أكد مصدر دبلوماسي مصري ل”العرب اللندنية” أن التحركات السياسية التي شهدتها القاهرة خلال الأيام الماضية تبين أن العالم بدأ يعترف أن مصر لاعب محوري في المنطقة، وأنه من الصعوبة اقتراب أي دولة من القضية الفلسطينية في غيابها، وقد أصبح الجميع يثمن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار على غزة.
وخلال الأيام الأخيرة تحولت القاهرة إلى قبلة للدبلوماسيين، فقد حل جون كيري وزير الخارجية الأميركي بالقاهرة مساء الاثنين، وأجرى سلسلة من اللقاءات، بدأها مع بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الذي وصل إلى مصر قبل ساعات من زيارة كيري.
وفى اليوم التالي أجرى الوزير الأميركي سلسلة من الاجتماعات مع الرئيس عبدالفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، كما قام كي مون بلقاء كل من الرئيس السيسي، ونبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، فضلا عن سامح شكري، وجميع اللقاءات والاجتماعات ركزت على البحث عن مخرج لوقف إطلاق النار في غزة، على أساس المبادرة المصرية.
وقد عقد كيري مع شكري مؤتمرا صحافيا مشتركا بمقر قصر الاتحادية، شدد فيه على تقديم المزيد من الجهود لإنهاء العنف في غزة وأن المسألة في حاجة إلى وقت، مشيرا إلى أنه يدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وعبر عن قلقه من سقوط قتلى مدنيين في غزة، ورفض كيري تلقي أي أسئلة في المؤتمر الصحفي الذي عقده بالقاهرة.
وقال كيري، الذي مدد زيارته ليوم إضافي في القاهرة إنه يجب معالجة أسباب بدء القتال في قطاع غزة، مطالبا حماس بتحمل المسؤولية تجاه مقتل المدنيين في القطاع.
وحرص وزير الخارجية المصري في كلمته التي ألقاها في بداية المؤتمر على الإشارة إلى أهمية المبادرة المصرية، لأنها تشتمل على بنود أساسية بشأن وقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة عن المواطنين في غزة.
ونوه إلى التوافق في الرؤى بين القاهرة وواشطن، ليس فقط بشأن غزة، لكن في ملفات أخرى وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب.
وقال سمير غطاس الخبير في الشؤون الفلسطينية ل”العرب”إن زيارة كيري و بان كي مون، ومن قبلهما وزيرا خارجية فرنسا وإيطاليا للقاهرة، تأكيد واعتراف بعودة مصر للقيام بدورها الإقليمي، ولا بد أن نضع في هذا السياق أن الرئيس عبدالفتاح السيسي اعتذر الأحد الماضي عن حضور القمة الأميركية – الأفريقية، وهذه إشارة إلى الولاياتالمتحدة أن لمصر استقلالية في قرارها الوطني يجب احترامها.
من جانبه، قال رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات السياسية ل”العرب” إن زيارة كيري جاءت بعد أن راجعت أميركا حساباتها وأدركت أن الطريق إلى الحل لا يمر إلا عبر القاهرة لأنها البوابة الأكثر واقعية.
وذهب أحمد القويسني مساعد وزير الخارجية المصري سابقا إلى القول إن مصر هي الفاعل الرئيسي بإدراكها للموقف الفلسطيني، ويهمها الآن فقط وقف إطلاق النار وطرحت المبادرة بمعزل عن أميركا، ملاحظا أن البعض (الأميركيون) حاول تخطي دور القاهرة، لكنهم عادوا أخيرا بعد أن تأكدوا أن مصر هي الوحيدة المدركة لخصائص الوضع الجيوبولوتيكي في المنطقة.
وحول تفسيره لتأخر كيري في زيارة المنطقة حتى الآن، قال القويسني إن التناول الأميركي يرتكز دائما على إتاحة أكبر فترة زمنية لإسرائيل لتحقيق أهدافها، ثم وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات ترعاها واشنطن.
ونوه إلى أن أميركا تخشى الآن من تطور الأمور في الشرق الأوسط، ليس في فلسطين فحسب، لكن في سوريا والعراق، وتريد أن يكون لها تأثير ونفوذ على الأوضاع في المنطقة لحماية مصالحها، مؤكدا أن أميركا ستكون موجودة بأي شكل في المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لأنها الوحيدة القادرة على الضغط على إسرائيل.