بات واضحاً أن الصحفيين ليسوا هدفاً للحكومات والأنظمة الفاسدة فحسب، ولكنهم أصبحوا في مرمى نيران حكومة ونظام ما بعد الثورة أيضا، وما يثير الاستفهام هو التعامل غير الآدمي وغير الكريم مع الصحفيين، أصحاب رسالة الحق والحقيقة، وأصحاب الشرعية الثورية، وعين الشعب التي يرى بها كل ما خفي عليه من كواليس، تخفيها الأنظمة. إن إصدار القضاء العسكري حكماً بسجن الزميل "حاتم أبو النور" الصحفي بجريدة "الوطن" فعل لا يندرج إلا تحت عنوان "محاربة الحريات والنيل من أصحاب الأقلام"، وهو أمر لا نستغربه من سفاح مثل مبارك أو مرسي، ولكنه يثير التعجب والقلق عندما يصدر في عهد نظام "انتقالي" يفترض فيه أنه يرتب لحياة كريمة يحياها المواطن المصري، ويمهد لعصر جديد من الحرية والديمقراطية، وينهي عصر قصف الأقلام.
وتؤكد حركة "صحفيو الثورة" رفضها القاطع لكل الانتهاكات ضد الصحفيين، بداية من قتل زميل وحبس زميلين آخرين بدعوى انتهاكهم حظر التجوال، وحتى مثول أحد الصحفيين أمام القضاء العسكري، وعدم منحه حقه الطبيعي في المثول أمام قضاء مدني، إذا كانت الاتهامات في الأصل تستوجب المحاكمة.
وتطالب "صحفيو الثورة" الفريق أول عبدالفتاح السيسي، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، بالتدخل فوراً للإفراج عن الزميل حاتم أبو النور، وعدم التصديق على الحكم بحبسه سنة مع الشغل، وذلك كبرهان منه على دعمه للدولة المدنية التي يحق لمواطنيها المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي، وكذلك لدعم فكرة حرية الصحافة، التي يسعى كل الصحفيين لترسيخها في الدستور الجديد.
وتعرب الحركة عن بالغ أسفها إزاء صمت نقابة الصحفيين على حكم القضاء العسكري بحبس الزميل حاتم أبو النور، وعدم تدخلها في الموقف أو في المواقف السابقة، وهو ما يشير إلى أحد أمرين، إما أن النقابة فضلت السير في ركاب السلطة الجديدة وعدم معاداتها متخطية بذلك حقوق الصحفيين، وإما أنها أضعف من أن تطالب بحق أي صحفي، وهو ما يوجب على الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين اتخاذ موقف وسحب الثقة من المجلس الحالي، وانتخاب مجلس جديد قادر على حماية من أوكل إليه حمايتهم.