فى مقالها الأخير بصحيفة «يديعوت أحرونوت العبرية» كشفت الصحفية الإسرائيلية سميدار بيرى، خبيرة الشئون العربية فى الصحيفة، ملامح الدور الجديد الذى تلعبه السعودية فى المنطقة. بعد اختفاء الدور السياسى لمصر لأول مرة نتيجة توابع زلزلال 25 يناير وانشغال مؤسسات الدولة فى محاولات إعادة البناء من جديد وهو ما استغلته السعودية جيدا وفقا لسيناريو الأحداث الذى تحقق على أرض الواقع منذ سقوط مبارك فى فبراير من العام الماضى. بدأت سميدار مقالها: أنه خلافاً لتقاليد السلوك الحذر والعمل السرى وبدون أى مقدمات، أعلن وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل عبر وسائل الإعلام المختلفة أن دولته قد اقترحت على مصر تقديم معونة قدرها 38 مليار دولار بشرط التوقف عن إهانة مبارك إلا أن الصفقة قد نفُذت بشكل جزئى حيث تم احتجاز مبارك فى غرفة صغيرة بالمركز الطبى العالمى (لم يتم نقله إلى السجن) كما أن محاكماته كانت تتم بدون السماح لكاميرات التليفزيون بتصوير الجلسات وفى المقابل دفعت السعودية «بالكاد» عشرات الملايين من الدولارات فقط كمساهمة لاقتصاد مصر المحتضر. وتتابع سميدار: من الممكن أن نخمن أن الاموال السعودية سيكون لها دور فى اختيار الرئيس القادم لمصر، وتضيف الكاتبة الإسرائيلية: ودون أن نلحظ وفى ظل حالة الفوضى التى اجتاحت العالم العربى خلال العام الأخير، قفزت السعودية عشرات الخطوات إلى الأمام لتحل مكان مصر التى أصبحت أكثر انشغالا بقضاياها الداخلية، وتحل محلها فى ريادة المعسكر المعتدل العربى كما أصبحت الحليفة الأقوى للولايات المتحدة فى المنطقة، وتنحاز سميدار بيرى إلى أنه بهذا الأسلوب وبهذه الطريقة نجحت السعودية فى استيعاب الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على، وأمدت الإسلاميين فى تونس بالدولارات حتى شقت الحركات الإسلامية هناك طريقها نحو السلطة، كما نجحوا فى إنقاذ حياة الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، لكنهم اهتموا وحرصوا منذ البداية على أن يسلموا مفاتيح السلطة إلى «حزب الإصلاح» الذى تم تشكيله فى السعودية. وعندما شعرت السعودية – كما ترى سيمدار- بخطورة المد الشيعى فى المنطقة أرسلت 1000 جندى سعودى إلى البحرين لوقف مسيرة إسقاط القصر الملكى لما فى ذلك من مصلحة للإيرانيين كما فرضوا على الحاكم الجديد إملاءات وتعليمات شديدة القوة. نجحت السعودية خلال العام الاخير أيضا فى ممارسة عدد من الضغوط على القطريين من أجل إقالة «وضاح خنفر» المدير العام لقنوات الجزيرة الذى نجح فى تحريض المتظاهرين فى العالم العربى وخلق جو من الكراهية ضد «الكفار» الأمريكيين مما كان سيتسبب فى تنفيذ عدد من الهجمات ضد القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة فى قطر. وعندما شعرت السعودية بأن الملك عبدالله عاهل الاردن يمر بأزمة خطيرة، تطوعت بإرسال 2 مليون دولار إلى قصره فى عمان إلا أن الملك عبد الله الذى كان يتعامل أيضا مع دولة الامارات العربية، أغضب منه السعوديين وانهارت المبادرة فى مهدها. وتتمسك الصحفية الإسرائيلية بأنه لا ينبغى إنكار الاستعدادات السعودية فى مواجهة الخطر الإيرانى فهناك ثأر بايت منذ محاولة وحدة الاغتيالات التابعة للحرس الثورى الإيرانى اغتيال السفير السعودى فى واشنطن «عادل الجبير» فى أكتوبر الماضى. وهناك سيناريوهات تقوم بها المخابرات السعودية أشبه بالسيناريوهات التى يقوم بها الموساد الإسرائيلى فى حالة اندلاع الحرب ضد إيران، وتوقعت أنه ربما يكون هذا الضغط المشترك فى كل من تل أبيب والرياض قد ساهم فى تعميق العلاقات غير الرسمية والاتصالات الخفية بين البلدين. أما بالنسبة لسوريا فقد كانت المخابرات السعودية هى التى كشفت المسار الجديد الذى تم من خلاله نقل وتهريب الأسلحة والمعدات العسكرية لمصلحة بشار الأسد عبر العراق وبتصديق شخصى من رئيس الوزراء العراقى «الشيعى» نور المالكى، وأبلغت ذلك للمخابرات والأجهزة الامنية الأمريكية. السنة الخامسة - العدد 349 - الخميس - 5/ 04 /2012