كيف خانت الجماعة شباب السلفيين والجماعة الإسلامية قبل فض رابعة إعترافات شاب إخوانى: قادة الجماعة قدمونا إلى الموت... وهربوا قبل الرصاصة الأولى
الجماعة قبلت صفقة لفض شكلى للميدان رعاها محمد البرادعى... ولما رفضها السلفيون وشباب الجماعة تخلى الإخوان عنهم وتركوهم ليسقطوا ضحايا
ليس من المنطق ولا العقل ولا الإنصاف القول بأن كل من كانوا فى رابعة العدوية مغييبن أو مضحوك عليهم، أو تعرضوا لعملية غسيل مخ من قبل جماعة الإخوان المسلمين، فهناك وتحديدا أعضاء الجماعة وشبابها ذهبوا إلى هناك وهم يعرفون جيدا ماذا يريدون، وما هو الهدف الذى يعملون لتحقيقه. لقد صور لهم غرورهم أن اعتصامهم برابعة العدوية يمكن أن يجبر الجيش على التراجع والشعب على الإعتذار، فيعود مرسى إلى القصر، وتركب الجماعة على رقاب الجميع مرة أخرى. هل كانوا رومانسيين أكثر من اللازم؟ أم كانوا جهلاء أكثر مما ينبغى، فلم يستطيعوا تحديد قوتهم؟ هل راهنوا على الضغوط الدولية ومساندة الأمريكان وتمدد التنظيم الدولى فى كل دول العالم؟ ربما... لكن ألم يروا هم أنفسهم كيف باع الأمريكان مبارك حليفهم الكبير وكنزهم الإستراتيجى... فلو بيع الأمريكان لمبارك ما وصلت السلطة إليهم. كنت أبحث طوال مدة الإعتصام التى امتدت لخمسة وأربعين يوما عن إجابة لسؤال واحد، وهو: هل يعتقد هؤلاء أنهم يمكن أن يهزموا الجميع؟ كان صمودهم لافتا... آلاف يقفون فى حر الشمس صائمين يرددون هتافات محددة بنفس الحماس، يستمعون لخطب حماسية من قادة الجماعة، يهللون لكل كلمة تقال تدفع فى شرايينهم بدم الإنتقام الساخن، تهديداتهم الحاسمة بانهم سيدفنون كل من يقترب منهم، تحديهم الواضح للجيش والشرطة، تصديرهم لصورة المقاتلين الأشداء وهم يمسكون بعصى غليظة فى أيديهم، ويقومون ببعض التمرينات الرياضية. الصورة على البعد لم تقدم إجابة لا واضحة ولا غير واضحة، لكن عندما التقيت به وجدتنى أضع يدى على حقائق كثيرة كانت تائهة فى زحام الإعتصام الذى لم يرحم. أعرفه جيدا لأنه كان من بين طلابى فى الجامعة، ورغم إختلافى الشديد مع كل ما هو إخوانى، إلا أننى كنت كثيرا ما أتحدث معه، خلال فترة الإعتصام اختفى تماما، عرفت منه أنه دخل فى يومه اليوم ولم يخرج مطلقا إلا فى الساعات الأخيرة لعملية الفض، يكتم فى صدره الكثير.... معلومات وتساؤلات وحيرة وغضب وعنف ودماء وأكاذيب، لكنه قرر أن يكتم كل هذا فى صدره وينصرف إلى دراسته وعمله. ينتمى إلى إحدى شعب منطقة راقية، من الإخوان الأثرياء هو، رفض أن يكتفى دوره على مد المعتصمين بالمال أو الطعام، واختار أن يكون معهم، صلى إلى جوارهم، دعا معهم على كل خصوم الإخوان، نام فى خيام لا يدخلها الهواء ويفتك الحر بضيوفها، كانت هناك خيام بها مراوح ومعدة بشكل جيد، لكنه رفض وأقام مع أصدقاءه، لأنه كان يصدق أنهم يمكن أن يجبروا النظام على أن يتراجع. يتبنى الشاب الإخوانى ما يسميه هو الخدعة الكبرى. يقول: لقد تعرضنا لأكبر خدعة فى تاريخ الإخوان المسلمين، لقد ذهبنا إلى هناك وراء قادتنا وشيوخنا دون أن نسأل أو نناقش، كان بعضنا يتشكك فى جدوى ما يجرى هناك، لكن طالما أنهم قالوا فلابد أنهم على الحق، وليس أمامنا إلا أن نسمع ونطيع. لفت إنتباهه حالة الحماس الزائدة فى خطب من يستولون على المنصة، قال لى: كنا نعتقد ونحن نسمع تحديدا إلى ما يقوله صفوت حجازى ومحمد البلتاجى أننا يمكن أن نخرج من الميدان فى أى لحظة ونفتك بكل من يقابلنا، كانوا يتعاملون معنا وكأننا جيش كبير، يمكنه أن يحقق أى انتصار فى أى وقت. فى لحظة محددة استرد هذا الشاب الإخوانى وعيه، كان يعرف أن الموجودين من حوله بلا سلاح، فعليا لم يكونوا مسلحين، كان يرى سلاحا فى أيدى مجموعة محددة، وكان يسمع كثيرا عن السلاح الذى يمكن أن يستخدمونه للدفاع عن الميدان فى مواجهة أى محاولة لفض الإعتصام، لكنه كان على ثقة أن هناك ترسانة من الأسلحة تحت يد الجماعة، وأن هذه الترسانة الكبيرة سوف تخرج فى اللحظة المناسبة، كان يتصور أن الأسلحة التى يضع الإخوان يدهم عليها لا تقل عن طائرات ودبابات ومدافع وقنابل !!!!! ( علامات التعجب من عندى بالطبع) سألته ربما بسذاجة مفرطة: ومن أين تأتى الجماعة بكل هذه الأسلحة؟ قال لى: ألم يكن محمد مرسى رئيسا؟ ألم يكن الجيش يحت يديه؟ مؤكد أنه استطاع أن يحصل على سلاح ويخزنه، لأنه كان يعرف جيدا أنهم لن يسمحوا له بالإستمرار، ثم أنهم كانوا يؤكدون أنهم قادرون على المواجهة، ولا مواجهة دون سلاح. تنهد الشاب الإخوانى بحسرة، قال: كانوا يحدثوننا عن سلاح... لكنهم كانوا يقصدون سلاح السماء فيما يبدو، وهو سلاح لم يستطع أن يفعل شيئا أمام السلاح الحقيقى لحظة الفض. لم يكن هذا هو سبب الحسرة بالطبع، كان هناك سبب آخر، فما جرى عندما بدأ الفض كان مذهلا للشاب الإخوانى ولغيره، على الفور توجهوا لمشايخهم وقادتهم، وبدون أن يتحدثوا معهم، سمعوا القادة يقولون لهم: اذهبوا واطلبوا الشهادة الجنة فى انتظاركم. لم يكن لدى الشباب الإخوانى ازمة بالمناسبة فى الموت أو طلب الشهادة، لكنهم كانوا يريدون أن يقاتلوا أولا، أن يقوموا بما عليهم أولا، فإذا ما قتلوا بعد ذلك يشعرون أنهم قدموا شيئا له قيمة، لكن أن يخرجوا بصدور عارية ودون أن يكون معهم سلاح، فلا معنى لذلك إلا أنهم مجرد وقود لمعركة لا ناقة فيها ولا جمل لهم. أدرك الشاب الإخوانى أن الإخوان ليسوا أكثر من تجار جثث، يريدون أن يموت أكبر عدد من الشباب حتى يتم التفواض بحق الدم بعد ذلك، لا يشغل الإخوان من يموت ومن يعيش، لا يشغلهم أن تترمل زوجة أو يتيتم إبن، المهم لديهم أن تظل المعركة مشتعلة إلى النهاية، اعتقادا منهم أنهم يمكن أن ينتصروا فى النهاية. من كلام الشاب الإخوانى أمسكت بطرف خيط أعتقد أنه مهم. فبعد فض رابعة لم ينشغل الإخوان المسلمون بدفن من ماتوا، بقدر ما انشغلوا باستعراض الجثث وتصويرها والحديث بمبالغة كبيرة عن أعدادها ( بمناسبة أعداد من ماتوا فى رابعة لا يوجد حتى الآن إحصاء واحد حقيقى يمكن أن نعتمد عليه، فالإخوان ومن يسيرون خلفهم يبالغون فى الأعداد، ويصلون بها إلى عدة آلاف، والدولة تقلل من العدد وتصل به إلى 600 فقط، وما أعرفه أن جماعة الإخوان لم تستطع أن توثق إلا 800 قتيل فقط فى فض الإعتصام، أما الأعداد الكبيرة التى يتحدثون عنها، فلم يتمكنوا من إثباتها). هناك من بين شباب الإخوان من يعانون من مشهد النهاية، يقولون أن البدايات دائما جميلة ومشرقة ومبشرة، بدايات الإعتصام كانت حالة مبهرة، صوروا لهم أنهم جند الله الذين أرسلهم لينقذوا الإسلام، استنهضوا الهمم، وتعاملوا مع الشباب على أنهم قادة الإسلام الجدد، الذين لا يقلون باى حال من الأحوال عن الصحابة الأولين الذين نصروا الإسلام ورفعوه على الجميع. لكن النهاية كانت مخزية، وجد الشباب قادتهم الذين قادوهم إلى الموت يهربون من الميدان قبل أن يتم فضه... خرجوا بحثا عن النجاة، وحتى عندما قيل لهم بعد ذلك أن قادة الجماعة كان لابد أن يهربوا حتى يتمكنوا من قيادة المعركة بعد ذلك، لم يقتنعوا بشئ، لأنهم وجدوا بعض قادة الجماعة عندما سقطوا ينكرون صلتهم بما جرى، أسد الميدان كما كانوا يسمونه صفوت حجازى أنكر تماما أن يكون معه سلاح، وحتى يخفف الإخوان من صدمة ما قاله، زعموا أن من أمسكوا به ليس صفوت حجازى من الأساس، لكن ظهر الرجل فى المحكمة وتأكد للجميع أنه هو من سقط قبل هروبه إلى ليبيا، وأنه هو تماما من حاول إنكار أى صلة تربطه بجماعة الإخوان المسلمين. يروج الإخوان لفيديوهات يزعمون بها ان قادة الإخوان ظلوا حتى الساعات الأخيرة لفض الإعتصام، وانهم وقفوا إلى جوار الشباب ولم يتركوهم فى الميدان بمفردهم، دون أن يجيبوا عن سؤال مهم، وهو لماذا لم يسقط أى من هؤلاء القادة قتيلا أو جريحا كما سقط الآخرون، وكيف استطاعوا الهرب من الميدان بعد أن تمت السيطرة عليه. مساء 13 أغسطس وفى الساعات الأولى من صباح 14 أغسطس حيث تم الفض، كان قادة الجماعة يعرفون جيدا أن ساعات قليلة تفصلهم عن تنفيذ الفض، وأن المسألة هذه المرة جدية ولا رجعة فيها، بعد أن رفضت الجماعة كل عروض محاولات التفاهم مع النظام الجديد، كانوا يعرفون أن قتلى كثيرون سوف يسقطون، لكنهم واصلوا تحميس الشباب والدفع بهم إلى القتل. بعد صلاة الفجر لم يكن فى أرض الميدان كثيرون، كانوا قد أنهو صلاتهم ودخلوا إلى خيامهم ليناموا، لحظتها صعد صفوت حجازى فوق المنصة، وأمسك بالميكروفون وأخذ ينادى على المعتصمين بأن يخرجوا وأن يدافعوا عن ميدانهم، ويتوعد كل من يقترب بالهلاك، فالذين يقفون فى الميدان ليسوا رجلا بل أسود يستطيعون أن يدافعوا عن الإسلام، ما الذى فعله صفوت بعد ذلك، لا أحد يدرى، أخرج الناس من خيامهم ثم اختفى هو، فى حالة نادرة من الخسة، اعتقد أن كثيرين لا يمكن أن يسامحوه بسسبها. لقد كانت قبل قادة الإخوان المسلمين فى الأيام الأخيرة أن يتم إخلاء الميدان من المعتصمين، كان الإتفاق الذى رعاه البرادعى هو أن تقوم قوات الأمن بالتوجه إلى مقر الإعتصام، تعلن أنها جادة فى فض الإعتصلام، فيستجيب المعتصمون حقنا للدماء، فيحتفظ الجميع بماء وجههم، الجماعة حافظت على أرواح أبناءها، والنظام فعل ما يجب أن يفعله، وتنتهى هذه المأساة تماما دون خسائر، وبعدها يتم التفاوض فيما يخص وضع الجماعة فى الحياة السياسية المصرية. كانت مهمة قادة الجماعة هى أن يقنعوا حلفاءهم من السلفيين الذين اعتصموا إلى جوارهم وشباب الجماعة الإسلامية بان يقبلوا فض الإعتصام دون خسائر، لكن شباب السلفيين وشباب الجماعة اسلامية رفضوا الفكرة تماما، واتهموا من تبنوا الفكرة من الإخوان بالتخاذل والهوان، أبدى الإخوان تفهمهم لموقف السلفيين والجماعة الإسلامية، ولم يعودوا مرة أخرى للحديث عن صفقة الفض، لكنهم ودون أن يخبروا أحدا تسربوا من داخل الإعتصام. لم يكن ياسر برهامى كاذا عندما قال أن معظم من ماتوا فى رابعة كانوا من بين شباب السلفيين، ولم يكن من قالوا من بين قادة الجماعة الإسلامية أن شبابهم سقطوا ضحايا فى رابعة يكذبون، لكن لم يشر أحد إلى أن قادة الجماعة ارتكبوا خيانة جديدة قبل فض رابعة، فقد باعوا الجميع من أجل أن يخرجوا هم سالمين، معتقدين أن الله يعدهم لمعركة أكبر.