أعلنت الحكومة الباكستانية الجديدة برئاسة نواز شريف أنها ستحاكم الرئيس السابق برويز مشرف بتهمة الخيانة العظمى والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد. يستعد رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لتوفير كل الأجواء القضائية لتقديم الرئيس السابق برويز مشرف الذي كان أطاحه من رئاسة الحكومة المنتخبة العام 1999 في انقلاب عسكري بتهمة "الخيانة العظمى". واعتبر شريف الذي عاد لرئاسة الحكومة بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 4 حزيران (يونيو) الحالي في كلمة ألقاها أمام البرلمان الاثنين ان برويز مشرف متهم بالتورط في العديد من جرائم القتل وإساءة استخدام السلطة، وبصفة خاصة فصل القضاة بشكل غير قانوني عندما كان يحكم البلاد.
وكان مشرف عين نفسه رئيساً لباكستان في 20 حزيران (يونيو) 2001 ممسكا بكل خيوط السلطة وذلك بعد عامين من قيادته الجيش للانقلاب على رئيس الوزراء آنذاك نواز شريف، وقد أعاد بانقلابه هذا الجيش إلى سدة الحكم بعد غياب زاد عن عشر سنوات أي منذ مقتل الجنرال ضياء الحق في عام 1988 في حادث طائرة. وصرح نواز شريف: "انتهاك الدستور يعد خيانة عظمى. وتعتبر الحكومة الفيدرالية أن أي شخص تتم إدانته بمثل هذا الانتهاك يجب أن يتم تقديمه إلى العدالة".
وتطرق رئيس الوزراء الباكستاني إلى حالة برويز مشرف مع النائب العام الذي كان من المفترض أن يحدد موقفه من هذه القضية بعد فترة وجيزة من خطاب نواز شريف. ففي باكستان، الدولة وحدها تستطيع رفع قضية بتهمة الخيانة العظمى. وكان مشرف انقلب على نواز شريف في تشرين الأول (أكتوبر) 1999 على خلفية اتهامه له بمحاولة إسقاط الطائرة التي كانت تقله قادمة من سري لانكا، كما كان أعلن حالة الطوارئ في البلاد 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 بعد الانتخابات الرئاسية وقبل يومين من قرار المحكمة الدستورية العليا في البلاد للبت في شرعية الانتخابات. انتهاك الدستور وشدد شريف على أنه "سيتعين على مشرف الرد على إدانته أمام المحكمة. وسنواصل الإجراءات القضائية وسيتم إبلاغ جميع القوى السياسية بها"، مضيفًا أن "مشرف انتهك الدستور مرتين. أطاح بحكومة منتخبة في عام 1999 مهددًا الهيكل بأكمله. وفصل قضاة وسجنهم".
واختتم نواز شريف تصريحاته قائلًا: "إن الحكومة الفيدرالية تعتقد أن تعليق الدستور بمثل هذه الطريقة يعد خيانة عظمى". يذكر أن الجنرال برويز مشرف كان اعلن استقالته من الرئاسة في خطاب متلفز في يوم 18 أغسطس/ آب 2008 وذلك قبيل جلسة للبرلمان كان الائتلاف الحاكم يعتزم فيها مساءلته تمهيداً لعزله. وكان الائتلاف الحاكم حينذاك أعلن اعتزامه القيام بمساءلة مشرف لكنه دافع في كلمة أذاعها التلفزيون واستمرت لمدة ساعة عن حكمه الذي استمر نحو 9 أعوام، ورفض المزاعم الموجهة ضده ولكنه قال انه يترك منصبه بعد مشاورات مع المستشارين القانونيين والانصار السياسيين المقربين منه وبناء على نصيحتهم. والجنرال برويز مشرف مولود في مدينة نيودلهي التي صارت عاصمة للهند بعد انفصال باكستان، ثم هاجرت أسرته إلى باكستان حيث تلقى تعليمه الأولي في كراتشي. تدرج في الجيش وفي عام 1964 التحق بالجيش وتدرج في مناصبه المختلفة حتى تقلد منصب قائد الجيش عام 1998 عقب استقالة الجنرال جهانغير كرامت من المنصب. وخاض الجنرال مشرف حربين ضد الهند، أولاهما عام 1965 في ولاية البنجاب وتلقى نيشان البسالة، كما خاض الحرب الثانية عام 1971. كما كان قائدًا للجيش الباكستاني إبان القتال العنيف بين الهند وباكستان في عام 1999 في مرتفعات كارغيل التي انتهت بانسحاب المقاتلين الكشميريين منها بضغط من رئيس الوزراء نواز شريف. واتهمت الهند باكستان في ذلك الوقت باختراق الخط الفاصل، في حين نفت باكستان الاتهام. ولعل أبرز ما سيحفظه التاريخ من سيرة الجنرال برويز مشرف موافقته على مطالب أميركا بالسماح لها باستخدام الأراضي الباكستانية لضرب حركة طالبان التي رفضت تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بعد اتهام أميركا له بتفجيرات نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر 2001. وفي الختام، يشار إلى أنه كان لعملية هدم (المسجد الأحمر) بالغ الأثر على مستقبل الرئيس الباكستاني الأسبق مشرف في الحكم وقد اعترف بذلك بنفسه قائلا: إن سبب فقدانه السلطة يعود إلى إعطائه الأوامر باقتحام المسجد الأحمر في إسلام أباد خلال يوليو 2008. وقال إن تلك العملية حولته من "بطل إلى صفر".