تركت حكومة حازم الببلاوي وراءها موجة من الإضرابات من قبل عمال النقل العام، وعمال الغزل والنسيج، وعمال النظافة والعاملين في مجال الصحة الذين يطلبون تحسين الخدمة ورفع الأجور، وبالنسبة لآخر انفجار حدث في منتصف فبراير مستهدفًا حافلة سياحية في جنوبسيناء، والذي راح ضحيته ثلاثة سائحين من كوريا الجنوبية، دهور السياحة المتعثرة بالفعل في مصر.
يضع ذلك الآرث الثقيل من المشاكل حكومة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الجديد، أمام تحديات ضخمة.. "الحكومة الجديدة تدرك حجم المسئولية الكبيرة والتحديات التي أمامها ولكنها ستسعى نحو مستقبل أفضل يستحقه الشعب المصري".. إشارات واضحة أعطاها محلب للشعب في خطابه، تضعه أمام مسؤوليات كبيرة، برغم أن عمرها قصيرا، إذ من المتوقع أن ينتهي دورها عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها خلال شهور.
أولا: الملف الأمني تعد معركة الإرهاب والاغتيالات لضباط الشرطة والملف الأمني الحمل الأكبر خاصة أن عناصر تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية تمارس أعمال العنف بشكل مبالغ فى تظاهرات، إلى جانب العمليات الإرهابية التى تشهدها سيناء، بالإضافة إلى الاغتيالات التي تهدد حياة ضباط الشرطة، خاصة ضباط الأمن الوطني.
رغم أن الملف الأمني وعمليات الإرهاب لن تستطيع حكومة محلب إنجازها في تلك الفترة القصيرة، إلا أن الشعب يعول على إنجاز ما يستطيع إنجازه لتسهيل المهمة للحكومات المقبلة.
ثانيا: المعركة الاقتصادية أبرز الملفات إعادة هيكلة الأجور وتشغيل مصانع القطاع العام وقطاع الأعمال العام بكامل طاقتها حتى توفر أجور العاملين فيها، وهذا التحدي الأصعب أمام حكومة محلب، ولن يتحقق إلا بتطبيق الحد الأدنى للأجور، التي وعدت حكومة الببلاوي بتنفيذه في يناير الماضي، دون أن تكون لديها الموارد الكافية والتي تبلغ نحو 18 مليار جنيه، بالإضافة إلى ملف الاستثمار. وطبقًا لتقرير وزارة المالية الأخير، فإن الاستثمارات في مصر تراجعت بنسبة 7.3 % هذا العام، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي انخفض بشكل حاد بنسبة 60%، وهذا التحدي الذي سيواجهه محلب لإنهاء التعثر.
ثالثا: الإضرابات والاعتصامات العمالية تشهد مصر منذ أسابيع موجة إضرابات آخذة في التصاعد لفئات مختلفة من الموظفين والعمال للمطالبة بأن يشملهم قرار تطبيق حد أدنى للأجور أصدرته حكومة حازم الببلاوي السابقة، أو تطبيق كوادر خاصة لهم، وشملت هذه الإضرابات العديد من الفئات مثل عمال الحديد والصلب والغزل والنسيج وموظفي الشهر العقاري والأطباء وأخيرا سائقي النقل العام في القاهرة وغيرهم.
وإذا استمرت هذه الموجة فقد تواجه حكومة محلب التي لا تزال في طور التشكيل المصير نفسه للحكومة السابقة التي استقالت فجأة يوم الاثنين الماضي، ولم تندلع الإضرابات إلا بعد عجز حكومة الببلاوي عن تنفيذ وعدها بتطبيق الحد الأدنى للأجور وقدره 1200 جنيه (172 دولارا) على جميع العاملين بالدولة بدءا من العام الحالي، إذ لم يطبق إلا على موظفي القطاع العام فقط ولم يشمل موظفي قطاع الأعمال العام والهيئات الخاصة، وكلها تابعة للحكومة.
ويعد تشغيل المصانع التابعة للحكومة بكامل طاقتها ومساعدة الخاصة على إعادة التشغيل بعد غلق آلاف المصانع بسبب تراكم الديون في ظل أجواء اقتصادية صعب، أبرز الملف العمالي الذي يواجه محلب خلال رئاسته للوزراء.
رابعا: الحرية والعدالة الاجتماعية تواجه حكومة محلب عدة أزمات في ذلك الملف، بعدما ظهرت عدد من الاعتقالات العشوائية للمواطنين أثناء وجود مسيرات الإخوان والتعذيب داخل السجون، ومواجهة ضغط المنظمات الحقوقية بتطبيق المعايير القانونية داخل السجن، لمنع تكرار ثورة ضد الداخلية، كالتي حدثت في ثورة 25 يناير.
إما ملف العدالة الاجتماعية، يعد الملف الأشرس لحكومة محلب، خصوصًا أنه تداول على مدى 6 حكومات متتالية بعد ثورة يناير، ولم تستطع أي حكومة تنفيذه، أو الوفاء بوعودها فيه.
خامسا: ملف التنمية والتعمير والإسكان هذا الملف هو ما بدأه رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، خلال توليه لوزارة الإسكان في عهد حكومة الببلاوي، بدت خطة "محلب" للعام 2014 مبشرة لبذرة مشروع نهضة وتنمية جديد تنتظرهما مصر، بدايةً من مشروع الإسكان الاجتماعي، ونيته في استصدار قانون خاص بهذا المشروع يحدّد الشريحة المستهدفة منه، حتى لا يحدث تحايل والتفاف حول المستهدفين منه، كما حدث من قبل في مشروع الإسكان القومي، مستهدفاً أيضاً مشكلات الفئات الأكثر تهميشاً في العشوائيات ومشكلات الصرف الصحي والقمامة والمرافق، وهو ما ينتظره من الوزير الجديد مصطفى مدبولي إنجازه.