ارتفاع أسعار النفط نتيجة توقعات الأسواق بخفض الفائدة الأمريكية    رئيس الوزراء: العاصمة الإدارية رمز للرؤية المصرية الحديثة والقدرات الوطنية    صافرة فرنسية لقمة الريال ضد مان سيتي فى دوري أبطال أوروبا    منتخب مصر يرتدي الطاقم الأبيض فى مواجهة الأردن بكأس العرب غداً    الداخلية تضبط أكثر من 124 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    ماسك يهاجم الاتحاد الأوروبى بعد غرامة ال 140 مليون دولار على منصة X ويؤكد: اعتداءً مباشر على حرية التعبير    مشتريات الأجانب تصعد بمؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    مدير جهاز تنمية البحيرات: عودة طيور الفلامنجو لبحيرة قارون بعد تحسين أوضاعها    معلومات الوزراء يستعرض تقرير منظمة بروجيكت سينديكيت: الكهرباء ستحسم مصير سباق الذكاء الاصطناعى    غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع تصويت المصريين بالخارج في الدوائر الملغاة    قوات الاحتلال تقتحم مقر «الأونروا» في حي الشيخ جراح بمدينة القدس    أسعار اليورانيوم تتفجر.. الطاقة النووية تشعل الأسواق العالمية    الجامعة العربية: ما تشهده غزة على مدار عامين انتهاكا صارخا للقانون الدولي    غارات جوية تايالاندية تستهدف منشآت عسكرية في كمبوديا    جيش الاحتلال يشن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في رفح الفلسطينية    بالأسماء، "المحامين" تعلن أسماء المستبعدين من انتخابات الفرعيات في المرحلة الثانية    خبير تحكيمي عن طرد ثنائي ريال مدريد: لم تؤثر على النتيجة.. ولكن    روني ينتقد صلاح: تصريحاته الأخيرة تضر بإرثه في ليفربول    كأس العرب - منتخب مصر بالزي الأبيض أمام الأردن    حسام أسامة: بيزيرا «بتاع لقطة».. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025    البورصة المصرية تستهل تعاملات اليوم الاثنين بارتفاع جماعي    الأرصاد تحذر: رياح نشطة واضطراب الملاحة البحرية وأمواج تصل إلى 3 أمتار اليوم    تفاصيل مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان    «بسبب عطل مفاجئ فى خط الطوارئ».. محافظ بني سويف يوجه فرع الإسعاف بإخطار المواطنين للحصول على الخدمة    تضيف بعدا لفهم المعتقدات الدينية، المتحف المصري بالتحرير يعرض مقصورة المعبودة "حتحور"    «ميدتيرم» يتصدر مؤشرات البحث بعد الحلقة الأولى    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    دار الإفتاء توضح حكم التماثيل في الإسلام: جائزة لغير العبادة    الصحة عن الوضع الوبائي: لا يوجد أي فيروس جديد أو مجهول في مصر    وزير الصحة يتابع مشروع النيل: أول مركز محاكاة طبي للتميز والتعلم في مصر    مشروبات وأدوات بسيطة تضمن الدفء.. كيف تنام بعمق في الشتاء؟    قبل انطلاقها في الداخل.. كيفي تستعلم عن لجنتك الانتخابية بالرقم القومي؟    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    محمد فراج يعلق على الانتقادات التي طالت دوره في فيلم الست: مش مطالب أبقى شبيه بنسبة 100%    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    مواعيد مباريات الإثنين 8 ديسمبر - المغرب ضد السعودية.. ومانشستر يونايتد يواجه ولفرهامبتون    تحريات أمن الجيزة تكشف لغز العثور على جثة سمسار بحدائق أكتوبر    مزاعم إسرائيلية: هجوم إقليمي محتمل يهدد الأمن القومي لإسرائيل    وزير الصحة ينفى انتشار فيروس ماربورج أو أى فيروسات تنفسية جديدة بمصر    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن فى 30 دائرة بانتخابات النواب    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية    مي عمر تحسم الجدل: الاعتزال مش في قاموس محمد سامي    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    إصابة 18 شخصاً في حادثي سير بطريق القاهرة الفيوم الصحراوي    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تجديد حبس شاب لاتهامه بمعاشرة نجلة زوجته بحلوان    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفجيرات ايران تعيد المسألة الأثنية إلي الواجهة
نشر في نهضة مصر يوم 25 - 10 - 2009

إلي حد كبير، جاءت ردود الفعل الفورية من قبل الحكومة الإيرانية حيال الهجمات الدامية التي وقعت مؤخرا بمحافظة سيستان وبلوشستان، مشابهة، إن لم تكن مطابقة، لتلك التي أعقبت أية أحداث تفجيرية من هذا النوع، والتي كان آخرها ما هز ضاحية زاهدان في شهر مايو الماضي علي أثر تفجير مسجد أمير المؤمنين والذي راح ضحيته في حينها 25 قتيلا و150 جريحا.
فمن دون فحص أو تمحيص، سارعت السلطات الإيرانية بالإلقاء باللائمة علي واشنطن وما أسمته "قوي الإستكبارالعالمية" في باديء الأمر، حيث اتهم المرشد الأعلي للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي "أجهزة استخبارات دول استكبارية"، من دون أن يسميها، بتقديم الدعم لمنفذي التفجير. وقال خامنئي "الجريمة التي نفذها الإرهابيون مصاصو الدماء في بلوشستان كشفت النقاب عن الوجه الشيطاني لأعداء الأمن والوحدة والمدعومين من أجهزة استخبارات بعض الدول الاستكبارية أكثر فأكثر". غير أن الحكومة الإيرانية خففت من حدة الإتهامات الموجهة للغرب بعد ذلك وبدأت تحول الدفة باتجاه باكستان ثم ما لبثت أن استدعت الخارجية الإيرانية السفير الباكستاني لإبلاغه استياء إيران البالغ من عدم ضبط باكستان لحدودها مع إيران، وهو ما يعطي تلميحا باحتمال تورط متطرفين سُنة من باكستان في تنفيذ تفجيرات سيستان وبلوستان ومن قبلها "تفجير زاهدان"، علي غرار ما حدث في تفجيرات سبق وأن قام بها متطرفون باكستانيون في الهند مرات عديدة.
وما إن استقر الأمر بالنسبة للإيرانيين لتحميل عناصر سنية متطرفة داخل باكستان مسئولية تفجيرات سيستان وبلوستان الأخيرة، التي وقعت بمحافظة سيستان وبلوشتان الحدودية المحاذية للحدود مع كل من باكستان وأفغانستان وتعاني منذ فترة من تزايد عمليات تهريب المخدرات والسرقة والقتل، و أسفرت عن مقتل 29 شخصا وإصابة 28 بينهم ستة من قادة الحرس الثوري أبرزهم نائب القائد العام للقوات البرية بالحرس الثوري الجنرال نور علي ششتاري والجنرال محمد زاده قائد حرس الثورة في سيستان وبلوشستان، وقائد الحرس بمدينة إيران شهر، وقائد لواء أمير المؤمنين.بعد أن استهدف اجتماعا عشائريا وصف بأنه يرمي إلي التقريب بين السنة والشيعة هناك وحضره قادة بالحرس الثوري وعدد من شيوخ القبائل في مدينة سرباز بولاية سيستان وبلوشستان، حتي انهالت التحذيرات وانهمر الوعيد من قبل المسئولين الإيرانيين إزاء إسلام أباد، حيث توعد القائد العام للحرس الثوري الإيراني بإجراءات انتقامية لمعاقبة المسئولين عن التفجير، وقال إن وفدا أمنيا سيتوجه إلي باكستان للمطالبة بتسليم زعيم جند الله، متهما الاستخبارات الباكستانية والأمريكية والبريطانية بأن لها صلات مع المنظمة. وقال اللواء محمد علي جعفري للصحفيين في طهران إن لدي سلطات الأمن وثائق تثبت بشكل قاطع "صلات مباشرة" بين تلك المنظمة وبريطانيا وأمريكا وهيئات المخابرات الباكستانية، وأشار إلي أنه ما من شك في أن زعيم جند الله عبد المالك ريغي وخططه تقع تحت مظلة وحماية أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والباكستانية. لكن الدول الثلاث نفت تلك الاتهامات.
وبدوره، أجري الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد اتصالا هاتفيا مع نظيره الباكستاني آصف علي زرداري طالبه فيها بالمساعدة سريعا في ملاحقة المسئولين عن هجوم سرباز "وضرورة التعاون المشترك لتحديد جدول زمني لمواجهة من أسماهم "المجرمين الإرهابيين" والقضاء عليهم. وفي ذات السياق التصعيدي، أثار نائب بالبرلمان الإيراني عقب الأحداث مباشرة احتمال شن قوات إيرانية عملية عسكرية عبر الحدود مع باكستان لتعقب منظمة جند الله التي تبنت هجوم سيستان وبلوشتان. ونقلت وكالة أنباء الطلبة عن النائب عن محافظة سيستان وبلوشستان بيمان فروزش قوله :"هناك إجماع علي مشاركة قوات الحرس الثوري وقوات الأمن في عمليات بأي مكان تراه ضروريا، حتي وإن كانت هذه العمليات في داخل الأراضي الباكستانية"، وذلك في إشارة إلي اتفاق النواب حول هذه المسألة، علي ما يبدو.
غير أن الأمر الأكثر إثارة في هذا الخصوص، هو أن إعلان منظمة "جند الله" السنية الإيرانية مسئوليتها عن الأحداث الأخيرة في محافظة سيستان وبلوشتان، فإنها تسلط الضوء مجددا ولكن بقوة ملفتة هذه المرة، علي ملف الأقلية السنية في إيران، والتي تتضارب المعلومات الرسمية الإيرانية وغير الرسمية السنية وكذا الدولية إزاء تعداد أفرادها . فوفقا للإحصاءات الرسمية الإيرانية، يشكل السنة في البلاد نسبة 10% من السكان، لكن مصادر سنية إيرانية تقول إنهم يشكلون ثلث حجم السكان البالغ 74 مليون نسمة. وتقول مصادر مستقلة أخري إن السنة يشكلون نسبة ما بين 15 إلي 20% من سكان إيران، وهم مقسمون إلي العرقيات الرئيسية الثلاث الأكراد والبلوش والتركمان، إضافة إلي العرب بإقليم خوزستان، الذي كان يسمي عربستان قبل أن تضمه إيران إليها في عام 1925. ويسكن أولئك السنة قرب حدود إيران مع باكستان وأفغانستان، والعراق وتركمانستان.وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد أدانت سابقا ما أسمته اضطهاد الأقليات في إيران، وجاء في تقرير لها أنه "لا يزال أبناء الأقليات العرقية والدينية في إيران، لاسيما السنة، عرضة للتمييز، بل وللاضطهاد أيضا''. وأشار تقرير المنظمة الحقوقية الدولية إلي معاناة البلوش من عدم تمثيلهم في الحكومة المحلية.
وفي ذات السياق، يؤكد مراقبون حقوقيون إيرانيون أن التوتر والعنف اللذين طفقا يجتاحان إيران مؤخرا وعلي نحو متواتر ومكثف، إنما يتصل بخلل في قضيتي المواطنة والتنمية، فإيران مثل باقي دول المنطقة تعاني من خلل في علاقتها بمواطنيها، ذلك أن النظام الإيراني تستثني فعلا مواطني الأقليات من المناصب الرفيعة في أجهزة الدولة، علاوة علي أنه مقصرة في تنمية الأقاليم التي تعيش بها تلك الأقليات.إلي جانب ذلك يشكل أسلوب التعامل الرسمي مع تلك المناطق التي تقطنها الأقليات، لاسيما السنية منها، عنصر تحفيز لتشجيع تلك الأقليات أو بعض العناصر المتشددة فيها علي العنف والتمرد ضد الدولة الإيرانية، ومن ذلك علي سبيل المثال، قرار السلطات الإيرانية مؤخرا بتسليم أمن المنطقة الحدودية مع أفغانستان وباكستان، والتي يقطنها السنة، لقوات الحرس الثوري كي تمنع التهريب وتجارة المخدرات، وبدوره، بدأ الحرس الثوري في اتخاذ إجراءات صارمة حيال سكان المنطقة من أجل إثبات وجوده بسبب الوجود الأمريكي والبريطاني العسكري بالمنطقة المجاورة علي الجانبين الأفغاني والباكستاني.
وقد تناسي النظام الإيراني أن سيستان وبلوشستان طالما استخدمتا في السابق كممر لعناصر تنظيم القاعدة الخارجين من باكستان، تحت سمع وبصر السلطات الإيرانية التي غضت الطرف عنه في البداية طمعا في كسب ورقة للضغط علي الولايات المتحدة ومساومتها عليه في مفاوضاتها حول البرنامج النووي الإيراني، لكن الأمر مع مرور الوقت تحول إلي تهديد ضد إيران نفسها بعد أن انقلب السحر علي الساحر، وهو ما لم تنتبه له طهران في باديء الأمر. فقد أكدت التقارير الإستخباراتية والأمنية أن منظمة "جند الله" السنية الإيرانية، التي تعتبرها السلطات الإيرانية حركة إرهابية وتزعم بأن لها صلات بتنظيم القاعدة، تستخدم نفس تكتيك حركة طالبان الأفغانية عبر التحرك في مجموعات عسكرية صغيرة، وهو أمر يصعب مهمة المخابرات الإيرانية في مكافحتها، حتي وإن كانت تلك الجماعة المسلحة تفتقر إلي قاعدة جماهيرية كبيرة بمناطقها كما تفتقد إلي دعم القيادات السنية الإيرانية، حسب خبراء إيرانيين اعتمدوا في تحليلهم علي بيان إمام جماعة أهل السنة بمدينة زاهدان مولوي عبد الحميد الذي أدان فيه تفجيرات سيستان وبلوشستان ووصفها بالإرهابية.
وبرغم ذلك وفي الوقت الذي تطالب إيران الأمم المتحدة بإدانة أحداث سيستان وبلوشستان ونعت منفذيها بالإرهابيين في بيان رسمي شديد اللهجة، يبدو أن تلك الأحداث، التي أعلنت جماعة "جند الله" السنية مسئوليتها عنها كما هو الحال بسابقتها في الصيف الماضي بإقليم زاهدان، ردا علي ما وصفوه ب"انتهاك حقوق السُّنة في إيران، قد وضعت المسألة الإثنية في إيران علي الواجهة . فبينما يميل جناحهم القاعدي المتطرف إلي تكفير الشيعة ويعتبرهم خوارج ويذهب إلي أن قلتهم حلال، فإن التيار الغالب داخل جماعة جند الله يعتبر إيران "دولة عنصرية" تأسست علي فكر رجل واحد هو الإمام الخميني
، كما تندد الجماعة بما أسمته انغلاق النظام الإيراني علي فلسفة ولاية الفقيه. وتدين الجماعة ما تعتبره اضطهادا من قبل النظام الغيراني للطائفة السنية بدليل أنها تمنع بناء أي مسجد للسنة بالعاصمة طهران رغم وجود كنائس ومعابد وحتي أماكن عبادة لأتباع الزرادشتية، كما أنها تمنع وصول أهل السنة إلي المناصب العليا بالدولة والجيش.ويستشهد خصوم النظام ومؤيدي جند الله في ادعاءاتهم تلك بنص المادة 12 من الدستور الإيراني، والتي تنص علي أن المذهب الجعفري الاثني عشري هو المذهب الرسمي للدولة . ويري أولئك المنتقدون أن ما يسمونه الصبغة الطائفية للدستور تتكرر في مواد أخري تتعلق بالجيش ومجلس الشوري وقَسم رئيس الجمهورية الذي يتعهد فيه بحماية المذهب الرسمي وفق المادة 121 من الدستور.
وتزداد احتمالات تفاقم مخاطر تفجر المسألة الإثنية أو الطائفية داخل إيران في ظل تربص أعداء إيران وخصومها لها محاولين توظيف هذا الملف كورقة ضغط علي نظام طهران في أكثر من اتجاه، سواء في أزمتها النووية أو لجهة دورها في العراق وسوريا وفلسطين أو آسيا الوسطي أو غيرها. وفي صدارة أولئك الخصوم تأتي إسرائيل، التي تتطلع منذ زمن إلي إحداث إرباك حقيقي داخل إيران عبر تصعيد التوترات الإثنية هناك بين السنة والشيعة، بما يرمي إلي ممارسة الضغوط علي طهران لوقف نشاطاتها النووية وتقليص نفوذها لدي سوريا وفلسطين والعراق. وقد أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي ضمنا إلي هذه الإستراتيجية الإسرائيلية حيال طهران إبان مباحثاته مع رئيس الوزراء الإسباني مؤخرا في تل أبيب، والتي أكد خلالها علي أن بلاده لن تشن ضربة عسكرية ضد إيران ولكنها ستخطط للقيام بعمليات برية وتدبير أنشطة تخريبية في داخلها.
إنها إذن ورقة ضغط جديدة ومؤثرة علي المفاوض الإيراني في كل الجبهات ومع مختلف الأطراف، وأحسب أنه لاسبيل أمام طهران لتحييدها أو إسقاطها، إلا من خلال التعاطي الحكيم والشجاع مع ملف الأقليات الإثنية في هذا البلد برمته، لاسيما السنة، والتخلي عن إستراتيجية التعتيم والمراوغة وتشويه الحقائق، التي دأب علي اتباعها طيلة عقود طويلة مضت . غير أن شواهد عديدة، من بينها ردود فعل النظام الإيراني علي أية أحداث عنف طائفي تجتاح البلاد توحي بأنه لا يبدو مؤهلا أو مستعدا لذلك، علي الأقل في المدي المنظور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.