قال الدكتور محمد إبراهيم منصور، ممثل حزب النور السلفي في لجنة الخمسين لتعديل دستور عام 2012 المعطل، إن «حزب النور يؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القائمة، مؤكدا أنه يفعل دور الأحزاب في المنافسة على البرامج الانتخابية التي تقدم للناخبين، وأن النظام الفردي سوف يفتح بابا للتنافس بين رؤوس الأموال وسيعيد مرة أخرى إلى الأذهان مع الوقت التزاوج بين المال والسلطة الذي كان سببا في إسقاط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وقيام ثورة 25 يناير عام 2011، مؤكدا أن ما يطالب به حزب النور هو أن يكون للأحزاب دور كبير في التعبير عن المجتمع كضمانة لاستيعاب كل التوجهات السياسية وتفعيل دورها في خدمة المجتمع والتنافس بين البرامج وليس بين رؤوس الأموال. وأضاف الدكتور منصور، الذي رشحه حزب النور لعضوية لجنة ال50، بعد انسحاب ممثله الأصلي الدكتور بسام الزرقا في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «لجنة الخبراء العشرة أعدت مسودة دستور انتقصت من الحقوق والحريات، وتقليص دور المجلس القومي لحقوق الإنسان في التضامن مع المتضرر من الاعتداء على حقوقه وحرياته، وحذفت مجانية خدمات الأمومة والطفولة، كما حذفت اللجنة تفصيلات مهمة لحقوق الفلاحين وأهل الريف والعمال والحرفيين وتفصيلات مهمة تتعلق بالزراعة والصناعة كمقومات اقتصادية مهمة، وأيضا حذفت اللجنة المادة التي تؤكد على المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين الجميع لتفتح الباب أمام الوساطة والمحسوبيات.
وشكل الرئيس المؤقت عدلي منصور لجنة من خبراء قانونيين (لجنة ال10) لتعديل مواد خلافية في الدستور المعطل، وسلمته إلى لجنة ال50 (الممثلة لقوى سياسية واجتماعية والكنائس والأزهر) التي يحق لها التعديل والحذف والإضافة، وعطل دستور 2012 عقب اجتماع الجيش مع قادة قوى سياسية من بينها ممثل عن حزب النور، وانتهى الاجتماع إلى عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
وانتقد منصور قيام لجنة العشرة بحذف مواد مهمة من الدستور مثل، مواد الهوية (219) والفقرة الخاصة بأخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية. وقال ممثل حزب النور (أكبر الأحزاب السلفية في مصر): «لا يختلف أحد على أن الشعب المصري يؤمن أنه يجب أن يكون الكتاب والسنة المصدر الرئيس للتشريع الملزم له دون استعباد أو إقصاء لأي حديث واحد بأية حجة كانت، وأنه لما كان الدستور في النظم الحديثة يعد عقدا ملزما بين السلطات والمؤسسات والأفراد وبين الأفراد بعضهم وبعض، وبالتالي الأمر كذلك يلزم ويتحتم أن يحتوي العقد على نص واضح لا لبس فيه يبين أن المصدر الرئيس للتشريع هو الكتاب والسنة بما يمنع صدور قانون يخالفهما، لأن الجميع سيكونون مطالبين بالالتزام بالقوانين التي تصدر منضبطة بهذا الدستور. ومسألة وضع أهل السنة والجماعة تعطينا صدقا في الاجتهادات الفقهية المنضبطة بالقواعد الصحيحة والسليمة، وتنفي من خرقوا سفينة الأمة من الخوارج والشيعة على مر التاريخ.
ووضع الإسلاميون الذين هيمنوا على الجمعية التأسيسية في دستور عام 2012 مادة برقم 219 تفسر المادة الثانية بشكل أكثر تشددا وتنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة».
وتابع أن عبارة «يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء» بمثابة ضمان لكل أطياف المجتمع من أن يترك الأمر للمتشددين.
وتنص المادة 4 من دستور 2012 المعطل على أن «الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم. ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية».
وأضاف أن «هيئة كبار العلماء ليست منشئة للأحكام وإنما كاشفة عنها وكلامها لن يكون مقدسا لأنها تعمل على أصول ثابتة ومعروفة، ومن الممكن أن يشارك الأزهر في هذا الكشف غيره إذا حصل أدوات الاجتهاد في الأصول التي تؤخذ منها وتستخرج أحكاما ربما تكون مخالفة لذلك المجتهد، وليس لأحدهما قدسية على الآخر، ما دام أنه ملتزم بالقواعد وأصول الاجتهاد، وبالتالي ليست دولة دينية، كما أن ذلك ليس تنازع سلطات مع المحكمة الدستورية العليا، لأن هيئة كبار العلماء هيئة خبراء تكشف ما في الشريعة من الأحكام والضوابط التي تؤدي إلى هذا الحكم، والمحكمة الدستورية هي المرجع النهائي في الحكم على القانون بما يتفق مع الدستور بناء على أهل الخبرة في هذا المجال».
وحول تضمين الدستور الجديد مادة تجرم بشكل واضح إنشاء الأحزاب السياسية على أساس ديني، تساءل منصور قائلا: «لا بد من تفسير مصطلح «إنشاء أحزاب على أساس ديني»، حيث لا يخلو أي حزب من أن تكون له آيديولوجيا معينة، والعبارة تحتاج إلى ضبط حتى لا نمنع أحدا من ممارسة العمل السياسي، وحتى لا يفتح المجال للعمل بطرق أخرى.
وعن المادة العاشرة في مسودة الدستور الجديد، والتي تنص على مساواة المرأة بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية، قال ممثل النور السلفي: «الفروق بين الرجل والمرأة تقتضي ضوابط واتزانا بين الأمرين، وإنما الإشكالية في كلمة مبادئ لتعدد تفسيراتها ومفاهيمها، وإطلاق المساواة بين الرجل والمرأة يتناقض مع الشريعة الإسلامية فلا بد من ضبط أحكام الشريعة الإسلامية فهذا ضمان للرجل والمرأة.
وعن وجه اعتراض النور على نص المادة الثالثة من الدستور المتعلقة بأهل الكتاب، أوضح الدكتور إبراهيم أن الحزب لم يعترض على المادة الثالثة من الدستور، بل إن الشريعة الإسلامية أعطت لغير المسلمين من اليهود والنصارى الحق في التحاكم إلى شرائعهم في أحوالهم الشخصية، فهذه المادة متضمنة في المادة الثانية، وليس هناك اعتراض على المادة، ولكن تغيير لفظ «اليهود والمسيحيين» إلى غير المسلمين والذي طالب به البعض، يفتح الباب أمام فوضى التشريع الذي يتعلق بالأحكام الشرعية.
وتنص المادة الثالثة من الدستور المعطل على أن «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية».
وعن رأيه في الجدل المثار حول نص المادة الثانية من الدستور، والتي تنص على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، قال الدكتور محمد إبراهيم منصور، ممثل حزب النور ب«لجنة ال50»، إن «جملة مبادئ الشريعة الإسلامية تحتاج إلى تفسير ثابت ومستقر للقضاء على حالة الجدل الدائر حولها، مشيرا إلى أن حزبه طرح رؤية واضحة لنص «مبادئ الشريعة الإسلامية» في الدستور حتى لا يخرج التشريع عن النص القرآني والأحاديث النبوية.
وعن موقف الحزب من قانون العزل السياسي لقيادات نظام مبارك ومرسي، قال إن «العزل السياسي يضر المجتمع ولا ينفعه، والصحيح أن يترك الأمر للشعب في أن يختار من يشاء ويعزل من يشاء».
وتابع أن موقف النور كما رأى أن تطبيق العزل على النظام الأسبق (نظام مبارك) يزيد من الانقسامات، فإن تطبيقه على جماعة الإخوان المسلمين (التي ينتمي لها الرئيس السابق مرسي) يضعنا في نفس الموقف.