جهاز سيادى يرصد اختراق الإخوان للسجون عن طريق بعض الضباط صحيح أن وزارة الداخلية قامت بإجراءات قوية وشديدة للسيطرة على عناصر تنظيم الإخوان داخل السجون بعد عمليات القبض المتتالية عليهم.. والتى تمت بناء على اتهامات لهم بالقتل والتعذيب والتحريض على العنف، ولكن الأمر الذى تتجاهله الوزارة أو تغض البصر عنه رغم وضوحه كالشمس أنه يوجد ضباط متعاونون مع تنظيم الإخوان المسلمين.. لأى سبب كان.. سواء مؤمنين بهم وينتمون لهم بشكل غير رسمى طبعا.. أو لأسباب مادية بحتة.. ونعرف جميعا أن هذا التنظيم الإرهابى يمتلك أموالا كثيرة يستطيع بها إغراء أشخاص يريدون الثراء السريع.. أو تأمين مستقبلهم ومستقبل أسرهم..
وعلى الرغم من وضوح الرؤية فى وقائع كثيرة ومنها تفجيرات الاتحادية الأخيرة.. ومحاولة هروب حبارة.. وقبلها اغتيال ضابط الأمن الوطنى «محمد مبروك» والتى تبين بعد فحص هذه الوقائع أن وراءها ضباطاً وأمناء وأفراداً بالشرطة، كانوا السبب الأساسى فيها، عن طريق تسريب المعلومات وتسهيل مهمة الإرهابيين.. ولكن الداخلية مازالت تكابر وتنفى.
ولكن هذه المرة فإن الأمر قد يختلف.. بعد أن رصد جهاز سيادى تعاون بعض ضباط الداخلية مع تنظيم الإخوان، وتم رصد 300 ضابط تقريباً بين قيادات وضباط صغار، لهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع الإخوان.. وكانت الإطاحة بمدير أمن الإسماعيلية اللواء «محمد العنانى» قبل الحركة العامة لوزارة الداخلية بأسابيع قليلة نتيجة لهذا الرصد السيادى، وتعيين اللواء «مصطفى سلامة» نائب مدير أمن بورسعيد بدلا منه ولأن الموضوع كان يتعلق بأمن قناة السويس فلم يتم انتظار الحركة، فقد تبين أن هناك نقصاً شديداً وبصورة واضحة فى الخدمات الأمنية بالمجرى الملاحى لقناة السويس كما أنه يوجد تهاون واستهتار فى تأمين القناة والمنطقة المحيطة بها والتى لا توجد بها أكمنة أو ارتكازات أمنية كما هو معتاد فى المنطقة المحيطة بقناة السويس والأماكن والمنشآت الحيوية والهامة.. صحيح أنه تم النقل بعد جولة تفقدية لوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم لمحافظة الإسماعيلية، وهذا ما قالته وزارة الداخلية بشكل رسمى وأن الوزير لاحظ التقصير فقام بنقله، ولكن الحقيقة أن الوزير كان قد قام بجولة لمدن القناة منذ فترة قصيرة، ومن المفترض أنه هذه الفترة يعد لحركة التنقلات فى غياب المجلس الأعلى للشرطة، ولكن بعد رصد الأجهزة السيادية التهاون والإهمال الشديد فى تأمين المجرى الملاحى للقناة الذى سبق أن تم استهدافه بصاروخ أطلق عليه، منذ عدة شهور ولم يصب السفينة العابرة فى ذلك الحين، وصدرت الأوامر بعد هذه الواقعة شديدة الخطورة بضرورة وجود كثافة أمنية ودقة فى متابعة ما يحدث فى قناة السويس بشكل خاص والإسماعيلية ومدن القناة بشكل عام، ولكن الأجهزة السيادية رصدت وجود شبهات فى هذا الموقف غير الطبيعى بالمرة تتعلق بالقيادات الأمنية بالإسماعيلية، وكانت الأوامر لوزير الداخلية بتغيير مدير الأمن بشكل فورى وعدم انتظار الحركة المقرر لها أواخر يوليو الحالى.. فقام الوزير بزيارة الإسماعيلية بشكل مفاجئ ونقل مدير أمنها إلى مصلحة الأحوال المدنية حتى لا تثار بلبلة ويبدو الأمر طبيعياً للمواطنين.
ولكن الأجهزة السيادية لم ترصد فقط التقصير الأمنى والتهاون فى قناة السويس.. بل إنها رصدت أمرا آخر خطيراً أيضا.. وهو وجود تعاون وتعامل تحوم حوله الشبهات بين بعض الضباط بالسجون والمتهمين الإخوان المودعين بهذه السجون.. وذلك عن طريق رصد مكالمات دولية تحدث بين بعض الإخوان فى السجون وقيادات دولية للتنظيم الدولى للإخوان بالخارج.. وكان هذا هو الخيط الذى التقطه جهاز سيادى وكشف تعاون بعض الضباط مع الإخوان داخل السجن بتهريب شرائح التليفونات وأجهزة الهواتف المحمولة للإخوان فى العنابر.
والذى يعد اختراقا من الإخوان للسجون.. فقد تم الكشف عن وجود شرائح تليفون محمول وأجهزة موبايل فى بعض العنابر مع الإخوان والتى من خلالها يجرون ويتلقون المكالمات الهاتفية من داخل وخارج مصر، وبناء على هذا الرصد قامت وزارة الداخلية بحملات للتفتيش على عنابر الإخوان بالسجون، ومنها حملة لعنابر الإخوان بسجن «وادى النطرون» وتم ضبط 17 تليفوناً محمولاً بالإضافة إلى 9 شرائح تليفون.. وتم ضبط أشياء أخرى عبارة عن ملابس مدنية، وسبع غلايات والتى يمكن أن تتسبب فى حرائق وأضرار بالغة بأمن السجناء والسجن ذاته عند إساءة استخدامها سواء بحسن نية أو سوء نية.
ويقول مصدر مسئول بالداخلية: إن شرائح الهواتف التى تم ضبطها بعد الفحص تبين أنه أجرى من خلالها مكالمات دولية، وكان معظمها لدول «ألمانيا، قطر، تركيا، البرازيل» والمفاجأة كانت فى البرازيل!
ويضيف أنهم قاموا بالتحقيق مع المتهمين الإخوان، الذين ضبط معهم هواتف محمولة، وهم ليسوا قيادات كبيرة بالجماعة، بل هم مجرد كوادر متوسطة وعناصر صغيرة، وقالوا فى التحقيقات إنهم يتلقون مكالمات من «محطات فضائية» ويتصلون بها ويبلغونهم بأحوالهم داخل السجون هم وزملاؤهم.. ويقول المسئول الأمنى إن السجون قامت بتشديد الحراسة على المسجونين وتضييق الخناق عليهم الفترة الماضية، وأنه تم عمل أنظمة جديدة داخل السجون خاصة فيما يتعلق بالزيارة، حيث تم إدخال نظام «التليفونات» بين السجين والزائر على أن يكون هناك فصل تام بينهما كما يحدث بالخارج، لمنع تسريب وتهريب التليفونات والرسائل أثناء الزيارة، وللعلم فإن معظم هذه المحادثات التى تتم أثناء الزيارة عن طريق التليفون تكون تحت المراقبة، لرصد أى تعليمات أو مخططات من الإخوان المحبوسين إلى أعضاء التنظيم بالخارج.. ولأن الإخوان لديهم خبرة كبيرة بأساليب الداخلية فإن المحادثات تكون بحرص شديد، وتستخدم فيها الشفرات وكلمات السر طوال الوقت، ولا يسمح بدخول أى أشياء من الخارج للمسجونين، وإذا تم السماح بذلك فيما يقره القانون فإنه يتم تفتيشه تفتيشا دقيقا، وهو ما يؤكد أن هذه الشرائح التليفونية والهواتف، تسربت للإخوان بالسجن عن طريق أفراد من الأمن، وضباط متعاونين معهم بالفعل كما رصدت الأجهزة السيادية، كما أنه تم عمل حملات تفتيشية أخرى على كل السجون الموجود بها متهمين إخوان، وتم ضبط اجهزة تليفون وشرائح وعليها مكالمات دولية أيضا منها «لأمريكا» ومكالمات محلية، وقد تبين أن الشرئح الموجودة مع الإخوان بالسجون، بعد البحث والتحرى بعضها لمواطنين ليس لهم علاقة نهائيا بالإخوان، وبعضها الآخر لا يوجد بها بيانات كاملة لدى أجهزة التليفونات المحمولة وبعضها لأشخاص متوفين.. ويضيف أن الحملات التفتيشية على عنابر الإخوان، يتعرض أغلبها لمحاولات عرقلة من جانب المسجونين، إذ إنهم يفاجئون القوات بالتكدس خلف أبواب الزنازين من الداخل والطرق عليها، والتعدى على أفراد الحراسة بالسب والشتم وإلقاء زجاجات المياه عليهم وبسبب تهريب الغلايات فيحدث أحيانا أن يلقوا مياهاً ساخنة على أفراد القوة، لمحاولة منع تقدمهم ومنع دخولهم العنابر للتفتيش، فيما أنكرت الوزارة ما يتداول عبر تنظيم الإخوان عن تعرض بعض المسجونين للتعذيب.. ولكن تظل المشكلة الأساسية فى التعاون بين بعض ضباط الشرطة والإخوان والذى يصل إلى محاولة تهريبهم، كما حدث مع «عادل حبارة» منفذ مذبحة رفح الثانية الذى كاد أن يهرب فعلا أثناء نقله من المحكمة إلى محبسه من عربة الترحيلات، كما أن التعاون داخل السجون ليس بالأمر اليسير وهو يعد اختراقا من الإخوان للسجون، رغم كل الجهد الذى يبذل للقضاء على التنظيم الإرهابى فإن مثل هذا الاختراق يرجعنا لنقطة الصفر.