يستمر السعوديون في نشر الصور ومقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهرون فيها وهم يقبلون الإبل كنوع من حملة غير منظمة ضد تحذير الحكومة من أن خطر انتشار فيروس كورونا في الشرق الأوسط يمكن أن يكون من الإبل، مع مواصلة اكتشاف حالات جديدة في السعودية.
نشر سعوديون صورا وفيديوهات لأنفسهم، وهم يقبّلون جمالهم متحدين خطر الإصابة بفيروس كورونا، الذي يحتمل أن تكون الجمال المصدر الرئيسي لانتشاره.
وكانت السلطات السعودية حثت المواطنين، الذين على اتصال مع الإبل على استخدام وسائل السلامة إثناء تعاملهم معها.
ودعت المواطنين إلى ارتداء الأقنعة والقفازات عند لمس الإبل، وأوصت بتجنب لحم الإبل وحليبها حتى يتم التحكم في انتشار الفيروس والسيطرة عليه.
وعلى الرغم من الاقتراحات الإضافية التي قدمتها الحكومة بالبقاء بعيدا عن كل الحيوانات المريضة، إلا أن السعوديين تجاهلوا نداءات وزارة الصحة السعودية وأظهروا كثيرا من المحبة لجمالهم في حملة أطلقوها عبر الفيديو وسموها “بيان دعم من أجل الإبل المضطهدة”.
ونشر المالكون عبر مواقع التواصل صورا لأنفسهم وهم يقبّلون الجمال مصرين على أنها ليست السبب في انتشار المرض. وطالب مالكو الإبل وزير الصحة السعودي بالكشف عن الأدلة التي تثبت صلة الجمال بانتقال فيروس الكورونا أو”التوقف عن شن حملات ضدها دون دليل”.
ولا يرتدي المزارعون قناع الوجه عند التعامل مع إبلهم وكتب أحدهم “إنه عاش مع الإبل لعقود ولم يتأثر بأي مرض جراء اختلاطه بها”.
كما أطلق السعوديون حملة فيديو استعراضية للتضامن مع حيواناتهم، واكتسبت أشرطة فيديو على الإنترنت، تظهر السعوديين يقبلون جمالهم، شعبية كبيرة مؤخراً.
وتداول مغردون فيديو لرجل سعودي يقبل جماله ويسألها عن الفيروس.
وأظهر فيديو آخر أحد مالكي الجمال يقبل اثنين من الإبل ويطلب منهما السعال على وجهه ليظهر عدم خوفه من الإصابة بالعدوى منهما.
وبات وضع فيروس “كورونا” مخيفا جدا، خاصة مع تسجيل 571 حالة مصابة بالفيروس تُوفي منها نحو 171، فيما تجنبت منظمة الصحة العالمية إعلان حالة الطوارئ، مؤكدة أن “الفيروس لا يدعو إلى القلق”.
ويقول الخبراء إنه عند تعقب الفيروس وجدت نسبة كبيرة منه في الجمال التي خضعت للاختبار، لكن أجساما مضادة للفيروس وجدت في إبل أخرى في جرز الكناري بأسبانيا ، التي تبعد عن المملكة آلاف الأميال، وهو ما يرجح احتمالات قوية بأن الجمال ليست المصدر الوحيد للفيروس (وربما تكون في الخفافيش على سبيل المثال).
ويقول مغردون “إن هناك مكانا واحدا، مزاجه العام لا يخشى أحد فيه من الفيروس، رغم أنه المكان الذي ظهرت فيه أول حالة للإصابة بالفيروس عام 2012، وهو المملكة العربية السعودية”. وتنتشر التغريدات تحت هاشتاغ كورونا والإبل حيث يعبر السعوديون عن شغفهم بسفينة الصحراء.
ونشر عدد من السعوديين صورا لهم مع الإبل عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وبعضهم يُقبِّلها والبعض الآخر يربط عليها مطبوعات كُتب عليها تعليقات تقلل من خطورة الفيروس. وأكدت دراسة أجريت في هذا الصدد أن مهمة إبعاد بعض الناس عن الإبل ليست بالمهمة الهينة، لا سيما في السعودية التي يوجد فيها أكثر من 900 ألف رأس، مع ما يقرب من 15 مليون رأس في جميع البلدان العربية الأخرى، حيث تعد مصدر الدخل الرئيس للكثيرين، وذلك فضلا عن شعبيتها.
ويقول مغردون إن من بين الأسباب التي تجعل السعوديين يقللون من مخاطر كورونا، غياب الشفافية في بيانات المرض.
ويؤكدون أن الجمال مثل “الأبقار الحلوب، ولحوم الأبقار، وخيول السباق”. و”فوق كل ذلك لها مكانة مقدرة نظرا إلى ذكرها في القرآن الكريم".
وفي السعودية، وحدها الإبل من تثير دهشة مالية وتتجاوز أسعارها 30 مليون ريال قبل كورونا، وهو رقم لا يسجل عادة في أي مكان آخر من العالم عندما يقوم أحدهم بشراء مجموعة من الإبل أو جمل واحد منها، منحها الموروث والتقاليد في السعودية تقديرا خاصا قبل أن ترفع مسابقات المزايين خلال السنوات الأخيرة من أسعار الإبل وقيمتها.
ولم تنفع آراء هؤلاء المدافعين عن الإبل في حماية الاقتصاد المتعلق بها، إذ يعرف سوق الإبل في السعودية منذ أسابيع انخفاضا حادا.
هذا التأثير المتصاعد وصل إلى أسعار الإبل التي هوت إلى نحو 50 بالمئة عن أسعارها السابقة لتمنح بذلك ملمحاً آخر لمستقبل الإبل المتأزم مع اقتراحات أثارت غضب كثيرين، تطالب بذبح كل الإبل في السعودية حتى لا يتحول المرض إلى كارثة وبائية مع تزايد أعداد المصابين وعدم توافر لقاح مضاد للفيروس أو علاج مباشر للمرض الذي بات يمثل عنق زجاجة حادة تجرح مشاعر محبي الإبل وتخدش طموحاتهم وأحلامهم تجاهها في هذه الفترة.
إبل يقتادها ملاكها من مناطق متفرقة في المملكة للمشاركة في مسابقة أجمل الإبل في “مهرجان أم رقيبة لمزاين الإبل” الذي يقام سنويا في منطقة “أم رقيبة” شرق السعودية.
وقدِّرت صفقات بيع الإبل منذ بدء المهرجان بنحو 750 مليون ريال (200 مليون دولار)، حيث بلغت قيمة أكبر صفقة 120 مليون ريال لإحدى وعشرين ناقة بكرا بمتوسط بلغ 5.7 ملايين ريال. وبيع جمل واحد بمبلغ 15 مليون ريال.
وبلغ عدد النوق المشاركة في مهرجان هذا العام 2014 الذي أقيم في شهر يناير، 10350 ناقة يملكها 289 مشاركا.
ولا ينجو المهرجان كل عام من منتقدين، فهناك كتاب رأي ومغردون سعوديون يرون أنه يُفَرِّق يد الجماعة ويثير النعرات القبلية، مبدين شكوكهم في أنه أصبح مرتعا لترويج المخدرات وغسل الأموال، خاصة أن بعض الصفقات تُدفع نقدا، حسب تصريحات البعض.
وذهب بعضهم على المواقع الاجتماعية إلى القول إن “فيروس كورونا قد يكون عقابا سماويا على التفاخر في مزاين الإبل”.
وأصبح الحديث عن فيروس كورونا فرصة سانحة ليؤكد مغردون “إلى هذا الحد وكفى!! ما بتنا نتحمل هذا الإسراف والتفاخر المقيت كل عام”. وينتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ما يصفونه ب”التفاخر والإسراف اللذين لا يقرهما الشرع ولا يقبلهما العقل!!، فالجاهل عدو نفسه والعاقل خصيم نفسه”.
ويقول ناشط في هذا السياق “أما الفخر فحدث ولا حرج ، بل إن بعض الجهلاء ذبح من الجمال والأغنام للشخص الواحد ما يكفي لعشرة أشخاص وأكثر، وفاخر بسياراته الفارهة وألبس النياق الحرير والفاخر من القماش، أي جهل هذا”.
وجرت العادة في المهرجان أن يوجه كل صاحب مجموعة من الإبل الجميلة والنادرة الدعوة إلى أهله وذويه وأبناء قبيلته لمسيرة يستعرض فيها إبله قبل الدخول إلى لجنة التحكيم وهم يرقصون بالسيوف والعصي.
ثم بعد العرض يقيم ملاك الإبل مآدب العشاء والغداء التي يقدر المعدل المتوسط اليومي لما يذبح فيها 48 جملا و80 خروفا، ويصل فائض الطعام منها نحو 40 طنا من اللحم والأرز. ويقول منتقدون “لقد أضرَّت هذه الأخطاء بصورة البلاد وأهلها، وطالنا من الإساءة لصورتنا الكثير".
وقد وردت في وقت سابق عدة فتاوى لعلماء دين سعوديين بعدم جواز مسابقات المزاين، كان أولها للشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وآخرها للشيخ عبد العزيز الطريفي الذي بث تغريدة في حسابه بموقع تويتر جاء فيها “بيع الإبل بالملايين لجمالها جاهلية جديدة محرمة”.