لا أظن أن قيادات الإخوان فى مجلس الشعب قد قرأت مسرحية توفيق الحكيم «السلطان الحائر» ليس لمجرد أنها مسرحية رمزية ولكن لأن الإخوان لا يحبون الأدب، وسلطان الحكيم كان حاكما عادلا ومحبوبا، ولكن أحد المواطنين اكتشف أن السلطان السابق مات قبل أن يعتقه. فسلطان البلاد إذن لا يزال مملوكا، والمملوك الذى مات سيده يعد من أموال الدولة ويباع فى المزاد مثل الجوارى. حيرة سلطان الحكيم أن منافقيه اقترحوا عليه حلاً سهلاً وهو قطع رقبة المواطن الذى يفضحه فى الأسواق. ومستشاريه المحترمين اقترحوا عليه حل الازمة بالقانون. فالسلطان كان حائرا بين قوة السيف وهيبة القانون، اختار السلطان الاحتكام للقانون، ولكنه فوجئ بقاضى القضاة يقترح إقامة مزاد صورى ليشترى السلطان نفسه فى السر. عرض القاضى أن يتلاعبوا باللوائح والقوانين لينهوا أزمة الشرعية التى تهدد البلاد بهت سلطان الحكيم وغضب، وقال إنه يريد العدالة وروح القانون، وأن التلاعب بالقانون لا يختلف عن استخدام السيف كلاهما يمكن أن ينقلب عليك فالسلطان يريد أن يحل أزمة «رأس الدولة» دون تلاعب بالقانون. ولا لجوء للقوة أو الظلم، فقد فهم سلطان الحكيم أن العدل يحميه من أعدائه، وأن التلاعب بالقانون ينقلب عليك فى أى لحظة مثل السيف الذى يقطع رقبتك بنفس السرعة التى قطعت بها رقاب خصومك. ولكن يبدو أن الإخوان ومعهم بعض الليبراليين والثوريين لم يستوعبوا درس سلطان الحكيم. فاللجوء إلى تفصيل قانون لمنع خصم واحد للثورة من الترشح للرئاسة هو الحل الأسهل والأخطر، والتلاعب بالقانون لصالحك اليوم، يمهد للتلاعب بالقانون ضدك غدا. تفصيل القوانين مثل الرمال المتحركة يغرى بمزيد من الانغماس فى آفة تفصيل القوانين، ولذلك فبعد أقل من أسبوع من تفصيل قانون «سليمان» اقترح بعض نواب الاخوان تفصيل قانون أو تعديل لحل أزمة خيرت الشاطر مع «رد الاعتبار» وفى صولاته وجولاته الإعلامية بشرنا النائب الإخوانى صبحى صالح بأن هناك نية لتفصيل قانون لمنع وإقصاء لفئات أخرى من المجتمع، ضربة مقص هنا وخياطة هناك لتفصيل واقع على مقاس الإخوان. فنحن أمام «مقصدار» إسلامى سيحول دولة القانون التى حلمنا بها إلى ترزى شرعى لتفصيل القوانين لصالح التيارات الإسلامية. ولذلك انتظروا أن ينغمس مقص الإخوان فى المزيد والمزيد من التفصيل القانونى الردىء لأن الوصول إلى دولة القانون صعب، ولكن الوصول للترزى الشرعى مجرد فركة كعب.