العربية.نت- يسود الهدوء الحذر على الحدود الباكستانية - الإيرانية في أعقاب تبادل الطرفين القصف في منطقة "ماشكيل" بإقليم بلوشستان، بعد القصف المتبادل بين الجانين قد تجدد، أمس الجمعة، حيث اتهمت قوات حرس الحدود الباكستانية الجانب الإيراني بإطلاق ست قذائف هاون سقطت داخل الأراضي الباكستانية بعمق ثلاثة كيلومترات لكن من دون وقوع إصابات. وجاء تجدد القصف بعد يومين من لقاء بين مسؤولين أمنيين في البلدين، ترأسه عن الجانب الباكستاني، اللواء إعجاز شاهد المفتش العام للقوات شبه النظامية في إقليم بلوشستان، وعن الجانب الإيراني الجنرال قاسم رضائي قائد قوات حرس الحدود الإيرانية. واتفق حينها الجانبان على تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي وإزالة التوتر على الحدود. وفي اتصال هاتفي مع "العربية.نت"، أكد خان وساي، المتحدث باسم القوات شبه النظامية في إقليم بلوشستان، أن الوضع على الحدود هادئ في أعقاب القصف الإيراني، مشيرا إلى أن قوات حرس الحدود الباكستانية ردت بإطلاق قذيفتي هاون على مصدر النيران وتواصلت مع الجانب الإيراني للاحتجاج ووقف القصف. وأضاف أن قوات حرس الحدود قد أخطرت الخارجية الباكستانية بشأن القصف الإيراني، لكن المتحدثة باسم الخارجية الباكستانية، تسنيم أسلم، قللت من شأن القصف الأخير وكشفت في اتصال هاتفي مع "العربية.نت" عن زيارة مرتقبة الأسبوع المقبل لوكيل وزارة الخارجية الإيراني لإسلام آباد واجتماع دوري للجنة الحدودية المشتركة. وأضافت أسلم أن الجانبين سيبحثان كافة القضايا المتعلقة بشأن تعزيز العلاقات الثنائية وأمن الحدود. وسبق لباكستان أن استدعت السفير الإيراني لديها، علي رضا حقيقيان، وأبلغته احتجاجها الشديد على توغل إيراني داخل حدودها أسفر عن مقتل جندي وجرح أربعة آخرين، إضافة لاحتجاجها على تصريحات مسؤولين إيرانيين لوحوا بالقيام بعمل عسكري داخل الأراضي الباكستانية، واحتجاز قوات إيرانية سكان قرية حدودية كرهائن لساعات بذريعة البحث عن مطلوبين من إيران. وتتهم أوساط إيرانية إسلام آباد بالتستر على أعضاء الجماعات المسلحة والإجرامية أو التقاعس وعدم العمل على التصدي لها، الأمر الذي ترفضه إسلام آباد التي تتهم طهران بالمقابل بمحاولة تصدير أزمتها الداخلية إلى الخارج، وتطالبها بتزويدها بالمعلومات والأدلة التي تساعدها على تعقب المسلحين. وتستبعد إسلام آباد التصعيد مع طهران على غرار موقفها مع الهند، حيث تشهد حدود البلدين توترا مماثلا. وقد بررت المتحدثة باسم الخارجية، تسنيم أسلم، في إيجازها الأسبوعي هذا التباين في التعاطي مع طهران ونيودلهي إلى أن الخلاف مع الهند جوهري ويتعلق بالنزاع حول كشمير، لكنها أكدت على متانة العلاقات مع طهران والروابط الحضارية والدينية والثقافية التي تجمع بين البلدين، معتبرةً أن البلدين ملتزمان بحل ما أسمتها "المهيجات الطفيفة" في علاقات البلدين. ويعتقد مراقبون أن باكستان، المنهكة في محاربة الجماعات المسلحة داخليا وعلى الحدود مع أفغانستان والتصدي للخروقات الهندية، تتجنب أي تصعيد مع إيران. ويرى الكاتب والمحلل، علي مهر، أن إيران تتعمد إثارة التوتر الحدودي مع باكستان لعدة عوامل، لعل أبرزها التخفيف من الضغط الشعبي المنتقد للإخفاقات الأمنية داخل إيران، إضافة إلى سعي طهران لتشتيت جهود إسلام آباد بحيث لا تتمكن من ملء الفراغ الذي سيخلفه تقليص عديد القوات الأجنبية في أفغانستان لصالحها. كما يعتقد مهر أن التصعيد الإيراني يهدف كذلك للضغط على باكستان من أجل التوصل إلى اتفاقية أمنية شاملة، حيث تضغط طهران للسماح لقوات إيرانية بالعمل مع القوات الباكستانية داخل حدودها وهو ما ترفضه إسلام آباد بشدة، وتؤكد على أن تقوم قوات البلدين بالعمل العسكري كل على جانبه من الحدود.