«الفجر» انفردت باسم التحالف الفائز بمحور القناة قبل شهر «دار الهندسة» تأسست فى البحرين ويملكها فلسطينيون يحملون الجنسية الأردنية ومقرها الرئيسى فى بيروت
منذ شهر نشرنا أدق تفاصيل مشروع محور تنمية قناة السويس، نشرنا اسماء المكاتب الاستشارية المتقدمة للفوز بالمشروع، ونسب التقييم التى حصلت عليها التحالفات التى تقدمت للمشروع، ونشرنا أول وثيقة من ملف محور قناة السويس تضمنت أسماء المكاتب التى تقدمت ودرجاتها الفنية، وأعلنا أن دار الهندسة هى الفائزة بالمشروع، ووقتها طرحنا تساؤلات حول التحالف، بعض أسئلتنا أجاب عنها ممثل الشركة فى عرضه لإمكانات التحالفات وطبيعة الشركات المشاركة فيه، خلال حفل إعلان اسم التحالف الفائز بالمشروع وهو «دار الهندسة» وبعض الأسئلة تظل حائرة فى انتظار اجابة قاطعة، ونشرنا تفاصيل نقل ملفات المشروع لجهاز الأمن القومى للموافقة أو رفض التحالفات، ونشرنا قصة صياغة عقود المشروع التى تم إرسالها لمجلس الدولة، وهو ما أعلن عنه يوم الثلاثاء الماضى رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش.
كانت هذه الانفرادات بقلم الأستاذ عادل حمودة، وجاءت صحف وقنوات فضائية فى وقت متأخر لتقتطع جملاً من كتابات عادل حمودة وتنسبها لمصادرها الخاصة، وتدعى أنها صاحبة الانفراد والسبق، بعض الصحف حاولت الإضافة لتخرج بما كتبت من سباق المعلومات الجادة، ومعظمها لم يشر من قريب أو بعيد لصاحب السبق والانفراد الحقيقى، انفراد فى ملف سيظل المصريون يتحدثون عنه لعشر سنوات قادمة على الأقل.
من حقنا اليوم أن نحتفى بما قدمته «الفجر» لقرائها من انفرادات.. ومن حقنا ايضا أن نشير للعلامات الغامضة فى هذا الملف.. فالشركة الفائزة بالمشروع طبيعتها مربكة، فهى شركة تملكها عائلة فلسطينية يحملون الجنسية الأردنية ويشاركهم سعوديون، ومقر الشركة الرئيسى فى بيروت بينما الشركة مسجلة فى البحرين.
نعود لانفراد «الفجر» وكان تحت عنوان «تسخين المشروعات الكبرى بعد دفنها فى فريزر الحكومة!».. وعنوان آخر فرعى «مكتب دار الهندسة الفائز بمحور القناة يمتلكه فلسطينيون شركاء لمقاولات بن لادن ويشرفون على مشروع منافس فى السعودية».. تحت هذه العناوين كتب عادل حمودة ملخصاً للمشروع، كان ذلك فى وقت غابت فيه الملامح والمعلومات الدقيقة حول المشروع العملاق، وقال: إن المشروع يتلخص فى ثلاث مناطق للتنمية الاقتصادية.. منطقة لخدمات السفن (18 ألف سفينة عابرة فى السنة بجانب 4 آلاف سفينة تدخل بورسعيد أو السويس فقط) تقدم لها كل ما تحتاج من رعاية وصيانة.. ومنطقة تقسم مشروعات صناعية للتصدير وتتمتع بإعفاءات جمركية وضريبية.. ومنطقة ثالثة لوجستيكية لتخزين المواد المؤثرة فى التجارة العالمية لتقدمها لمن يحتاجها بسرعة مناسبة.
ويكفى للتدليل على أهمية المشروع أن المرحلة الأولى منه تتكلف 50 مليار جنيه.
وطرحت هيئة قناة السويس كراسة شروط توجب تخطيطا اقتصاديا.. وتسويقا استثماريا.. ودعاية للمشروع.. واشترطت الاستعانة بخبرات أجنبية.
وتقدمت تسعة مكاتب استشارية فى 10 إبريل الماضى.. وفاز مكتب دار الهندسة بالمحور بتقييم فنى (86%) بينما حصلت الثلاثة مكاتب التالية على (80%) بفارق لا يزيد على (8%).. وهو فارق ضئيل.
واعترض بعض التحالفات على هذه النتيجة ورفعت مذكرة لرئيس هيئة القناة مهاب مميش أرسلت صورة منها إلى رئاسة الجمهورية، قالت المذكرة: إن من غير المعقول فى الأعمال الاستشارية المتخصصة «أن يكون الأعلى فنيا هو أقل الأسعار ماليا لأن الوصول إلى مستوى فنى عال يحتاج إلى توظيف كفاءات نادرة ووقت مناسب وهذا يرفع التكلفة.. وهذا يتنافى مع المكتب الفائز إذ إن سعره هو الأقل ويصل عرضه إلى نصف عروض المكاتب الأخرى» ما جعل الخبراء يؤكدون أنه لا يمكنه مطلقا تنفيذ ما هو مطلوب طبقا لكراسة الشروط والمواصفات بالتقنية المهنية العالية.
وفى المذكرة نفسها: إن المكتب الفائز يمتلكه فلسطينيون (عائلة الشاعر المقيمة فى الأردن) وهو مكتب فرعى لشركة أجنبية ما يتعارض مع الشروط التى وضعتها نقابة المهندسين لعمل المكاتب الاستشارية.. ولو صح ذلك فإن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر.. ولو كان فوز المكتب أمرا قانونيا فليعلن ذلك من باب الشفافية.
ولاحظ المنافسون أن الهيئة تركت مهمة التقييم الفنى للبنك الدولى، وهو جهة غير متخصصة فى مثل هذه المهام، فكان أن اختار البنك الدولى شركة فرنسية لتتولى المهمة نيابة عنه دون الكشف عن السبب أو تبرير اختيارها وحدها.. «وكان من الواجب الإعلان عن اسم المكتب وسبب اختياره وسوابق أعماله ومن دفع أتعابه؟ لتحقيق الشفافية أيضا».
ولاحظوا أيضا أن موعد فتح المظاريف تأجل شهرا عن الموعد الذى يحدده القانون وهو فتح المظاريف فى يوم تسلمها.. وقد سلمت المظاريف فى 10 إبريل وفتحت فى 8 مايو التالى.. ما يعنى أن المستندات غابت شهرا كاملا بدون دراسة من قبل لجنة التقييم.. فأين كانت المستندات طوال هذه المدة؟ وهل هناك شركات تقدمت بعد الوقت المحدد؟
ولحقت بالمذكرة التى رفعت للجهات العليا مذكرة أخرى تشير إلى أن شركة مقاولات بن لادن تمتلك 40% من مكتب دار الهندسة.. ولو صح ذلك فإنه يمثل نوعا من تضارب المصالح بين مكتب استشارى يشرف ويراقب ومقاول ينفذ.. لكن.. الأخطر أن دار الهندسة هى المكتب الاستشارى لمشروع ميناء الملك عبدالله وهو مشروع منافس لمشروع محور القناة ما قد يفسر قبولها مشروع القناة بنصف التكلفة.. فهل سيقدر دار الهندسة على أنه يحمل فى جوفه قلبين؟ أم سينحاز إلى شركة بن لادن (شريكته وشريكة شركة هوتا المقاول الرئيسى لميناء الملك عبدالله)؟.
وقال عادل حمودة: إن هناك شكوكاً من قبل المنافسين يجب حسمها حتى لا تنتقل هذه الشكوك إلى الرأى العام فيفقد الثقة فى مشروع يعلق عليه الكثير من الآمال والطموحات.. خاصة أننا فى نظام لا يتردد فى الصراحة والمكاشفة.. ويرفض أن يكرر أخطاء النظم التى سبقته.
الفريق مهاب مميش أعلن رسميا يوم الثلاثاء الماضى اسم التحالف الفائز، وهو دار الهندسة الشاعر ومشاركوه المسجلة بمملكة البحرين بالتحالف مع دار الهندسة مصر، إعلان مميش اكد دقة ما انفردت به «الفجر»، وقال إن هيئة قناة السويس خاطبت هيئة الأمن القومى بخطابين فى 16 و17- 6 - 2014 للحصول على الموافقة الامنية على التحالف الأول والثانى، ووافق الأمن القومى على التحالفين ومنهما دار الهندسة، كما وافق مجلس الدولة على مشروع العقد المقترح بين هيئة قناة السويس والتحالف الفائز وأقر مجلس الدولة بصحة الإجراءات بتاريخ 10 - 8 - 2014، واعتمد كل إجراءات البنك الدولى فى هذا المشروع.
وقال مميش: إن مصادر التمويل المتوقعة لمشروع الحلم المصرى العظيم تتنوع بين الاكتتاب الشعبى والتمويل الحكومى والمستثمرين ورجال الأعمال الوطنيين والبنوك الوطنية، بالاضافة للمستثمرين ورجال الأعمال الأجانب والبنوك الأجنبية والدول الصديقة والشقيقة.
المهندس يحيى زكى ممثل تحالف دار الهندسة حاول أن يقدم التحالف الفائز للمصريين ويجيب عن اسئلة طرحنا بعضها فى وقت مبكر، قال: إن الشركة الرئيسية فى هذا التحالف تضم شركات متعددة التخصصات الهندسية ودراسات الجدوى والدراسات الميدانية، وقال: إن الشركة حاصلة على تقييمات عالمية مرتفعة فى مجال عملها، فمثلا منحتها مؤسسات التقييم المختصة ترتيب الثامن على مستوى العالم خلال عام 2014، وكانت الشركة تحتل المرتبة العاشرة عام 2013، وحاصلة على الترتيب الأول على مستوى الشرق الأوسط والسادسة فى إفريقيا والخامسة فى أمريكا.
وأكد أن دار الهندسة متواجدة فى مصر منذ عام 1974 يعمل بها أكثر من 1700 مهندس، وتصدر الشركة من مصر خدمات استشارية ومهندسين لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وأن الشركة نفذت فى مصر ما يتعدى 132 مشروعاً منها برج المراقبة فى مطار القاهرة، والصالة المغطاة باستاد القاهرة وشارك فى دراسة جدوى لمشروع قناة السويس فى فترة الثمانينيات وتطوير مطار القاهرة خاصة الصالة 3 ومشروع تطوير مطار شرم الشيخ الذى يتسع ل3 ملايين راكب ومطار الغردقة الدولى، وعمل أيضا فى المجال العقارى خاصة فى مشروع مدينتى، وغيرها.. وانتقل الى المشروعات العالمية التى تعمل فيها الشركة وتتركز فى منطقة الخليج خاصة المملكة العربية السعودية.
المعلومة المربكة التى نقلها ممثل «دار الهندسة» أن التحالف بين شركة دار الهندسة العالمية ومقرها البحرين ودار الهندسة مصر، وقال إن دار الهندسة مصر تم انشاؤها عام 1974، ثم عاد ليؤكد أن الشركة العالمية أنشأت مكتبا لها فى القاهرة عام 1995، وكل المشروعات التى شاركت فيها الشركة كانت المشاركة من خلال المكتب الإقليمى، وهو خلط لا نعرف إذا كان متعمدا أم أنه يتحدث عن كيانين مختلفين نقصد «دار الهندسة مصر والمكتب الاقليمى بالقاهرة لدار الهندسة العالمية ومقرها البحرين»، فإذا كان التحالف بين الشركة العالمية وكتبها بالقاهرة فهذا قد يتعارض مع القرار رقم 1684 لسنة 1972 فى شأن انشاء سجل المهندسين الاستشاريين والتراخيض فى تأسيس المكاتب الهندسية الاستشارية، وينص هذا القرار على «يجوز للمهندسين الاستشاريين الأجانب وللمكاتب الهندسية الاستشارية الأجنبية أن تمارس أعمالها فى مصر وذلك بالتعاون المهنى مع أحد المكاتب الاستشارية المصرية بموجب عقد مشاركة لهذا الغرض على أن تودع صورة منه لدى النقابة وعلى أن يتضمن التعاقد مسئوليات المشاركة بصورة جدية ومتكاملة بحيث لا تقل نسبة مشاركة المكتب المصرى عن 50% وكل ذلك بما لا يخل بمصلحة الوطن.
الأمر الاخر الذى عرضه ممثل «دار الهندسة» هو تأكيده أن الشركة تعمل فى مجال تقديم خدمات الاستشارات الهندسية وليس لها مصالح فى مجالات المقاولات والتوريدات، وهو أمر يحتمه القانون، فلا يجوز أن تكون للمكتب الاستشارى علاقة بأعمال المقاولات والتوريدات وهو ما يمثل تعارض مصالح فى حالة وجوده.. السؤال هنا هل بالفعل مجموعة بن لادن السعودية وهى شركة مقاولات شريكة لدار الهندسة بنسبة 40%، وبذلك تكون دار الهندسة تقوم بدور الاستشارى والمقاول فى نفس الوقت؟