تنشر بوابة الفجر، كلمة على كرتى ، وزير خارجية جمهورية السودان الشقيقة، خلال اجتماع دول الجوار الليبي، وإلي نص الكلمة.. معالى السادة الوزراء، معالى أمين عام جامعة الدول العربية، معالى مبعوث جامعة الدول العربية، معالى مبعوث الاتحاد الأفريقى إلى ليبيا، السيدات والسادة، يُسعدنى أن نكون اليوم بين أشقائنا فى السودان الذين لا يفوتنى أن أعبر لهم مجدداً عن امتناننا لحسن استقبالهم وتنظيمهم لاجتماعنا هذا، وكرم ضيافتهم اللذين لمسناهما منذ أن وطأت أقدامُنا أراض هذا البلد العزيز للمشاركة فى اجتماعات المنتدى الثانى للتعاون العربي الروسى... أما عن الوضع فى ليبيا الشقيقة، فلا شك أنه يشهد تطورات تُثير قلقنا جميعاً وتتطلب تعاملاً جاداً من قبلنا وتضافراً بين جهودنا فى تقديم العون للأخوة فى ليبيا لكي يتمكنوا من بناء مؤسسات دولتهم واستعادة الأمن والاستقرار وتحقيق تطلعاتهم المشروعة فى التقدم والرفاهية واللحاق بركب الحداثة كما هو حال شعوب عديدة لا تملك أحياناً من نملكه كشعوب عربية وأفريقية من موارد وإمكانات. وما يبعث مع ذلك على قدر من التفاؤل والإقدام هو نجاحنا منذ أن أطلقنا محفل دول الجوار الليبى فى طرح الإطار السياسى لتسوية الأزمة الليبية والذى قمنا بصياغته سوياً فى أغسطس الماضى فى القاهرة إلى أن اعتمدنا مبادرة جماعية تُعيد الاعتبار لمفهوم ومنطق الدولة والقانون، وتحيد منطق الميليشيا وممارساتها التى تتنافى كلياً مع متطلبات الحياة العصرية. وقد هدفنا من مبادرتنا هذه إلى زرع الأسس ووضع المعايير اللازمة للجهد الإقليمى والدولى الهادف إلى إنهاء الصراع الليبى عبر حوار يجمع كافة الليبيين على كلمة سواء تحجُب التطرف والإرهاب وتفتح الأفق واسعاً للمواطن الليبى كى يبحث عن مستقبله ويعبر عن خياراته السياسية عبر العملية السياسية والديمقراطية مُمتنعاً عن باستخدام العنف وإشهار السلاح تجاه أبناء وطنه. أصحاب المعالى، إن مكمن قوتنا هو وحدتنا التى تجلت بمبادرتنا وطرحنا المشترك يوم 25 أغسطس الماضى لإخراج ليبيا من محنتها، وهو أيضاً مشروعية اهتمامنا بدولة جارة تتأثر بنا ونتأثر بها أكثر من غيرنا وهو الاهتمام الذى نستند فيه إلى رغبات وتطلعات الأشقاء الليبيين والممثلين اليوم بشخص معالى الوزير محمد الدايرى وزير خارجية ليبيا الشقيقة. وعليه، فإننى أعول كثيراً على أن يوجه اجتماعنا هذا رسالة واضحة لتأكيد وحدة موقفنا وراء كافة المبادئ التى تضمنتها مبادرتنا لاسيما منها ما يتعلق ببناء دولة قوية وبمكافحة الإرهاب والتطرف... ولا شك لدينا من جانب آخر أن الحوار بين الليبيين هو السبيل الأفضل لترجمة تلك المبادئ واقعاً، وهو ما دعانا إلى إيلاء مكانة واضحة للحوار فى مبادرتنا على أن يتم بين قوى تعتمد السياسة وسيلة لتحقيق أهدافها وتتخلى عن الخيار العسكرى والعنف أسلوباً لبلوغ الغايات. ولما كان موقفنا الجماعى منطقياً ومنطلقاً من أرضية أخلاقية وسياسية لا غبار عليها، فقد صدر قرار مجلس الأمن 2174 الصادر بعد يومين من اجتماعنا فى أغسطس الماضى معتمداً كافة المبادئ التى ارتضيناها، وقد تمكنا كدول جوار من أن ندفع المبعوث الدولى للأزمة الليبية برناردينو ليون نحو الاقتراب من منهجنا، وها هو قد أعلن عن جولة حوار بين أطراف الصراع فى ليبيا بعد تفاهم مع مختلف القوى الليبية على قواعد وأهداف العملية السياسية. ونأمل أن تُفضى تلك الخطوة إلى تشكيل حكومة بتوافق تلك القوى تنهى الانقسام فى ليبيا وتعيد للبلاد وحدتها تحت مظلة الشرعية.
وأقدر أن علينا الاستمرار فى تقديم النصح للمبعوث الدولى كى يهتدى بشكل دائم إلى الخيارات الرصينة، وأن نقدم له كل الدعم المُمكن طالما التزم بمحددات رؤيتنا لمستقبل ليبيا دولة وطنية، موحدة، مستقرة، وذات سيادة. ودون أن أطيل عليكم، فإنه ليشرفني في نهاية كلمتي أن أسلم لأخي العزيز معالي الوزير على الكرتى رئاسة مجموعة دول الجوار الليبى للفترة القادمة متمنياً له ولنا جميعاً كل التوفيق والنجاح فى مهمة إعانة الأشقاء الليبيين على تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم.