لم يكن كافيا أن يجلس الرئيس الباكستاني آصف على زرداري، مع وزير الداخية الإيراني مصطفى نجار سويا، لتنتهي حالة التوتر بين البلدين، التي تفجرت على خلفية انفجار "سرباز"، الذي استهدف اجتماعا لقادة الحرس الثوري الإيراني، مع عدد من قادة العشائر القبلية في إقليم سيستان وبلوشستان، والذي تبعه تصعيدا غير مسبوق في العلاقات بين البلدين، وصل إلى حد اتهام طهران لإسلام أباد برعاية جماعة "جند الله" السنية، وازدادت خطورة التصعيدات الإيرانية تجاه باكستان، بإعلان الحرس الثوري الإيراني، أنه ينوي شن عمليات عبر الحدود الباكستانية، لملاحقة قادة الجماعة داخل الاراض الباكستانية. ورغم إعلان السلطات الباكستانية رفضها لأي دخول من قبل الحرس الثوري في أراضيها، إلا أن القوات التي تدين بالولاء للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، على خامنئي، تجاهلت هذه التحذيرات الباكستانية، وبدأت بالفعل في ملاحقة عناصر جماعة جند الله داخل باكستان، وهو ما قد يشكل ضربة "أولية" للاتفاقية الأمنية التي وقعها وزيرا داخلية البدين. يعتقد المحللون أن الأوساط السياسية والعسكرية في إيران، تتطلع بعد تفجير "سرباز" إلى رد فعل قوي من جانب "الحرس الثوري"، الذي أصيب بنكسة أمنية كبيرة، تتطلب منه اتخاذ ردود فعل عاجلة، تجاه منفذي الهجوم، لاستعادة كرامته المجروحة، في مواجهة الجماعة السنية. ويبدو أن تصريحات قادة "الحرس" الخاصة بملاحقة الجماعة في الأراضي الباكستانية، ستتجاوز أي اتفاقات سياسية أو أمنية، يتم توقيعها بين الجانبين، وهو ما يطرح سؤالا خطيرا، هو "هل تستطيع الدبلوماسية الإيرانية الحصول على موافقة الحكومة الباكستانية على هذا الإجراء؟"، أو على الأقل تخفيف آثار هذا الإجراء، لاسيما أن ضربة الحرس الثوري قادمة لا محالة. من حيث المبدأ تستطيع الحكومة الإيرانية حاليا، أن تتحدث بصراحة مع نظيرتها الباكستانية في الأمور ذات الطابع الخلافي بين الجانبين، مستندة إلى ضعف الموقف السياسي لإسلام أباد، التي تواجه عددا من الأزمات في نفس الوقت، أولها ازمة الخلاف المستمر مع الهند، التي لاتزال العلاقات متوترة بينها وبين باكستان، على خلفية تفجيرات مومباي، وتصاعد التوتر العسكري في إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين، بالإضافة إلى انشغال الجيش الباكستاني في مواجهة حركة طالبان في إقليم وزيرستان الحدودي مع أفغانستان، ووهو ما يعني أن السلطات الباكستانية لن يكون بمقدورها فتح جبهات صراع جديدة، مع الحرس الثوري الإيراني، أو مع الدبلوماسية الإيرانية. ورغم حالة الضعف التي يعاني منها الموقف الباكستاني تجاه إيران في هذا التوقيت، إلا أن المراقبين يعتقدون أن "التوغل داخل الأراضي الباكستانية"، لن يكون مقبولا من أي طرف سواء داخل باكستان أو خارجها، لاسيما من جانب القوات الدولية في أفغانستان، التي يزعجها بشدة اقتراب القوات الإيرانية منها، ولو على سبيل تنفيذ عملية عسكرية "تكتيكية".