تظاهر آلاف المحتجين في العاصمة الفيدرالية الأميركية واشنطن، للمطالبة بإقرار قانون لإصلاح برامج المراقبة التي كلفت بها وكالة الأمن القومي المتهمة بانتهاك الحياة الخاصة.. كما شارك بها تسريبات المستشار السابق في الوكالة المكلفة مراقبة الاتصالات إدوارد سنودن بكلمة عبر دائرة مغلقة، قال فيها إن الوكالة تراقب كل شيء حتى عمليات الشراء.
وتأتي هذه التظاهرة وسط فضيحة نجمت عن تسريب مستشار سابق في الاستخبارات الأميركية لمعلومات تتحدث عن تنصت على اتصالات داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، بما في ذلك على قادة أجانب من الحلفاء للولايات المتحدة الأميركية. وأثار كشف المعلومات عن برامج المراقبة الواسعة هذه، القلق في الولاياتالمتحدة، بشأن دور وكالة يعتقد البعض أنها أصبحت خارجة عن السيطرة.
وبعد 12 عاماً تماماً على تبني الكونغرس للقانون الوطني باتريوت آكت، لتوسيع عمل الاستخبارات في مجال مكافحة الإرهاب بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001، دعا المحتجون إلى وقف «التجسس الواسع».
وتجمع المتظاهرون، الذين بلغ عددهم بحسب المنظمين 4500 شخص أمام مبنى الكابيتول مقر الكونغرس، وأطلقوا هتافات ضد وكالة الأمن القومي، من بينها: «وكالة الأمن القومي يجب أن ترحل» و«أوقفوا الحكومة السرية وكفوا عن التجسس وكفوا عن الكذب». وقدم المتظاهرون إلى الكونغرس عريضة وقعها عبر الإنترنت أكثر من 575 ألف شخص تطالب البرلمانيين ب «كشف الحجم الكامل لبرامج التجسس لوكالة الأمن القومي» المكلفة اعتراض الاتصالات على أنواعها.
الأميركيون ليسوا وحدهم وجرت التظاهرة في ذكرى مرور 12 عاماً على إقرار قانون باتريوت آكت، الذي منح وكالات الاستخبارات صلاحيات موسعة لمكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي.
وقال رئيس مجموعة الإعلام والتكنولوجيا الحرة كريغ اهارون أمام الحشد إن «الأميركيين ليسوا وحدهم العالقين في هذه القضية. نحتاج إلى اتخاذ موقف من أجل بقية العالم أيضاً». وأضاف أن «الأمر لا يتعلق باليمين واليسار، بل بالصحيح والخاطئ».
سنودن: كل شراء مراقب وفي رسالة وجهها إلى المتظاهرين، قال سنودن: «اليوم، لا يجري أحد في أميركا اتصالا بدون أن يكون له تسجيل لدى وكالة الأمن القومي. اليوم لا عملية شراء عبر الإنترنت تدخل إلى أميركا أو تخرج منها بدون أن تمر على وكالة الأمن القومي».
وأضاف سنودن منتقداً أعضاء الكونغرس: «ممثلونا في الكونغرس يقولون لنا إن هذا ليس مراقبة وهذا خطأ».
كرة سنودن ومنذ يونيو تكشف تسريبات ادوارد سنودن تسجيل معطيات هاتفية لمواطنين أميركيين ومراقبة مكالمات ملايين الفرنسيين والتنصت على الهواتف الجوالة لعدد من قادة الدول، وأبرزهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف. وأدى الكشف عن هذه المعلومات إلى إحراج كبير لإدارة الرئيس باراك أوباما.
ومع كشف المعلومات عن عمليات التنصت، اضطرت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لاتخاذ إجراءات في أغسطس، من أجل ضمان شفافية أكبر في برامج المراقبة، بما في ذلك البرنامج الذي سبب أكبر صدمة للأميركيين، ويتعلق بجمع المعطيات من تسجيل اتصالات هاتفية. وينوي الكونغرس الأميركي عقد جلسات استماع بشأن برامج المراقبة في الأسابيع المقبلة، بينما طرح عدد من مشاريع القوانين لتعديل هذا النظام.
تهديد الإنجازات الخارجية أدى الكشف عن عمليات تنصت أميركية واسعة على الاتصالات في العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة، إلى تهديد الإنجازات في مجال العلاقات الخارجية التي كان حتى الساعة يفتخر بها الرئيس باراك أوباما، الذي كان يعتبر أنه أعاد الثقة إلى العلاقات مع حلفاء واشنطن، بعد سنوات التوتر في عهد الرئيس السابق جورج بوش.
ولخص وزير الخارجية الأميركي جون كيري مظاهر قلق الدول الحليفة، عندما قال قبل أيام: «دخل في أذهان القادة الأجانب أنه في الوقت الذي نتفاوض فيه مع إيران، ونتفاوض حول عملية السلام في الشرق الأوسط، هل نستطيع أن نثق بالأميركيين؟».