الأمين العام للجبهة الوطنية يطالب بإعادة النظر في تعديلات قانون الإيجار القديم    مكتب الإعلام الحكومي في غزة : قصف الاحتلال لمراكز الإيواء جريمة إبادة جماعية    بولندا تنتقد بشدة سياسة الهجرة التي تنتهجها الحكومة الألمانية الجديدة    3 خيارات والتصعيد لا مفر منه.. بيراميدز والأهلي والزمالك يترقبون الحسم في أزمة ال58 يوما    "خد أكبر من حجمه".. نجم الزمالك السابق يعلق عبر مصراوي عن أزمة زيزو    رئيس اتحاد الجودو: تعاون المدربين واللاعبين سرّ الإنجاز.. والميدالية رمز تعب    مصرع شخص مجهول الهوية أسفل عجلات القطار في بني سويف    لمدة 6 أيام.. الفرقة القومية المسرحية بالفيوم تقدم ليالي العرض المسرحي «يوم أن قتلوا الغناء» بالمجان    سهير رمزي: "اشتغلت مضيفة طيران والزعيم لم يكن شخص عصبي"    بوسى شلبى لورثة محمود عبد العزيز: زواجى مثبت وعلاقتنا لا تخالف شرع الله    حسام موافي يوضح الفرق بين الشريان والوريد    تفاصيل احتفال دمياط بعيدها القومى فى ذكرى انتصارات الأجداد عام 1250م    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات الطفولة المبكرة    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    نائب روسي: الاتحاد الأوروبي أصبح خليفة للرايخ الثالث    الجمعة.. قافلة طبية مجانية بقرية صلاح الدين في البحيرة    بإطلالة طبيعية.. مي كساب تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    محافظ المنيا: حزمة تيسيرات جديدة للراغبين في ترخيص محالهم التجارية .. ولا تهاون مع المخالفين    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    وزير التموين يكشف تفاصيل عن تطبيق رادار الأسعار    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    «الزيت يكفي 3.7 شهر».. وزير التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    ضبط مروري مكثف.. سحب 934 رخصة وضبط 507 دراجة نارية ورفع 46 مركبة مهملة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    «قمة الإثارة».. أفاعي الإنتر تلتهم نجوم برشلونة وتتأهل لنهائي الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاج الداء من معين سيرة سيد الأنبياء
نشر في الفجر يوم 23 - 07 - 2013

البشرية الحائرة في جميع الأزمان في حاجة إلى ربّان، وقائد يهديها سواء السبيل، وحادٍ يقودها إلى السعادة السرمدية في حياتها الأولى والآخرة. فكان هذا القائد على الدوام رسول الله إلى عباده على مدى الأزمان حسبما يقتضيه الحال والمقام، وصدق الله العظيم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم:4-5]

ومر ركب الرسالات الإلهية على مدى الأزمان، فكل رسول يبعث فيبلغ رسالة ربه إلى عباده بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن، فمن آمن واهتدى واتبع سبيل الله مع رسول الله بَعُد عن الردى، ونال حظه في السعادة بالهدى.

ومن زاغ عن طريق مولاه وأعلن العصيان لرسول الله، فقد عرض نفسه للردى، وكسا حياته بالتعاسة والخسران والانحراف عن الهوى، كما قال جل جلاله: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}[الإسراء:15].

وجاءنا مسك الختام، ورسول السلام، ونور الله في أرضه لجميع الأنام إلى يوم الدين، سيدنا ومولانا وشفيعنا محمد بن عبد الله من ولد عدنان، وذلك على فترة من الرسل، وقد صارت البشرية في نهايتها على مشارف الآخرة، في حاجة ماسة إلى رسول من الله يعدل مسيرتها في الحياة، ويرسم لها طرائق الآمال التي يرتضيها خالقهم لعباده في دنياهم، ويوم يقوم الأشهاد.

وقد كان الناس في حاجة إلى هذا النبي، حيث انحرفت بهم مسالك الحياة، فعاشوا في ظلمات كقطع الليل المظلم، من قتلٍ، وسفك دماءٍ، ونهبٍ للأموال، وإتيان الفواحش، وحروب مدمرة، وفساد في الأخلاق عند كثير من الشباب، وانحلال تام في الحياة الإنسانية، فجاءهم رسول الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور... وحقًّا ما قاله أحد المحبين المخلصين:

لما أراد الله جل جلاله أن ينقذ الدنيا من العثرات
أهداك ربك للورى يا سيدي فيضًا من الأنوار والرحمات

ويقول الأستاذ المربي الشيخ محمد فتح الله كولن ما ترجمته: «وكان صلى الله عليه وسلم يحلّ أعقد المشاكل الاجتماعية بكل بساطة وسهولة، وبعده بثلاثة عشر قرنًا أشار جورج برنارد شو على هذه الحقيقة قائلاً: ما أحوج عصرنا إلى شخص مثل محمد صلى الله عليه وسلم يحلّ له مشاكله، ريثما يشرب فنجانًا من القهوة، وهذا هو المهم، فالفضل ما شهدت به الأعداء"[1].

وفي كلام برنارد شو إشارة إلى عودة الفتن التي غطت العالم لبعدهم عن منهاج السماء، وموت العلماء، وضعف الدين في نفوس الأحياء، فقد كثرت عليهم النعم، وانفتحت الدنيا وما فيها من كرم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فمن شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، وهذا الضلال هو الذي نراه الآن في ركب الإنسانية الحائرة وحياتها الخائرة.

فشباب المسلمين قد خدعوا بمدنية الغربيين، وظنوا أنها جاءتهم بلا عمل ولا جهد، أو عرفوا أنهم يعملون، لكن الشباب لا ينظرون إلى الوسائل والبدايات، والمسالك الموصلة إلى الغايات، وإنما بروق المدنية الزائفة وما فيها من زخرف يأخذ بالعيون والألباب، فيندفعون نحوها، فيا ليت قومي يعلمون.

يا معشر الشباب انظروا إلى تاريخكم المشرف في بناء دولة الإسلام إبان العهد الذهبي الذي بناه سيد العالمين ورحمة الكائنات إلى يوم الدين، ترون شبابًا حول المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم يفتدون رسولهم ودينهم بأرواحهم وأبدانهم وآبائهم وأمهاتهم طلبًا لعزة الله في هذه الحياة، ويوم يقوم الناس لرب العالمين، فدانت لهم المشارق بما فيها من ممالك، والمغارب بما كانت عليه من سلاطين يتعاركون، وقد ساد بينهم التطاحن في ظلمات الجهل مع الشياطين، حتى سطعت أنوار الله عليهم فكانوا مسلمين.

فيا شباب الأمة، أنتم السواعد القوية لإقامة الحضارة الإسلامية، وبناء صرح الأمة المرضية، فكونوا عاملين على هذا السبيل...

وهذا نبيكم الذي رباكم في بداية الأمر على هذا الخط المستقيم كما قال سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام:153].

ولقد رسم الله سبحانه، هذا السبيل في الآيات السابقة على هذه الآية فقال عز من قائل: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}[الأنعام:151]، وهذا هو أول السبيل؛ توحيد الله الذي لا إله سواه، وأنه صاحب الخلق والأمر.

{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الأنعام:151]، وهذه صلة الرحم الأولى، بحيث لو نَمَتْ في روح الأمة، لرأيت أمة واحدة متناصرة، لها ثمراتها الطيبة.

{وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام:151]، فالآية فيها عناية الآباء بالأبناء. وكانوا في الجاهلية يقتلونهم خوفًا من الفقر، أو كانوا فقراء فحماهم الله تعالى بهذا التصريح، وأنه الرزاق ذو القوة المتين.

{وَلاَ تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأنعام:151]، وفي هذا النعي حفظ للإنسان نفسه عن كل ما يضره من الموبقات ظاهرًا وباطنًا، كالزنا، وشرب الخمور، وقول الزور، والحقد والحسد والعداوات... ونحو ذلك من الموبقات المهلكات للأمم والشعوب.

{وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}[الأنعام:151]، وهذا نهي عن قتل الإنسان لأخيه الإنسان، أو تخطي حدود الأدب معه في حال... فكل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه كما صح عن المصطفى المعصوم صلى الله عليه وسلم.

{ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الأنعام:151]، فالعاقل هو الذي يدرك هذه المعاني وآثارها في الحياة.

{وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}[الأنعام:152]، وهذا تنظيم للعلاقة مع اليتيم الذي فقد عائله، ليكون المجتمع متماسكًا، كشجرة واحدة {أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}[إبراهيم:24-25]، {وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[البقرة:74].

{وَأَوْفُوا الكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}[الأنعام:152]، وهذه قاعدة التعامل في الأسواق بالبيع والشراء كما جاء في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا المِيزَانَ}[الرحمن:9].

{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}[الأنعام:152]، فهذا نظام القول والشهادة في كل الأمور لجميع الناس.

{وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا}[الأنعام:152]، فهذه العهود عقود بين الناس يراها العليم الخبير ويشهد عليها، ولذا وجب الوفاء، وإلا حوسب العبد على نقض العهد في دنياه وأخراه من العليم بذات الصدور.

{ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[الأنعام:152]، وهذه الذكرى الدائمة تبعث فينا الحياة الطيبة، وفي الآخرة الثواب بالجنات والنعيم المقيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.