أثار التعديل الذى أقره مجلس الشعب وأصدره رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالقانون رقم (17) لسنة 2012 باضافة البند رقم (4) إلى المادة (3) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (73) لسنة 1956 بمنع كل من عمل خلال السنوات العشر السابقة على 11 فبراير سنة 2011 رئيساً للجمهورية أو نائباً لرئيس الجمهورية أو رئيساً للوزراء أو رئيساً للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل أو أميناً عاماً له أو كان عضواً بمكتبه السياسى أو أمانته العامة من مباشرة حقوقه السياسية لمدة عشر سنوات إبتداء من التاريخ المشار إليه ،ردود أفعال متباينه ما بين مؤيد ومعارض له ، خاصة بعد صدور قرار لجنة الانتخابات الرئاسية باستبعاد الفريق أحمد شفيق من القائمة النهائية للمرشحين إستناداً إلى القانون المنوه عنه ، ثم قبولها لتظلم ذات المرشح ووقف قرار استبعاده من ماراثون الرئاسة0 وبعيداً عن بحث العوار الدستورى الذى قد يشوب هذا القانون من عدمه والمحال من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية إلى المحكمة الدستورية العليا بموجب قرارها الصادر بجلسة 25 إبريل 2012 لبحث مدى دستورية البند (4) من المادة (3) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (73) لسنة 1956 المضافة بالقانون رقم (17) لسنة 2012 ، وذلك من منطلق حرصنا الشديد على عدم التعقيب على القضايا المنظورة أمام تلك المحكمة ولم تفصل فيها بعد، فإن هناك مسألة تتصل بهذا الموضوع وتأتى على جانب كبير من الأهمية وتحتاج إلى تسليط الضوء عليها وكشف النقاب عن حقيقتها حتى يعلم عامة الشعب أبعادها تتمثل فى بيان وظيفة المحكمة الدستورية العليا فى النظام القانونى المصرى 0 وإزاء ذلك وجدنا إنه من الأهمية بمكان أن نجلى وجه الصواب بشأن حقيقة اختصاصات المحكمة الدستورية العليا منعاً لحدوث اللبس والغموض لدى الناس فى هذا الصدد ، خاصة وأن أسم تلك المحكمة العظيمة والعريقة يتردد كثيراً فى وسائل الإعلام المختلفة فى ظل الأحداث السياسية الحالية التى يعيشها المجتمع المصرى فى أعقاب ثورة 25 يناير المجيدة 0 ولبيان ذلك نشير فى البداية إلى أن نص المادة (49) من الإعلان الدستورى الصادر عن المجلس العسكرى بتاريخ 30 مارس 2011 قد نوه إلى أن المحكمة الدستورية العليا هى هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ، وتختص دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، وتتولى تفسير النصوص التشريعية ، وذلك كله على الوجه المبين فى القانون ، ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التى تتبع أمامها 0 كما أوضحت المادتين 25 ، 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم (48) لسنة 1979 اختصاصات تلك المحكمة على سبيل الحصر وهى على النحو التالى :- 1- الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح 0 2- الفصل فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل أحدهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها 0 3- الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها 0 4- تتولى تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام الدستور ، وذلك إذا أثارت خلافاً فى التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضى توحيد تفسيرها 0 وإذا كانت المحكمة الدستورية العليا تتولى مباشرة مجمل الاختصاصات المناطه بها على النحو المتقدم ، غير أن اختصاصها بالرقابة القضائية اللاحقة على دستورية القوانين واللوائح، أى فحص مدى دستورية القوانين بعد صدورها وفقاً للاجراءات المنصوص عليها صراحة فى قانونها ،يعد الاختصاص الأصيل لها ، أو بمعنى آخر يمثل وظيفتها الجوهرية ، بل أنها – على التحقيق – من أهم أسباب وجودها ، وتعطيها مكانها بارزه داخل النظام القانونى لعظمة المهمة التى تتولاها تلك الوظيفة من إعلاء شأن الدستور وحمايته من مخالفة أحكامه ، وتوكيد مبدأ سيادة وسمو الدستور على بقية القواعد القانونية الأخرى ، وتتبوأ تلك المحكمة مكانه رفيعه فى ضمير مصر وقلوب جميع المصريين باعتبارها صرحاً شامخاً للعدالة وسيادة مبدأ المشروعية ، تتمثل رسالتها السامية فى تحمل مسئولية حماية واحترام أحكام الدستور وعدم الخروج عليها 0 ولئن كانت الرقابة على دستورية القوانين فى مصر ، منذ نشأتها وعبر مراحل تطورها المختلفة ظلت رقابة قضائية لاحقه على دستورية القوانين ، غير أن المشرع الدستورى المصرى - وخروجاً على الأصل العام – قد أخذ بنظام الرقابة القضائية السابقة على دستورية القوانين ، وهذا ما سوف نتناوله فى مقال آخر بإذن الله 0