لم أعتبر يوسف القرضاوى شيخا، سوى لكونه جاوز الثمانين من عمره، وبرغم كونه رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، إلا أننى لا أراه عالما إسلاميا، بينما رجل يحمل سلعة يبيعها فى سوق السلع الأكثر رواجا، الفتاوى. القرضاوى، ذو فتاوى شاذة، كثيرة، ربما تتجاوز سنوات عمرها، وشعره الأبيض، لكن أكثرها شذوذا، وغرابة ليست بغريبة عليه، فتوى الجهاد فى مصر، التى يلخص مفادها دعوته للمسلمين فى باكستان وليبيا والعراق ولبنان وفلسطين، إلى الجهاد فى مصر ونيل الشهادة من أجل الدفاع عن شرعية الرئيس المعزول «النحس» محمد مرسى، وجماعته ومؤيديه سواء فى إشارة رابعة العدوية أو ميدان النهضة.
لم تكن الفتوى ناتجة عن خلل عقلى أصاب الشيخ الذى يعتبره الإخوان جليلا، وإنما جاءت عن محض «هوى»، فحبه لجماعة الإخوان أكبر من خوفه من الله، حبه للجماعة اللعوب، دفعه لتفجير الفتنة التى هى أشد من القتل، فدعى للاقتتال، وبداية حرب أهلية بين أبناء الوطن الواحد.
القرضاوى بفتواه الشاذة أكد أنه لا ينتمى إلى مصر، ولا يحب لها الخير، فالوطن الذى يدعو للاقتتال فيه ليس وطنه الحقيقى، وإن كان يعرف عنه شيئا ما أطلق دعواه وفتواه الموجهة، والدليل على كونها موجهة صمته المزرى عند سقوط كل شهيد من معارضى مرسى أثناء فترة حكم مرسى لا أعادها الله علينا، فالدم عند القرضاوى ليس واحدًا، إن وقع شهيدا من المعارضين للرئيس السابق فهو كافر، وإن وقع مجموعة من البلطجية، هاجموا قوات الجيش عند دار الحرس الجمهورى، وعند النصب التذكار للجندى المجهول فهم فى الجنة وقتلاهم فى النار.
لا أعلم كيف يفكر مثل هؤلاء، ولا كيف ينظرون إلى أنفسهم فى المرآة، يريدون الخراب للشعوب، من أجل مكاسب يعتبرونها كبيرة بينما هى أقل من أن تذكر، فالمال الذى يجمعونه نظير فتاوى موجهة لن ينفعهم شيئا حين يقفون بين يدى الله، يسألهم عن أفعالهم، ولعل الشيخ يوسف القرضاوى يعلم قول الله تعالى «والفتنة أشد من القتل»، وهو بفتواه يريد الذى التى احتواه السوء، إذ إنه لم يلق من مصر، ما لقاه من الصغيرة لحد التقزم قطر، التى طبقت معه المثال القائل «آخر خدمة الغز علقة»، وطردته بعد إنهاكه ضربا وهو فى مثل هذه السن، فمصر دائما ترحب بتنوع الأفكار، وقد ترحب بفتاوى شاذة من فتاوى الشيخ الثمانينى بشرط ألا تثير الفتن.
ما فعله القرضاوى بمصر، فعله قبلها بليبيا حينما أهدر دم الرئيس الليبى السابق معمر القذافى، وأباح الجهاد بليبيا، وأهدر دم الرئيس الفلسطينى محمود عباس إذا ثبت مشاركته أو تورطه فى حرب غزة، لكن.. يبدو أن القرضاوى لا يعرف الفارق بين مصر وأى دولة أخرى، مصر ستظل آمنة رغم وجود أمثاله، والقضاء على الإرهاب والبلطجة فى طريقه بعد تفويض الشعب للفريق أول عبد الفتاح السيسى للقضاء على الإرهاب.
ما يحتاج لوقفة فعلية هنا، هو تصريحات القرضاوى التى خرجت من مكتبه بالدوحة عاصمة صغيرة قطر، من خلال قناة الجزيرة، وأهان فيها الفريق السيسى وشيخ الأزهر الدكتور الجليل أحمد الطيب، ووصفهما بالخيانة، كما هاجم الأمراء والحكام العرب، بأن ملياراتهم تقتل المسلمين.
هنا يجب أن نذكر أن تصريح القرضاوى وهجومه على مؤسستى الجيش والأزهر، مجرد رد فعل صبيانى، بعد عزل رئيسهم الذى سقط وعُزل بإرادة شعبية شرعية، ما سبب لهم ألما كبيرا، وغصة فى حلقهم لا يستطيعون تجاوزها، لذا فكل من ينتمى إلى مشروع الإسلام السياسى، فى حالة من التخبط الشديد، ومنهم الشيخ يوسف القرضاوى.
أما عن الحكام العرب وملياراتهم التى يقتل بها المسلمين كما أشار الشيخ على إثمهم، يجب أن نسأل عن «قطر» وملياراتها، التى ساندت بها نظام الإخوان، بكل قوة، ألم تقتل هذه المليارات شبابًا من الثائرين على حكم الإخوان؟، أم أن دم الإخوان له حرمة، وبقية دماء المصريين ليس لها حرمة ؟
الشيخ يوسف القرضاوى، سببت الفتاوى التى يصدرها ردود أفعال دول منعت دخوله إلى أراضيها، مثل فرنسا التى قالت إنه غير مرحب به على الأراضى الفرنسية ورفضت بريطانيا منحه تأشيرة الدخول إلى أراضيها لدعمه للإرهاب.
على الشيخ الثمانينى، أن يحترم بلده، وسنه، وأن يختفى عن الأنظار، مادامت الفتاوى التى يصدرها وسيصدرها، تدل على توجهاته السياسية، وعندئذ ستذهب البقية القليلة الباقية من مصداقية.