نقابيون: الأحكام تهدف لإسكات النقابات بعد وقوفها ضد الحكومة لصالح أعضائها
ممثلو لجنة الخمسين : "الحراسة" غير دستورية وتعوق عمل النقابات وتهدر أموالها
أثارت أحكام فرض الحراسة على نقابتى المعلمين والصيادلة قلق النقابات المهنية من اتجاه الدولة إلى تجميد النقابات، خاصة أن الأحكام اتسمت بعدم الدستورية لمخالفتها لنص صريح بالدستور.
وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قد أصدرت حكمان أحدهما فى 31 مارس الماضى بفرض الحراسة على نقابة المعلمين وهى اكبر نقابة مهنية فى مصر والشرق الأوسط من حيث عدد الأعضاء الذى يصل الى 2 مليون عضو، وأيدته بالأستئناف فى 3 يونيو الجارى، وحكم آخر على نقابة الصيادلة فى 31 مايو الماضى والتى تعتبر من أهم المهن الطبية فى مصر والتى كان لها موقف حاسم من الحكومة فى الدفاع عن حقوق أعضائها فيما يخص كادر المهن الطبية فى القانون 14 لسنة 2014 المعروف اعلامياً بقانون "الحوافز" وتنظيمها لإضراب جزئى بالتعاون مع الأطباء واستمرارها فى الاضراب بعد وقف الاطباء لإضرابهم لشعورها بعدم حصول اعضائها على كامل حقوقهم المهنية والمادية مساواة بالأطباء.
والمثير للدهشة أن نفس المحكمة حكمت لنقابة البيطريين فى نفس القضية بعد فوز تيار الاستقلال بمعظم مقاعد النقابة والسيطرة على هيئة مكتبها وانسحاب الإخوان من الانتخابات بعدم اختصاصها النوعي لنظر مثل هذه الدعوى لمخالفتها لنص صريح فى الدستور، وذلك فى درجتي التقاضي، ورغم استناد نقابتي المعلمين والصيادلة لهذا الحكم إلا أن المحكمة أصدرت حكمها السابق.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين كلمة السر في القضايا الثلاث، حيث استند مقيمى الدعوة على أسباب واحدة ومحددة فى طلبهم لفرض الحراسة وهى: انتماء أعضاء مجلس النقابة المنتخبين إلى جماعة إرهابية "الإخوان المسلمين" بجانب إهدار أموال النقابة فى الانفاق على الجماعة على حد زعم رافعى الدعوة والخلاف بين اعضاء مجلس النقابة إلى جانب طلب رافع الدعوة تولى لجنة معينة من أصحاب المصالح أو أعضاء مجالس ما قبل ثورة يناير الذين فشلوا فى الانتخابات النقابية بعد الثورة والتى ينتمى معظمهم بطبيعة الحال إلى الحزب الوطنى المنحل لإدارة أعمال النقابة فى ظل الحراسة.
وعلى الرغم من عدم وجود أية تقارير من الجهات الرقابية تثبت بشكل قاطع وجود فساد مالى بالنقابات الثلاث أو أهدار لأموالها واعتماد رفعى الدعوات الثلاث على صور ضوئية لمستندات منقولة عبر مواقع التواصل الإجتماعى إلا أن المحكمة رأت فرض الحراسة على النقابتان رغم عدم دستورية هذا الإجراء واختلافه مع المادة 77 من الدستور الحالى 2014 والتى نصت على: "ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطى، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقاً لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية.. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوي نقابة واحدة. ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الادارية في شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها".
وكانت حجة المحكمة فى ذلك عدم صدور قوانين وتشريعات جديدة متفقة مع الدستور بما يمنع فرض الحراسة على النقابات المهنية الى جانب اختلافهم فى تفسير نص المادة وإذا ما كان الحكم القضائى يمتد لفرض الحراسة على النقابة أم يقتصر على حل المجلس فقط، لذلك استندت المحكمة إلى قانون قديم وغير دستورى وهو القانون 100 لسنة 95 والذى صدر حكم تاريخى بعدم دستوريته فى 2 يناير 2011 اى قبل الثورة بأيام قليلة.
نقيب المحامين: نحن ضد مبدأ فرض الحراسة على النقابات المهنية مهما كانت الأسباب من جانبه، قال سامح عاشور نقيب المحامين وعضو لجنة الخمسين التي عدلت الدستور إن الدستور نص ضمن أحكامه على إبقاء العمل بالقوانين القديمة الحالية لحين إصدار قوانين معدلة وفقاً للدستور، لافتاً إلى أن هذا لن يتم إلا بعد انتخاب البرلمان لأنه هو الذى سيعدل البنية التشريعية للقوانين بما يتفق مع الدستور، مؤكداً أنه ضد مبدأ فرض الحراسة على النقابات المهنية مهما كانت الأسباب.
وأكد عاشور، ل"الفجر"، أن المادة 77 من الدستور الحالى 2014 تحظر فرض الحراسة على النقابات تماماً، وأن هذا ما تم الاتفاق عليه داخل لجنة الخمسين عند وضع النص الخاص بتك المادة، موضحاً أنه على النقابات المرفوع ضدها دعاوى فرض حراسة مواجهة تلك القضايا من خلال الإجراءات القضائية المتعارف عليها لحين تعديل القوانين، مشيراً إلى أن أحكام القضاء لا يجوز مواجهتها بالمؤتمرات والبيانات، إنما يجب مواجهتها بالطرق القضائية.
نقيب الأطباء: سلاح يمكن أن تستغله قلة مندسة لتجميد العمل النقابي وأكد الدكتورخيرى عبد الدايم، نقيب الأطباء وعضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور، أن فرض الحراسة على النقابات غير دستورى وهو سلاح يمكن أن تستغله قلة مندسة لتجميد العمل النقابى فى مصر وتهديد النقابات، مشيرًا إلى أن الحراسة لا تحل مشكلة ولكن أي خلاف يمكن أن يحل داخل النقابة من خلال الأعضاء المنتخبين.
وقال نقيب الأطباء، ل"الفجر"، إننا نحتاج ترسانة جديدة من القوانين بدلاً من الموجودة حالياً لتتوافق مع الدستور الجديد وتطبق أحكامه وهي في انتظار البرلمان الذى يجب أن يبدأ فيها فور توليه المسئولية خصوصاً باب الحقوق والحريات، مضيفا أن الحكم القضائى يمتد لحل مجلس النقابة فقط وفقاً لنص المادة 77 من الدستور، مؤكداً أنها تحظر فرض الحراسة على النقابات كلياً مهما كانت الأسباب، قائلا: "نحن مع أن تقوم النقابات بحل مشاكلهم داخلياً من خلال الجمعيات العمومية".
وأوضح أن الحراسة تعوق عمل النقابات، مستنكراً فرض الحراسة على نقابة الصيادلة، مؤكداً أنها أوقفت دولاب العمل بالنقابة وهو ما سيؤدى الى تداعيات خطيرة، مشيراً إلى أن اتحاد المهن الطبية يرفض فرض الحراسة عليها ويؤكد على حقهم فى إدارة نقابتهم بأنفسهم لأن الحراسة تعوق عمل النقابة.
ممثل المهندسين بلجنة الخمسين: الحراسة أهدرت أموال النقابة وأدت إلى تدهور المهنة وقال المهندس أسامة شوقي، نقيب مهندسين القاهرة سابقاً وعضو لجنة الخمسين عن نقابة المهندسين، "هذا ضد الدستور وقد كانت تجربة فرض الحراسة على نقابة المهندسين قبل ثورة يناير تجربة مؤلمة حيث تدهورت مواردها ومهنتها وتكبدنا الكثير من الخسائر المادية بعد أن كانت النقابة من أغنى النقابات فى مصر"، مؤكداً أن القانون يجب أن يضع بديل لفرض الحراسة فى حالة إهدار أموال النقابة بناء على تقارير الجهات الرقابية بما يحافظ على حقوق الأعضاء ويبقى النقابة تحت يد أبنائها المنتخبين، موضحا أن الحارس لا يجرى انتخابات هو وظيفته إدارة النقابة فقط ولا يعبأ بمسألة الانتخابات وليس فى يده إجراءها لأنها يجب أن تتم بحكم قضائى.
وقال، إن الانتماء السياسى لا يجب أن يكون المعيار لفرض الحراسة من عدمه، ولكن مصلحة الأعضاء وهل هؤلاء المنتخبين يعملون لصالح النقابة فعلاً أم لا وأن تكون السلطة العليا للجمعية العمومية للنقابة، وفى هذه الحالة لا يجوز فرض الحراسة التى هى فى الأصل غير دستورية.
نقيب البيطريين: نطالب السيسي بتفعيل الدستور حتى لا يظل حبر على ورق بينما قال الدكتور سامى طه، نقيب الأطباء البيطريين، إنه يجب تفعيل الدستور من خلال تعديل التشريعات التى لا تتفق مع نصوص مواده حتى لا يظل مجرد حبر على ورق، مطالباً الرئيس عبد الفتاح السيسي بسرعة إصدار تشريع يحظر فرض الحراسة على النقابات المهنية وفقاً للمادة 77 من الدستور الحالى 2014 لإبطال كافة القضايا التى تحاول النيل من العمل النقابى فى مصر وتجميده.
وأوضح نقيب البيطريين، ل"الفجر"، أن فرض الحراسة يعيد الوضع لما كان عليه قبل ثورة 25 يناير 2011 بنفس أشخاصه وفساده وهو ما ينذر بتداعيات خطيرة فى الفترة القادمة، مؤكداً أننا جميعاً متفقون أنه لا عودة لما قبل 25 يناير ولكن يجب تطبيق ذلك على أرض الواقع من خلال تدعيم الحريات النقابية ورفع يد الجهات التنفيذية عن النقابات فلا يجوز أن يترشح للنقابات أصحاب المناصب التنفيذية بالجهاز الحكومى لأن في ذلك تضارب خطير يضر بمصالح النقابة وأعضائها لأن الوظيفة الاساسية لأى نقابة المطالبة بحقوق أعضائها والدفاع عنها، لذلك لا يجب أن يكون لمن يتولى المناصب النقابية اية مصالح شخصية تمنع تحقيق هذا الهدف ومن أهمها أن يكون مستقل عن السلطة التنفيذية.
وكيل المعلمين: الحراسة بسبب علو صوت النقابات بعد ثورة يناير.. والإخوان مجرد ستار
أوضح محمد محمود، وكيل نقابة المعلمين، أن كافة الدساتير حظرت فرض الحراسة على النقابات، ومع ذلك قام نظام مبارك بوضع القانون 100 لسنة 95 الذى أتاح فرض الحراسة وكانت حجتهم سيطرة الاخوان على النقابات واليوم تفرض الحراسة أيضاً بنفس الحجة واستناداً لنفس القانون الذى حكم بعدم دستوريته وفقاً لنصوص دستور 1979 وذلك فى 2 يناير 2011 بعد ان فرضت الحراسة القضائية على نقابة المهندسين بموجبه لمدة 17 عام.
وأضاف محمود، ل"الفجر"، إذا لم يعد للإخوان شعبية بالنقابات كما يدعى الكثيرين بعد النتائج التى حققها تيار الاستقلال بالنقابات عقب 30 يونيو، متسائلا: "ما سبب الخوف من النقابات ولماذا السعى للسيطرة عليها وإسكاتها عن طريق فرض الحراسة عليها".
واستطرد قائلاً: "الحقيقة هى أن النقابات قامت بعد ثورة يناير بدور كبير فى الدفاع عن المهن وعن حقوق أعضائها والمطالبة بتحسين الأوضاع فى مصر سواء على مستوى التعليم أو الصحة أو تحسين الاوضاع المادية لأعضائها وتحقيق العدالة الإجتماعية بين فئات المجتمع وهو ما لم يوافق هوى الكثيرين خصوصاً الفئات التب تتقاضى الرواتب العالية ومفتوح لها خزائن الدولة على مصراعيها والتى هى فى نفس الوقت مغلقة فى وجه الكثير من المهنيين.
وأكد وكيل المعلمين على عدم ورود أية تقارير من الأجهزة الرقابية توضح أن المجلس الحالى أهدر أموال النقابة أو أرتكب أية مخالفات مالية بل أن كافة التقارير فى صالح المجلس حتى أن مباحث الأموال العامة زارت النقابة والنقابات الفرعية أكثر من 12 مرة، ولن تجد اية مخالفات وهو ما يجعل دعاوى الحراسة باطلة إلى جانب أنها غير دستورية وهو ما يعطى شعور قوى بأن الأحكام مسيسة.
أمين صندوق الصيادلة: مواقفنا التصعيدية ضد الحكومة سبب فرض الحراسة وقال الدكتور وائل هلال، أمين صندوق نقابة الصيادلة، إن وجود الإخوان داخل النقابة ليس بجديد وقد جاءوا بانتخابات حرة ولم يقترفوا أية مخالفات توجب فرض الحراسة على النقابة، مشيرا إلى أن هناك اتفاق بين أعضاء المجلس سواء من الإخوان أو المستقلين على وضع المهنة أولاً والابتعاد عن اية انتماءات حزبية أو سياسية فى العمل النقابي.
ولفت هلال، ل"الفجر"، إلى أن السب الخفى وراء فرض الحراسة هو الموقف الرجولى للنقابة – على حد وصفه – ومطالبتها بكادر حقيقي للصيادلة الحكوميين والتصعيد ضد الحكومة من أجل الدفاع عن حقوقهم، وهو ما يدفع شلة أصحاب المصالح والمحتكرين فى مجال الدواء إلى السعى لتقويض العمل النقابى دفاعاً عن مصالحهم الشخصية، مشيرا إلى أنهم لجأوا إلى ذلك فى البداية من خلال جمعية سحب الثقة وعندما فشلوا فى ذلك بسبب تمسك الصيادلة بمجلسهم لجأوا لقضايا الحراسة التى كشفت الوجه الحقيقي لهؤلاء الذين لا يهمهم سوى مصالحهم حتى لو كانت على حساب ما يقرب من 150 ألف صيدلى ينتمون لهذه المهنة العريقة.