منذ بدء اعتصام انصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية في 28 يونيو 2013، وحتى فضه في 14 اغسطس من العام نفسه، انهمر سيل من المعلومات حول حقيقة ما جرى، كل يراها بمنظور مغاير، لكننا حاولنا هنا بقدر الامكان عرض رؤى الأطراف المختلفة، و"تفكيك" عناصر المشهد، ليقوم القارئ بإعادة بنائه بنفسه وتحديد موقفه مما حدث.. صحيح أن هناك تقريرا صدر في مارس الماضي، أعدته لجنة تقصي الحقائق المشكلة من المجلس القومي لحقوق الانسان حول ملابسات فض اعتصامي رابعة والنهضة، الا ان البعض أخذ عليه لعدم النقص فى المعلومات من جانب المعتصمين أو قوات الأمن. وخلال الشهر المقبل، من المفترض ان يصدر التقرير النهائي للجنة تقصي حقائق 30 يونيو، والمشكلة بقرار من الرئيس السابق عدلي منصور في ديسمبر 2013، والتي صرح رئيسها د. فؤاد عبد المنعم رياض من قبل، بأنهم تمكنوا من الوصول الى الرقم الحقيقي لعدد ضحايا فض الاعتصامين. التقينا المستشار عمر مروان –أمين عام اللجنة – لكنه رفض تماما الافصاح عن أية معلومات أو إحصائيات من تلك التي تم التوصل اليها، لكنه أكد بشكل قاطع ان التقرير النهائي سيتضمن العدد الحقيقي للضحايا مرفق بأسمائهم. وأضاف:" اللجنة مازالت تدقق في كل الأرقام، خاصة أن هناك احصاءات ترد من جهات مختلفة دون تدقيق ودون أسماء، وبالتالي لا يمكن التسليم بها، أما عن الوقائع التي شهدها الإعتصامان، فقد سألنا عددا من المحبوسين في القضايا المتعلقة بفض الاعتصام، وحصلنا منهم على افادات بما حدث وسيتم الاعلان عنها بعد انتهائنا من عملنا خاصة انه لا يقتصر على احداث رابعة وانما يمتد حتى 3يونيو 2014، وعلى جانب آخر فقد تعاونت اجهزة الدولة بما فيها وزارة الداخلية مع اللجنة بصورة جيدة " أخطاء وجرائم تقرير المجلس القومي لحقوق الانسان انتهى الى أن عملية الفض وما شابها من اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن والمعتصمين قد خلفت 632 قتيلاً بينهم 624 مدنيًّا و8 من رجال الشرطة٬ وتم تشريح 377 جثة فقط والباقى صدرت لهم تصاريح دفن بمعرفة مفتش الصحة، بناء على طلب ذوى الضحايا وتصريح النيابة العامة، ويعتقد أصحاب التقرير أن معظم الضحايا كانوا من المعتصمين الذين لم يتمكنوا من الخروج من دائرة الاشتباك المسلح، اما ضحايا اعمال العنف التي اندلعت في 22 محافطة كرد فعل مباشر على فض الاعتصام واستمرت حتى مساء 17 اغسطس 2013 فقد خلفت 686 قتيلاً منهم 622 مدنيًّا و64 من رجال الشرطة. التقرير وثق ايضا وقوع بعض الجرائم التى أودت بحياة بعض المواطنين الذين تواجدوا لأسباب مختلفة في الاعتصامين٬ قبل الفض، وغالبًا ما كانت أسباب الوفاة ناتجة عن تعذيب أو استعمال القسوة، وهو ما تعززه شهادات الناجين من التعذيب٬ حيث وردت إلى مصلحة الطب الشرعى فى تواريخ سابقة على فض الاعتصام ستة جثامين من محيط اعتصام رابعة وحالتان بحديقة الأورمان من اعتصام النهضة، وثلاث حالات فى مقلب قمامة بمنطقة العمرانية، ليكون إجمالى حالات القتل 11 حالة. وانتقد التقرير حمل المدنيين للسلاح داخل الاعتصام وفقا لبعض الشهادات٬ مما ينفى عن الاعتصام صفة السلمية٬، ومع ذلك يقر التقرير بأن قوات الأمن قد تعرضت للاستفزاز من قبل المعتصمين. ومن خلال الشهادات التي توافرت للجنة فقد بادر عدد من المعتصمين باستخدام الاسلحة ضد قوات الأمن ٬ واتخذوا مواضع لإطلاق النيران من بين المعتصمين السلميين٬ فصنعوا منهم دروعا بشرية، كما انتقد التقرير إخفاق قوات الامن أحيانا فى ضبط النفس مما أخل بالتناسبية في كثافة إطلاق النيران، بشكل لا يتناسب مع الهدف وإسكات مصادر إطلاق النيران تجاه الشرطة. الأهرام من جانبها حصلت على بعض الشهادات سواء كانت من جانب عدد من المعتصمين المنتمين لجماعة الإخوان وانشقوا عنها فيما بعد، أو من سكان المنطقة المحيطة نضعها –وغيرها- أمام القارئ كل الروايات دون تحيز لطرف أو لآخر. ..وشهد شاهد من أهلها عمرو عمارة من"تحالف شباب الإخوان المنشق" او كما يفضل تسميته هو "شباب التيار الإسلامي" ، كان قد غادر أرض الإعتصام قبل فضه ب14 يوماً غير اسف على الرحيل، ولم يتخذ القرار ومعه مائتين من زملائه بشكل مفاجئ، بل نتيجة لتراكمات عديدة نتيجة للتغيرات التي طرأت على قيادات الجماعة بعد صعودها السياسي؛ فوفقاً لعمارة، ضعف التواصل بينهم وبين شباب الجماعة وغاب الصدق عن تعاملاتهم وكان للمواقف المتتالية، ومنها محاصرة المحكمة الدستورية، وأحداث قصر الإتحادية؛ التي لمس فيها هؤلاء الشباب استغلال القيادات لهم؛ أبلغ الأثر في إعادة تقييمهم لحال الجماعة. وبالرغم من كون عمارة مخلصا في إنتمائه للجماعة، خاصة مع عمله بالقرب من المهندس خيرت الشاطر، بالاضافة إلى عمله مسئولاً عن ملف التوظيف في أمانة عين شمس، فإن وضع الشباب في مقدمة صفوف المواجهات كان كفيلا بزعزعة هذا الإخلاص. المشاركة في الإعتصام بالرغم من كل ما وقر في نفس "عمارة" وغيره من الشباب كان أمراً لا مفر منه، فمازال انتماؤهم للجماعة قائما بالرغم من اقتناعهم بأن مطالب الإعتصام غير قابلة للتنفيذ وأنهم لمسوا بأنفسهم الإنشقاقات التي بدت واضحة بين صفوف القيادات ذاتها، وخلال أكثر من 30 يوماً قضاها عمارة داخل إعتصام رابعة كون شهادته، فيقول:" كانت المشاركة الأولي في الإعتصام لأعضاء الجماعة من محافظتي القاهرة والجيزة، ولكن مع ما تردد في الإعلام عن ضعف المشاركة بدأت الجماعة في حشد أعضائها من المحافظات وخاصة الأرياف وبعدها طالبوا بحضور النساء والأطفال، أما الإنفاق فقد كان كبيرا جداً فكان الطعام والشراب مجانيا لكل من يريد". ووفقاً لشهادته ينفي عمارة قيام الجماعة بتقديم مبالغ مالية من أجل المشاركة كما ينفي تماماً ما تردد عن جهاد النكاح، بينما يؤكد وجود غرف للتعذيب بمدرسة "عبد العزيز جاويش" وفقاً للشهادات التي اطلع عليها من مشاركين آخرين في الاعتصام، كما يؤكد ما تردد عن الاحتفاظ بالبطاقات الشخصية للمعتصمين لإجبارهم على البقاء فيه. يكمل عمارة قائلا:" ظهرت الاسلحة في اعتصام رابعة مع احداث الحرس الجمهوري التي اشعلها قيادات الأخوان عصام العريان ومحمد البلتاجي بترويج شائعة اطلاق الحرس للرصاص على المصلين وكان مقر هذه الأسلحة في "طيبة مول "لذلك كان أهم موقع في الإعتصام والأكثر تأميناً"، واشار إلى أن الكثير من شباب الأخوان كان يتلقي تدريبات خاصة في معسكرات بمدينة بورسعيد، ويعود عمارة ليؤكد علي سلمية نحو 80٪ من المعتصمين بينما يمثل التسليح 20٪، وهم التنظيم الخاص وقيادات الجماعة. بلاغان للنائب العام حسين عبد الرحمن – المتحدث الاعلامي باسم حركة اخوان بلا عنف، وهي التي شكلها عدد من المنشقين عن الاخوان بعد احداث الحرس الجمهوري ووصل عددهم الان الى 19الفا، يوضح لنا هو الاخر عددا من الحقائق، نبدأها ب "الاعتصام المسلح" فيقول: لم ار بعيني اسلحة لكن هذا لا ينفي وجودها، فبشكل مبدئي، كانت عناصر تأمين الاعتصام تحوز اسلحة خفيفة كالشوم والعصي والاسلحة البيضاء، اما الاسلحة النارية، فلم تظهر الا لحظة فض الاعتصام، وخرجت عندما بدأت كاسحات قوات الامن بهدم الساتر المقام على حدود الاعتصام، وخرج 15 عنصرا من العناصر المسلحة وكانوا مقنعين، ومن المرجح انهم ينتمون ل" تنظيم سري ب" وهو الذي يلتحق به المقربون من قيادات الجماعة ويتمرنون على استخدام السلاح، أما الفرقة 98 او ما نسميهم نحن" أحفاد البنا" فهؤلاء يتمرنون فقط على الألعاب الرياضية من سباحة وركوب خيل ومصارعة حرة. ويتصور حسين المشهد لحظة بدء قوات الامن بالتمهيد لفض الاعتصام، حيث ارتبك المعتصمون ، خاصة وانه كان يتم تغذيتهم باخبار عن عدم قيام الدولة بفض الاعتصام بالاكراه والاعتماد على الحلول السلمية والمفاوضات، خشية سقوط ضحايا، ولهذا حدث نوع من البلبة والتخبط والهيستيريا في ردود الفعل مع وقع المفاجأة، ومع ذلك فهو لا يمكنه الجزم بمن بدأ بإطلاق النار، ولا يستطيع ان يكذب او يؤكد ان بداية اطلاق النار جاءت من داخل الاعتصام في اتجاه قوات الشرطة، لكن بالتأكيد كانت هناك مقاومة عنيفة من جانب العناصر المسلحة في الاعتصام، او من قبل المعتصمين باطلاق المولوتوف والحجارة او باشعال النيران في الخيام، والتي امتدت بدورها الى مسجد رابعة العدوية، وكان ذلك بهدف اخفاء وثائق هامة تبين الخطط المعدة والقيادات المسئولة عن تنظيم الاعتصام وحجم الانفاق المالي، وكل ذلك لحماية القيادات، وكان على رأسهم أسامة ياسين ومحمود عزت ورشاد بيومي، فضلا عن البلتاجي والعريان وبديع. اما وقائع التعذيب بالاعتصام، فقد اكد عبد الرحمن وقوعها، والتي تعرض لها اعضاء من الحركة نفسها، وتقدموا بالفعل ببلاغ للنائب العام يتهمون فيه قيادات الجماعة بالتحريض على احتجاز 670 من شباب الحركة، ومنعهم من الخروج و معاملتهم معاملة غير آدمية، كما تم جلد بعضهم مائة جلدة لخروجهم علي تعليمات قيادات الجماعة . ويخبرنا احمد يحي- أحد مؤسسي حركة اخوان بلا عنف - أن عدد الضحايا الذي تم تقديره من قبلهم ومن خلال زملائهم ممن حضروا يوم الفض هو حوالي 900 ضحية، وحول وجود اسلحة داخل الاعتصام فقد اشار يحيى الى انهم تقدموا قبل فض الاعتصام ببلاغ الى النائب العام ضد قيادات الاخوان بتهمة استيراد وحيازة سلاح بعد أن رصدوا فجر احد الايام دخول العديد من الشاحنات لميداني رابعه والنهضة، محملة بالعديد من الأسلحة متعددة الطراز، وتشمل صواريخ ومتفجرات شديدة الاشتعال، وبنادق قنص ليزر. هل أخطأت الدولة تواصلنا أيضا مع سمير عامر – احد المنتمين لجماعة الاخوان المسلمين منذ 28 عاما- وكان يزور اعتصام رابعة من حين لاخر ليطلع على ما يجري فيه، حيث لم يكن راض عن وجوده من الاصل وعاب على الدولة تركه كل تلك المدة الزمنية، بل واستطاع ان يقنع كثيرين بالمغادرة. سمير لم ير اسلحة بعينيه لكنه سمع من مصادر يثق بها عن وجودها، اما حول ملابسات فض الاعتصام فقد عرف من صديق له كان حاضرا ان لواء شرطة خاطب المعتصمين في الميكروفون قائلا:" اخرجوا من الممر الامن لاننا سنفض الاعتصام ولا نريد ان نؤذي احدا". لكنه فوجئ باطلاق الرصاص عليه. ولا يعتقد عامر ان كل الضحايا قتلوا برصاص الشرطة وانما نتيجة اطلاق النار المتبادل مع المعتصمين، فضلا عن التدافع والتزاحم والدهس، ولهذا فهو يحمل قيادات الاخوان مسئولية من ماتوا، لانها السبب في تواجدهم من الاصل، بسبب تفكيرها الخاطئ وعنادها ورهانها الخاسر على انقلاب قيادات القوات المسلحة على بعضها بعضا، فضلا عن أصحاب المنصة والذين كانوا يحثون المعتصمين على "الثبات" اثناء عملية الفض، لكن مع ذلك انتقد عامر اسلوب قوات الامن في فض الاعتصام، حيث كان يرى ان الطريقة المثلى هي ان يتم منع دخول من يخرجون من الاعتصام وبالتالي سيتبقى المعتصمون الدائمون ..و سكان رابعة يسترجعون الأحداث لم يكن الاعتصام بالنسبة لسكان رابعة العدوية مجرد رد فعل على الأحداث السياسية الجارية ولكنه كان معاناة يومية حقيقية يعيشونها لحظة بلحظة، الامر الذي جعل بعضهم يصفه بالاحتلال أو على الاقل هو انتهاك لأبسط حقوق الحياة. واحدة من هؤلاء السكان والتي فضلت عدم ذكر اسمها، أكدت أن الوضع المأساوي الذي عايشته هي وأسرتها لفترة تجاوزت الشهر ونصف شهر كان أكبر من أن تتحمله، وتتابع:" كنا نتحمل أسلوبهم الفظ حتى لا نتعرض لأي أذى منهم، فهم لم يراعوا أي أصول، لا إنسانية ولا حتى دينية، فأقل أذى كنا نتعرض له هو أصواتهم التي كانت تتعالى في أي وقت بالأناشيد " الحماسية" التي تحثهم علي الجهاد . وتضيف:" أثناء الإعتصام تكشفت لنا العديد من الحقائق التي تؤكد تخطيطهم لهذا الحدث، فقد قام عدد منهم بتأجير شقق سكنية بالعقارات المحيطة انتظارا لهذا الاعتصام". " سواء اتفقنا أم اختلفنا حول اذا ما اقتصر الإعتصام على جماعة الأخوان أو ضم فئات اخرى، فقد كان هناك فئات متباينة ثقافياً واجتماعياً، " كان فيه ناس غلابه أوي، وناس جاهله أوي، وناس عرفت تسيطر على غيرها، وناس معاها فلوس"..هكذا وصفت "أ" -من سكان منطقة رابعة والتي فضلت هي الاخرى عدم ذكر أسمها- رواد هذا الإعتصام. وتعود بالذاكرة إلى أسابيع قليلة قبل بدء الأحداث وتقول:" كانت المسيرات والوقفات تتجمع يوم الجمعة أمام مسجد رابعة العدوية واستمرت لثلاثة أسابيع متتالية، وكانت تستمر طوال اليوم، وفي نهايته كان المتظاهرون يقومون بتنظيف المكان ويرحلون، ولكن مع الأسبوع الثالث بدأ نصب الخيام ورويداً رويداً بدأ غلق الشوارع واحتلال المنطقة". وتتابع:" في هذه الأثناء كان تضرر السكان كبيرا جداً ولكن كانت طبيعة المشاركين في الإعتصام تتيح لنا النزول اليهم والحديث معهم بل ومحاولة إقناعهم بالرحيل أوعلى الأقل عدم تقييد حريات وحقوق سكان المنطقة في الدخول والخروج من منازلهم ولكنهم كانوا يماطلون بل احياناً كانوا يطرقون الأبواب مطالبين بإستضافة أسر من المعتصمين بدعوى الجهاد؛ وكانوا يستخدمون اسلوبا "ناعما"، فعرضوا علينا أن يرسلوا لنا من يقضي عنا مشاوير السوق والطلبات بل حتى تنظيف المنزل! و وصل بهم الأمر إلى مٌطالبتنا بعدم غلق أبواب العقارات حتى يجلس المعتصمون في مداخلها". الوضع كان أكبر من أن نتحمله ولهذا أنشأ سكان المنطقة صفحة علي مواقع التواصل الإجتماعي وتم الاتفاق على تنظيم وقفة احتجاجية عند نادي الزهور للمطالبة برحيلهم، وهنا كانت بداية ظهور البلطجية والمسلحين بأنواع مختلفة من السلاح، والتي رأيناها بأنفسنا؛ فقد كانوا ينتظرون السكان عند عودتهم وراء الأشجار في الحدائق المحيطة بالعقارات عند مسجد رابعة." وتكمل"أ" شهادتها:" بالطبع كان الاعتصام مسلحا وقد شاهدت بنفسي أشخاصا يحفرون أرض الحديقة ويضعون فيه طبنجات وبنادق وكلنا شاهدنا الهيستريا الجماعية التي أصابتهم بعد إلقاء القبض على محمد مرسي وإطلاقهم للأعيرة النارية طوال هذا اليوم ". وتتابع:" يوم أحداث الحرس سمعنا محمد البلتاجي في ميكروفونات منصة رابعة يحشد المعتصمين ضد الجيش، ويقنعهم أن محمد مرسي محتجز بدار الحرس، وبعد عدة ساعات من إنطلاق المسيرات بدأ ظهور الجثث التي كان يعود بها المعتصمون من هناك وتم منع أهالي هؤلاء الضحايا من رؤية جثامين ابنائهم بقوه السلاح"، وبعد تلك الاحداث ظهر مستوي أخر من الناس كانوا فقراء للغاية، وقال لي أحدهم ذات مرة أن الخيمة التي يجلس بها أرقي بكثير من المكان الذي يعيش فيه بأسوان".. وتشير "أ" إلى أن الإنفاق على الإعتصام ببذخ من أكثر ما لفت إنتباه السكان، فيومياً كانت تذبح بقرة أو إثنتين داخل "مدرسة عبد العزيز جاويش" وكانت تقدم أصناف الحلوي من أرقي المطاعم بكميات كبيرة، وعربات النقل المحملة بالعصائر من إحدى الشركات الشهيرة وكذلك الوجبات الجاهزة. وبالرغم من تعاطفها مع الفقراء الذين ضمهم الإعتصام؛ إلا أن "أ" تتذكر "خيانتهم" عندما قامت إحدى القنوات الفضائية بوضع مجموعة من الكاميرات فوق سطح العقار الذي تقطنه، وقامت ببث منظر عام للإعتصام في وقت الظهيرة عندما يدخل الناس إلى الخيام، فبدا الاعتصام خاليا ، فصعد مجموعة من المعتصمين إلى سطح العقار واصروا علي أخذ المٌعدات والمصورين، لولا أن سكان العقار اخفوا الكاميرات و تفاوضوا معهم على ترك المصورين، ولكن بعد عدة ساعات خرجوا على أصوات إرتطام وضرب فوق سطح العقار ووجدوا الدماء تسيل من المصعد وبداخله جثتين لشابين من الفنيين ، بالرغم من وعدهم بأنهم أعطوا الأمان للجميع . فض الإعتصام " المناشدات بالرحيل والخروج الأمن بدأت قبل فض الإعتصام بنحو عشرة أيام" .. تكمل "أ" قائلة:"كانت المنشورات تلقي يومياً من الطائرات الهيلكوبتر وكان " البلتاجي" و"صفوت حجازي" يٌمعنان في السخرية منها ، اما في فجر يوم فض الإعتصام بدأت مكبرات الصوت التابعة للشرطة في بث رسائلها الخاصة بممرات الخروج الأمن منذ الخامسة فجراً وحتي السابعة صباحاً وبعد هذا التوقيت بدأ إطلاق النار ولا نعرف من الذي بدأ بعدها خرجنا لنري ما يحدث فوجدنا الكثير من جثث المجندين وايضا جثث المدنيين. وتتعجب "أ" من قادة الإعتصام الذين كان كل همهم حتي في هذه اللحظة أن يشحنوا الناس ولا يتركوهم للرحيل في أمن وسلام بل ظلوا علي المنصة يبثون سمومهم بل ويستغلونهم وتصف "أ" المعتصمين في لحظة النهاية لفض الأعتصام بأنهم كانوا في حالة تخبط وذهول مثل "التائهين".