إعتقد الكثير من الخبراء أن "كازاخستان" ستصبح تحت عبء ثقيل مما ورثته من الاتحاد السوفيتي المنهار من المشاكل الاقتصادية الهائلة والبيئية والاجتماعية والسياسية وأنها سوف تتفكك أيضا وتفشل كدولة ذات سيادة . وتعتبر أكبر المشاكل التي واجهتها كازاخستان قبل عام 1991 ، أنها كانت موطنا لاثنين من أكبر مناطق العالم التى استوطنها الإنسان لصنع للكوارث البيئية متمثلة في موقع التجارب النووية السابق سيميبالاتينسك وعلى بحر ارال ، حيث توفي ما يقرب من 5000 شخص بسبب الاختبارات النووية التي أجريت على مدى أربعة عقود في مواقع الاختبار، هذا بالاضافة لمن يعانون من أمراض مرتبطة بالإشعاع ، في حين فسدت مساحات واسعة من الأراضي بالثلوث الاشعاعى وأصبحت غير صالحة للاستعمال لآلاف السنين .
وبسبب النظام السوفيتي البائس تم تحويل المياه من النهرين العظيمين من آسيا الوسطى ( نهر سير ونهر درايا ) لري القطن ، وكان بحر آرال وهو رابع أكبر بحيرة في العالم قد تم تجفيفه منذ أواخر 1960 ، فدمرت هذه العملية المساحات المائية وعلى حياة مئات الآلاف من الناس الذين كانوا يعيشون خارج البحر.
و ظهرت بكازاخستان الجماعات العرقية المتنوعة مثل الألمان والبولنديين والكوريين والشيشان حيث تقطعت بهم السبل لآلاف الأميال واليأس بعيدا عن ديارهم التاريخية ، وفى وقت لاحق عام 1950 ظهر مئات الآلاف من الأوكرانيين والروس لحرث مساحات واسعة من الأراضي في وسط وشمال كازاخستان وبحلول عام 1991 أصبحت كازاخستان موطن لأكثر من 130 مجموعة عرقية بالاضافة الى العرقية الكازاخية والتى صارت الأقلية في البلاد .
وبالإضافة إلى كل هذه المشاكل ورثت كازاخستان عن الاتحاد السوفياتي المنهار رابع أكبر ترسانة نووية ، وأكبر من تلك التي تملكها كل من بريطانيا وفرنسا والصين مجتمعة ، حيث واجهت كازاخستان إغراءت هائلة تتمثل فى دعم من بعض الوعود الخارجية النقدية والدعم للحفاظ على هذه الترسانة وأصبحت " أول دولة إسلامية تملك سلاح نووى في العالم " وكانت كازاخستان أيضا بلد غير ساحلي يبلغ عدد سكانها 16 مليون شخص يقع معظمهم في منطقة مضطربة وهى دولة مجاورة للقوى العالمية مثل روسيا والصين وفى ذلك الوقت لم يكن لدى كازخستان حدود دولية معترف بها .
كانت تلك اهم المشاكل التى واجهت كازاخستان إلى أن تم إنتخاب أول رئيس منتخب ديمقراطيا وهو ( نور سلطان نزارباييف ) ، وكان الرئيس نزارباييف قادرأً على تطبيق رؤيته الاستراتيجية الثابتة ، والإشراف الحكيم لتحويل هذه المشاكل إلى فرص للتنمية ، وكان واحدا من اهم القرارات التى أتخذها الرئيس نزارباييف كأول رئيسا منتخبا ، هو إغلاق سيميبالاتينسك كموقعا للتجارب النووية ، وأن تتخلى وإلى الأبد عن الترسانة النووية حيث أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر 2009 ، انه يوم 29 أغسطس هو يوم دولى لمناهضة التجارب النووية .
مثل هذه القرارات اعطت لكازاخستان مكانة كبيرة كدولة سلام راغبة في بناء علاقات طبيعية ومفيدة للطرفين مع العالم وساهمت هذه القرارات في نجاح اقتصادي غير عادي مدفوعا بحجم كبير من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تحتل كازاخستان المرتبة الثالثة من بين البلدان ذات الاقتصاد الأكثر ديناميكية في القرن الواحد والعشرون وبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة والطبقة المتوسطة تنمو بإستمرار وأصبحت أكثر نجاحا .
على الجهة السياسية بنيت كازاخستان نظام قوي للسياسة و الديمقراطية الرئاسية والبرلمانية مع وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية أصبح لها دورا متناميا بشكل كبير في تشكيل المجتمع .و في عام 2011 رفض الرئيس نزارباييف مبادرة بدعم من الناخبين لإجراء استفتاء لتمديد فترة ولايته حتى عام 2020. وبدلا من ذلك دعا الى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة في أبريل 2011، والتى اكد من خلالها من جديد التزامه بالمبادئ الديمقراطية وجاء الفوز في الانتخابات بأغلبية ساحقة .
ولوحظ نجاحات كازاخستان على المستوى المحلي و الدولى ، بوصفها البلد التى تلعب دورا كبيرا على الساحة العالمية حيث قدمت حكومة كازاخستان استضافة جيدة وفعالة ومثمرة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) في عام 2010. كما استضافت قمة منظمة الأمن والتعاون في أستانا عاصمة لها في ديسمبر كانون الاول، وأول تجمع من نوعه منذ 11 عاما مما أدى إلى إعلان أستانا التذكاري وتجديد الالتزام على أفضل تعاون في إطار هذه المنظمة من التى تضم فى عضويتها 56 دولة من أمريكاالشمالية وأوروبا وأوراسيا.
في عام 2011 كانت كازاخستان رئيسة لمنظمة شانغهاى للتعاون و التي تسعى إلى تعزيزها بوصفها أداة حاسمة لتعزيز التعاون متعدد الاوجه بين أعضائه الستة ، وفى نوفمبر 2011 ترأست كازاخستان بشكل فعال ومثمر رئاسة مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي.
عملت كازاخستان مع شركائها في منظمة المؤتمر الإسلامي لاتخاذ الترتيبات اللازمة لتقديم المساعدة إلى الصومال التي تعاني الجوع وتمكنت من جمع تبرعات لتقديم المساعدة إلى ذلك البلد من500 دولار لتصل مليون دولارعلى مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية ، لعبت منظمة المؤتمر الإسلامي دورا هاما في تعزيز السلام داخل الدول الأعضاء فيها، وليس فقط في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ولكن أيضا في مالي وأفغانستان والفلبين والسودان والصومال إلى جانب الالتزامات التى خصصتها كازاخستان لمساعدة سوريا .
مع الإنجازات المحلية والدولية التي تحسب لكازاخستان ومع احتفلال كازاخستان بالذكرى الحادية والعشرون على الاستقلال ، فهى دولة تفخر بإستقلالها وإنجازاتها وهناك الكثير من الوعود التى سوف تحقق والان يفخر ويعتز كل مواطن كازاخى بحجم الانجازات والتقدم التى وصلت إليه كازاخستان .