اغتصب أكثر من عشرة أطفال. هدّدهم بسلاحه، وصوّر جرائمه لإشباع رغباته المرضية قبل أن يقع في قبضة مكتب الآداب. هذا الخبر كان وقعه شديدًا على مجتمع يحاضر بالعفّة ويبذل جهودًا كبيرة لإخفاء العفن فيه. المشتبه فيه لبناني ويقيم في بيروت ويرتكب أفعاله الشريرة في مناطق مختلفة. وليست المرة الاولى التي يشوب مجتمعًا محافظًا كلبنان مثل تلك الآفة، لكن يبقى السؤال كيف يمكن معالجة هؤلاء الاطفال المعتدى عليهم نفسيًا واجتماعيًا؟ تقول المحللة الاجتماعية والنفسية رندة خولي ل"إيلاف" إن الإعتداء الجنسي على الطفل أو الولد هو لإشباع رغبات البالغ أو المراهق الجنسية. وهو يشمل تعريض القاصر لنشاط أو سلوك جنسي، ويتضمن غالبًا التحرش من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيًا. ومن الأشكال الأخرى لهذا الاعتداء، المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للأولاد عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية. وتضيف:"الاعتداء الجنسي على الطفل عمل مقصود مع سبق الترصد، وأول شروطه أن يختلي المعتدي بضحيته. ولتحقيق هذه الخلوة، عادة ما يُغريه بدعوته إلى ممارسة نشاط معين. ويجب الأخذ في الاعتبار أن معظم المتحرشين جنسيًا بالأطفال هم أشخاص ذو صلة بهم. فإذا صدرت المحاولة الأولى من بالغ قريب، يجد الطفل تطمينات مباشرة بأن الأمر لا بأس به ولا عيب فيه، فإنها عادة ما تقابل بالاستجابة لها. وتبدأ بمداعبة المتحرش للطفل أو بالطلب إليه لمس أعضائه الخاصة محاولاً إقناعه بأن الأمر مجرد لعبة مسلية، وبأنهما سيشتريان بعض الحلوى التي يفضلها حالما تنتهي اللعبة. ولكن هناك منحى آخر لا ينطوي على أي نوع من الرقة، حيث يميل المتحرش إلى استخدام أساليب العنف والتهديد والخشونة لإخضاع الطفل جنسيًا لنزاوته. ولهذا التحرش الجنسي، شأن كل سلوك إدماني آخر، طابع تصاعدي مطرد. فهو قد يبدأ بمداعبة الطفل أو ملامسته، ولكنه سرعان ما يتحول إلى ممارسات جنسية أعمق. والمحافظة على السر هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى المتحرش. فكلما بقي الأمر طي الكتمان، أمكنه مواصلة سلوكه المنحرف إزاء الضحية. وقد يستخدم المتحرش الأكثر عنفًا تهديدات شخصية ضد الطفل أو الولد، أو يهدده بإلحاق الضرر بمن يحب. أعراض الاعتداء الجنسي ما هي اعراض الاعتداء الجنسي على الاطفال؟ تجيب خولي:"هناك بعض المؤشرات التي قد تنم عن احتمال تعرض القاصر للاعتداء الجنسي. فنراه، من الناحية النفسية والسلوكية، في حيرة واضطراب، وتظهر عليه مشاعر الحزن والإحباط، وغيرها من أعراض الاكتئاب، فيُبدي انزعاجًا أو تخوفًا أو يرفض الذهاب إلى مكان معين أو البقاء مع شخص معين. كما يُبدي شعورًا بعدم الارتياح، ويرفض العواطف الأبوية التقليدية. ويعاني مشاكل في النوم، كالقلق والكوابيس ورفض النوم وحيدًا والإصرار على إبقاء النور مضاء، ثم يبدأ باستخدام كلمات جنسية أو أسماء جديدة لأعضاء الجسم الخاصة، ثم تظهر بعض العلامات كمص الإصبع والتبول الليلي وما إلى ذلك. أما من الناحية التربوية والاجتماعية، تضيف " فيُعاني الولد المعتدى عليه مشاكل مفاجئة في الدراسة. ويحصل تغيير مفاجئ في شخصيته، ويُصبح خجولاً وانطوائيًا، وتظهر عليه علامات السلوك العدواني أو المنحرف أو المناقض للقانون أحيانًا، وكل ذلك لاعتقاده أو لشعوره بأنه سيئ للغاية ويستحق العقاب. وقد يسعى لتدمير ذاته، وأحيانًا يتعمد جرح نفسه، كما تظهر عنده ثورات الغضب والانفعال غير المبررة، ويفكر في الانتحار. عواقب الاعتداء الجنسي للاعتداء الجنسي آثار عاطفية، تتابع خولي، "مدمرة أبرزها قتل "الإنسان" الذي هو داخل المعتدى عليه. ويمكن لضحايا هذا الاعتداء أن يصابوا بأمراض عديدة كالسيدا أو غيرها من الأمراض المنقولة جنسيًا. أما المراهقات اللواتي يحملن من جراء الاعتداء الجنسي، فتزداد حياتهن تعقيدًا. ويشعر بعضهم بالذنب، إذ ينظرون إلى الراشدين على أنهم أشخاص كاملون وصادقون. كما يشعرون بالعار والخزي والفساد، ويلجأون إلى الانتحار لعدم قدرتهم على طرد الذكريات المؤلمة التي تراودهم طيلة حياتهم. كيفية التحرر من الاعتداء الجنسي هناك خطوات عديدة تساعد الضحية على التحرر من هذه العبودية والشفاء من آثارها البليغة تقول خولي. "وتبدأ أولاً بوضع حد للاعتداء من خلال الإفشاء بالأمر وإبلاغ الأهل أو السلطة المختصة إذا اقتضى الأمر. بعدها، يجب مُساعدة المعتدى عليه ليُدرك أنه ليس المذنب، وأن أهله والله ليسوا غاضبين منه، فلا يلم نفسه على خطأ ارتكبه شخص آخر تجاهه. كما ينصح باستشارة معالج نفسي يساعده على تخطي الأزمة. في النهاية، يجب على الأهل أن يعوا حقيقة الاعتداءات الجنسية وخطورتها على الأطفال. كما يجب عليهم توعية أولادهم على أن أجسادهم ملك خاص بهم، وأن يغرسوا فيهم روح المقاومة والدفاع عن النفس وأن يشجعوهم على التحدث عن هذه المواضيع معهم، وأن يفصحوا باكرًا عن أية محاولة تحرش جنسي تجاههم.