نشرت جريدة الشروق المصرية في عددها الصادر بتاريخ 24 يوينو 2014 مقالا نقلا عن المركز الأمريكي للدراسات حمل هذا العنوان، حيث استعرض المقال الأحداث التى شهدتها مملكة البحرين على مدى الثلاثة أعوام السابقة منذ الاضطرابات التى وقعت في شهرى فبراير ومارس 2011. وما يلفت الانتباه في المقال أو التحليل أن يقلب الحقائق ويزيفها، وأن يكون مليئًا بالمغالطات والأكاذيب، بما يمكن معه القول إن التحليل الذى ورد في هذا المقال تحليلا غير محايد بل منحاز لوجهة نظر القوى الإرهابية التى تهدد أمن المملكة واستقرارها. ومن دون الدخول في تفاصيل ما ورد في هذا المقال من آراء وتحليلات، يمكن تسجيل ملاحظتين مهمتين تمثلان ردًا منطقيا على ما جاء فيه، وهما: الأولى، إذا كان صحيحا أن المنتمين الى المذهب الشيعى في مملكة البحرين قد صوتوا في الاستفتاء الذى جرى في سبعينيات القرن المنصرم لصالح استقلال المملكة ورفض خضوعها تحت لواء فارس، إلا أنه من الصحيح أيضا أن أحفاد هؤلاء الشيعة مازالوا متمسكين بموقفهم في رفض الانصياع للهيمنة الفارسية، ولكن، هذا لا ينفى وجود بعض القوى الشيعية التى ترى في الانضمام الى طهران حلمها الذى تسعى من أجله. ولذا، فحينما نتحدث عن الطائفة الشيعية في البحرين لابد ان نميز بين مجموعتين: الاولى جماعة وطنية تعلى من قدر الوطن وانتماءها إليه وترى في قادته هم الرجال الذين تحملوا عبء المسئولية في بناء دولة ديمقراطية عصرية، وهؤلاء يقفون مع اخوانهم السنة الرافضين لاية املاءات او تهديدات تأتى من الجار الفارسى، وقد كشفت احداث 2011 عن وطنية هؤلاء الذين التحموا مع قادتهم ودافعوا عن حكومتهم بقيادة الامير خليفة بن سلمان واعتبر الاساءة اليه خط احمر لا يُسمح لأحد أن يتجاوزه، أما المجموعة الثانية، فهى جماعات وقوى ترفع شعارات سياسية تحاول أن تخدع الرأى العام الداخلى والخارجى بشعارات عن الديمقراطية وحقوق الانسان، في حين أن ممارستها على الارض تخالف هذه القيم والمبادئ كلية، فلا تجد لديهم سوى القتل والارهاب والعنف والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة والاساءة الى الرموز الدينية والقيادات الوطنية. ولعل ما جرى مؤخرا في عمل إرهابي راح ضحيته رجل شرطة يعكس منهج هؤلاء في اثارة الفتنة والقلاقل وتهديد كل من يخالفهم، بل يسعون كما جرى في مارس 2011 إلى اسقاط هيبة الدولة وتفكيكها تمهيدا لتقديمها لقمة سائغة الى الذئب الفارسي الذى لم يتوان لحظة في ان يلتهم ارضى لبنان وسوريا والعراق واليمن ويسعى إلى بسط مزيد من نفوذه على بقية الأراضي العربية لاستعادة احلام واوهام في مخيلة قيادتهم في استعادة مجد غابر لم يكن له وجود قبل ذلك. الملاحظة الثانية، تتعلق بما يثار بين الحين والاخر بشأن الانتماء الوطني للشيعة في العالم العربي، بما جعل البعض يحاول أن يعمم هذا الحكم في توجيه اتهام الى الشيعة كافة بأنهم عملاء لطهران، وهذا الحكم الكلى او السؤال الكلى الذى يطرحه صاحب المقال هو طرح كاذب ومخادع لأنه اراد ان يضلل القارئ من خلال طرح سؤال تكون الاجابة عليه إما بنعم او بلا، محاولا ان يفند الكثير من الآراء والمواقف الصحيحة في تصنيفها لمواقف الاقلية الشيعية في البلدان العربية والتي تحاول طهران استغلالها قدر الامكان بما يساعدها في اعادة رسم حدود المنطقة وتقسيماتها. ولذا، فالرد على هذا السؤال يجب أن ينطلق من تصحيح جوهره وتوضيح نيات قائله كخطوة أولى في طريق الفرز الذى يجب أن تنتهجه المجتمعات في تعاملها مع الخارجين عنها، وهو ما ينطبق على المجتمع البحريني الذى يجب أن يعامل هذه القوى الارهابية بأشد درجات القسوة في اطار ما ينص عليه القانون واحكامه دون أن يعمم الحكم على كل المنتمين الى المذهب الشيعى. خلاصة القول إن شيعة البحرين لا ينظر إليهم من منطلق مذهبي طائفى وإنما ينظر إليهم كونهم مواطنين يتمتعون بكل حقوق المواطنة شريطة أن يلتزموا بقواعد الدستور واحكامه ويعلون من انتمائهم الوطنى على حساب اية انتماءات اخرى ضيقة، بما يجعل المختلف معهم في الدين او المذهب لا يشعر بهذا الاختلاف، خاصة أن تاريخ مملكة البحرين ملئ بسجلات مشرفة من التلاحم الوطنى والتعاضد المجتمعى دون أي تمييز على أساس العرق او الدين او المذهب او الجنس، وهو ما أهلها لأن تقدم نموذجا يحتذى به في بناء الدولة الوطنية.