه المحكمة وانتظارها لتعليمات المجلس الأعلى للقوات بالمسلحة لبحث مدى دستورية مواد قانون مجلس الشعب المحال إليها من المحكمة الإدارية العليا ولما كان الإدعاء بعدم استقلالية المحكمة الدستورية العليا فى أداء عملها يمثل خطر محدق ينذر بعواقب وخيمة ويؤثر على شعور المواطنين وإيمانهم بنزاهة واستقلال القضاء الدستورى المصرى العريق ، فوجدنا إنه من الأمانة و الواجب علينا أن نشهد شهادة حق فى شأن قيمة وعظمة وشموخ المحكمة الدستورية العليا ، وتأتى هذه الشهادة من منطلق طبيعة دراستنا المتخصصه والمتعمقة خلال سنوات طوال ، هى فترة إعداد رسالتنا للدكتوراه والتى كانت متخصصة فى مجال رقابة دستورية القوانين التى تمارسها تلك المحكمة 0 وقد تتبعنا خلال سنوات اعداد تلك الرسالة السياسة القضائية التى تعتنقها المحكمة الدستورية العليا ، حيث تكشف لنا من خلال منهج الدراسة المقارنة بين ثلاثة أنظمة هى : الأمريكى والفرنسى والمصرى أن محكمتنا الدستورية لها شأن عظيم فى مجال رقابة الدستورية ، وقد بلغت فى حرصها الشديد على إعلاء كلمة الدستور فى معظم أحكامها مبلغاً لايقل بأى حال – دون أدنى مبالغة أو انحياز – عن أقرانها فى أمريكا وفرنسا 0 فالحقيقة التى لامراء فيها أن المحكمة الدستورية العليا المصرية تتبوأ مكانة رفيعة فى ضمير مصر وقلوب جميع المصريين، باعتبارها صرحاً شامخاً للعدالة وسيادة مبدأ المشروعية ، تتمثل رسالتها السامية فى تحمل مسئولية حماية واحترام أحكام الدستور وعدم الخروج عليها ، ورد كافة التشريعات إلى حظيرة الدستورية ، وكانت لبعض أحكامها علامات مضيئة فى مجتمعنا المصرى 0 ومن الأحكام التى أصدرتها المحكمة الدستورية وأحدثت دوياً هائلاً فى الحياه السياسية حكمها الصادر بجلسة 16 مايو 1987 فى القضية رقم 131 لسنة 6 قضائية دستورية القاضى بعدم دستورية المواد الخامسة مكرراً والسادسة فقرة (1) والسابعة عشر فقرة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب والمعدل بالقانون رقم (114) لسنة 1983 ، وحكمها الصادر بجلسة 15 إبريل 1989 فى القضية رقم 23 لسنة 8 قضائية دستورية القاضى بعدم دستورية المادة (7) والفقرة الأولى من المادة (8) والمادة (10) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (12) من القانون رقم (120) لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى قبل تعديله بالقانون رقم (10) لسنة 1989 ، وكذا حكمها الصادر بجلسة 19 مايو 1990 فى القضية رقم 37 لسنة 9 قضائية دستورية بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم (38) لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب والمعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 ، وقد ترتب على صدور هذه الأحكام حل البرلمان فى حينه 0 والواقع أن المحكمة الدستورية العليا قد أثبتت من خلال هذه الأحكام – بما لايدع مجالاً للشك – أنها لا تخشى فى الحق لومة لائم وتعلى دائماً وأبداً هامة الدستور على كل الهامات ، وتحرس حقوق وحريات المواطنين وتجعلها حرم آمن لا يجوز لأى سلطة مهما كانت مكانتها أو نفوذها فى المجتمع المصرى أن تجور عليها بأى شكل من الأشكال 0 ونظراً لخطورة وحساسية رقابة الدستورية على اعتبار انها تتعرض للحكم على أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية ، للتحقق من التزامهما بالقيود التى يوردها الدستور بغرض صونه وتأكيد احترامه ، هذا من ناحية ، كما أن أحكام المحكمة الدستورية العليا لاتقبل بأى طريق من طرق المراجعة أو الطعن فهى نافذه لمجرد صدورها وجميع سلطات الدولة ملزمة بتنفيذها من ناحية آخرى ، فقد أحاطها المشرع المصرى فى قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 وخاصة فى المواد أرقام 35 ، 37 ، 39 ، 40 ، 41 ، منه بسياج من الإجراءات التى تضمن دقة فحص مدى دستورية التشريع المطعون فيه أمامها 0 وليس من المنطقى أو المقبول بعد ذلك أن يخرج تيار سياسى معين عن النص بتوجيه الاتهامات والإفتراءات على محكمتنا الدستورية العليا التى نكن لها كل تقدير واحترام لمكانتها الشامخة التى تتبوأها داخل النظام القانونى المصرى بوصفها حامية الشرعية الدستورية والحارسة الأمينة على الحقوق والحريات العامة 0 وإزاء ذلك نرجو من كافة التيارات السياسية ألا تقحم المحكمة الدستورية العليا فى عملية المناورات السياسية التى تمارسها مع المجلس العسكرى ، ونتمنى من الجميع الحرص دائماً وأبداً على إجلال وتقدير واحترام هذه المحكمة بصفتها الحارسة للشرعية الدستورية والتى تقف كقلعة شامخة تزود عنها ، لما فيه خير المواطنين واحترام سيادة القانون بما يعود بالنفع والمصلحة والخير على المجتمع المصرى بأسره 0 دكتور أشرف إسماعيل عزب((المحامى بالنقض)) ومحامى الاتحاد المصرى للتأمين دكتوراه فى القانون الدستورى 01222674292 dr . ashraFazab @ hotmail. Com