خبراء: مبادرات التمويل المدعوم تخفض تكلفة الإنتاج 8%.. وتمهد لقفزة تصديرية    زيادة تصل إلى 17 جنيها، تعريفة الركوب الجديدة لخطوط النقل الداخلية والخارجية ب 6 أكتوبر    رئيس البنك الدولى: إعادة إعمار غزة أولوية وننسق مع شركاء المنطقة    إشادة ترامب تعكس تطور المنظومة الأمنية فى حماية الوطن والمواطن| شهادة الرئيس الأمريكى تؤكدها الحقائق على الأرض    جيش الاحتلال يعلن تسليم "حماس" جثة رهينة للصليب الأحمر    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب لزيلينسكى: لا أريد التصعيد مع روسيا.. الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بتجميد مذكرة اعتقال نتنياهو.. بلومبرج: خطط تركية لنشر مدرعات وصواريخ شمال سوريا    قناة عبرية: ضباط أمريكيون سيقيمون مركز قيادة في غلاف غزة لقيادة قوات دولية    "الجنائية الدولية" ترفض طلب إسرائيل بإلغاء مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الاتحاد الأوروبى يطالب بنزع سلاح حماس دعما لخطة ترامب    رياضة ½ الليل| مصر تتأهل للأولاد.. يد الأهلي تكتسح.. الغيابات تضرب الزمالك.. وزعزع أفضل لاعب    رسميًا| لاعبو الدوري الإسباني يحتجون على إقامة مباراة في أمريكا    قائمة بيراميدز في مواجهة نهضة بركان بالسوبر الأفريقي    تعرف على طاقم حكام مباريات الأحد فى الدورى الممتاز    رغم التعادل أمام ستراسبورج، باريس سان جيرمان يحافظ على صدارة ترتيب الدوري الفرنسي    20 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى لمواجهة حرس الحدود بالدورى    إمام عاشور يذبح عجلاً قبل العودة لتدريبات الأهلى.. ويعلق :"هذا من فضل ربى"    قرار هام بشأن المتهم بقتل طفلته وتعذيب شقيقها بأطفيح    اليوم.. محاكمة 7 متهمين في قضية «داعش التجمع»    المحكمة الدستورية تشارك في أعمال الندوة الإقليمية بالمملكة الأردنية الهاشمية    صرف رئيس حزب شعب مصر من نيابة الجيزة بعد التصالح    إصابة فتاة اختل توازنها وسقطت من الطابق الثالث أثناء نشر الغسيل في العمرانية    مدحت صالح يتألق في ختام ثاني أيام مهرجان الموسيقى العربية    الوزراء: حريصون على افتتاح المتحف المصري الكبير في صورة مشرفة تليق بمكانة مصر    مدحت صالح يتألق بأغنية أنت عمرى لأم كلثوم ويرفع شعار كامل العدد    مدحت صالح يشعل ثاني ليالي مهرجان الموسيقى العربية بأمسية طربية ساحرة    مارسيل خليفة: لا أدرى إلى أين سيقودنى ولعى بلعبة الموسيقى والكلمات.. لدى إيمان كامل بالذوق العام والموسيقى فعل تلقائى لا يقبل الخداع والتدليس.. محمود درويش حى يتحدى الموت وصوته يوحى لى متحدثا من العالم الآخر    أنغام تتألق بفستان أسود مطرز فى حفل قطر.. صور    أخبار 24 ساعة.. وزارة التضامن تطلق المرحلة الرابعة من تدريبات برنامج مودة    مدير الخدمات الطبية بالمؤسسة العلاجية فى زيارة مفاجئة لدار الولادة بالإسكندرية    انطلاق مهرجان تعامد الشمس بأسوان بمشاركة 8 فرق شعبية وحضور فودة وكمال    مانشيني يقترب من العودة إلى البريميرليج ضمن قائمة المرشحين لتدريب مانشستر يونايتد    أمريكا تعتقل ناجين بعد غارة على سفينة يشتبه في نقلها مخدرات بالبحر الكاريبي    اللواء بحرى أركان حرب أيمن عادل الدالى: هدفنا إعداد مقاتلين قادرين على حماية الوطن بثقة وكفاءة    في ذكرى ميلاده.. سُليمان عيد صانع البهجة والإبداع    عاجل- وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق: حاولنا ربط الإفراج عن شاليط بمروان البرغوثي ولكن إسرائيل رفضت رفضا قاطعا    الإثنين، آخر مهلة لسداد اشتراكات المحامين حاملي كارنيه 2022    توفير وظائف للشباب وذوي الهمم .. حصاد «العمل» في إسبوع    مصطفى بكري عن سد النهضة: مصر لن تسمح بأي تهديد لمصالحها الوطنية    «الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    الأرصاد الجوية: توقعات سقوط أمطار على بعض المناطق خلال الساعات القادمة    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    وزارة النقل تناشد المواطنين للمشاركة في توعية ركاب السكة الحديد من السلوكيات السلبية    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    «الطفولة والأمومة» ينعي ضحايا حادث أسيوط ويؤكد متابعة الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية    الملاذات التقليدية تنتصر.. الذهب يلمع والعملات الرقمية تتراجع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخالة والدة
نشر في الفجر يوم 30 - 12 - 2014

من محاسن الشريعة الإسلامية الغراء الاحتياط للأطفال والنظر لهم، وسنُّ النُّظم والتشريعات التي تكفُل حقوقَهم وتحفظُهم من الضَيْعة، ومن ذلك الحضانة، فقد جعلها الإسلام حقًا واجبًا للطفل، وشَرَع لها أحكامًا خاصة، وهو بذلك سابق لما جاءت به الأنظمة العلمانية، كالميثاق العالمي لحقوق الطفل وغيره.

وبين أيدينا حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتناقله الناس فيما بينهم ويجري على ألسنتهم على أنه حكمة عادية، ولا يدرون أنه حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام البخاري في (صحيحه) عن البراء رضي الله تعالى عنه قال: اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القَعدة فأبى أهلُ مكة أن يَدَعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد - رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقالوا: لا نُقِرُ بها، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، لكن أنت محمد بن عبد الله. قال: "أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله". ثم قال لعلي: "امْحُ رسولَ الله". قال: لا والله لا أمحوك أبدًا، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، لا يدخلُ مكة سلاحٌ إلا في القِراب [= الغِمْد والغِلاف]، وأن لا يخرجَ من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع أحدًا من أصحابه أراد أن يقيم بها. فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليًا فقالوا: قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبعتهم ابنة حمزة: يا عمِّ! يا عمِّ!، فتناولها علي فأخذها بيدها وقال لفاطمة عليها السلام: دونكِ ابنةَ عمك احمليها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي: أنا أحق بها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنةُ عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنةُ أخي. فقضى بها النبي - صلى الله عليه وسلم – لخالتها، وقال: "الخالة بمنزلة الأم". وقال لعلي: "أنت مني وأنا منك". وقال لجعفر: "أشبهتَ خَلقي وخُلقي". وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا".

وهذا الحديث رواه أيضًا الإمام أحمد في (مسنده) عن علي رضي الله عنه بلفظ: "والجارية عند خالتها، فإن الخالة والدةٌ".

قصة الحديث:

في العام التالي لصلح الحديبية اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عمرة القضاء التي قاضى فيها كفارَ قريش، وعند رجوعهم للمدينة بعد إتمامهم للعمرة خرجت في إثرهم ابنةُ حمزة بن عبد المطلب عمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تريد منه أن يصحبَها معه إلى المدينة وأن لا يتركها في مكة، فأركبها علي بن أبي طالب مع زوجه فاطمة، ثم اختصم في حضانتها هو وشقيقُه جعفر وزيد بنُ حارثة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وذكر كل واحد منهم حُجته في كونه الأحق بحضانتها، فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخالتها بأنها الأحق بالحضانة منهم أجمعين، وعلل ذلك بأن "الخالة والدة!".

وابنة حمزة المذكورة في هذا الحديث هي أُمامة، وقيل: عُمارة، وأمُها: سلمى بنتُ عُميس.

ولقد نادت ابنةُ حمزة رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – بقولها: (يا عمِّ!) لأنه أخو أبيها من الرضاع، ولذلك لما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ألا تتزوج بنت حمزة؟ قال: "إنها ابنة أخي من الرضاعة" رواه البخاري.

وخالةُ بنتِ حمزة التي حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحضانتها لها هي: أسماءُ بنتُ عُميس رضي الله تعالى عنها. وهي امرأة قد اجتمع لها في الإسلام ما لم يجتمع لغيرها؛ فقد هاجرت الهجرتين؛ إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وتزوجها شهيدان وخليفتان، فأما الشهيدان فجعفر وعلي ابنا أبي طالب، وأما الخليفتان فأبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

وأما وجه قول زيد بن حارثة عن بنت حمزة: "إنها ابنة أخي" فلما رواه ابن أبي شيبة في (مصنفه) عن ابن أبي ليلى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين زيد وحمزة.

مسائل وأحكام:

اشتمل هذا الحديث على كثير من مسائل العلم.

منها: أنه أحد الأحاديث الخمسة التي هي أصول باب الحضانة، وهو من الأبواب التي يشتمل عليها فقه الأسرة في التشريع الإسلامي.

ومعنى قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "الخالة بمنزلة الأم" أي في استحقاق الحضانة عند فقد الأم وأمهاتها، وذلك لأنها تقرُب منها في الحنو والشفقة والاهتداء إلى ما يصلح الولد. وفي المقابل قدمت الشريعة الأب وأقاربه من الرجال عند فقده في ولاية المال والتزويج لكونهم أقدر على الاحتياط في ذلك.

والحديث لا حجة فيه لزاعمٍ أن الخالة ترث؛ لأن الكلام في كونها مثلَها في استحقاق الحضانة لا غير.

ويؤخذ من الحديث أيضًا: أن الخالة في الحضانة مقدمة على العَّمة؛ لأن صفية بنت عبد المطلب كانت موجودةً في ذلك الوقت ولم يحكم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضانة ابنة أخيها مع كونها أقرب أقارب البنت (من جهة أبيها) من النساء. وإذا قُدِّمَتْ الخالة على العمة فهي مقدمة على غيرها من باب أَوْلى.

ويؤخذ من الحديث أيضًا: تقديم أقارب الأم على أقارب الأب.

ويؤخذ منه أيضًا: أن تَزوُّجُ الخالة الحاضنة لا يُسقط حضانتها للبنت.

وقد أخذ الإمام الذهبي من هذا الحديث وغيرُه أن عقوق الخالة كبيرة من الكبائر؛ ولعل هذا المعنى هو الذي لاحظه الإمام النووي عندما أورد هذا الحديث في (رياض الصالحين) في باب: بر الوالدين وصلة الأرحام، وذلك اعتباراً بعموم لفظه في طلب أنواع البرّ وإسداء المعروف لها كما تسدي ذلك للأم.

إن هذا الحديث وغيره من أحاديث الأحكام يجعل المؤمن يستشعر الراحة والطمأنينة والرضا بهذا الدين والافتخار بالانتماء إليه؛ حيث لم يخلقنا الله سبحانه وتعالى ثم تركنا هملاً، وإنما شرع لنا أحكامًا تضبط تعاملاتنا وتحفظ لنا حقوقنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.