فى واقعة غير مسبوقة أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف استقالته من رئاسة بلاده بعد فترة حكم استمرت تسعة أعوام وبعد مشاورات مطولة .. مشرف اتخذ القرار بهدف تجنيب البلاد مزيدا من المشكلات على حد قوله حيث أكد انه وضع بلاده دائما اولا وقبل كل شيء . اعلان الاستقالة جاء قبيل ساعات من جلسة حاسمة للبرلمان لدراسة لائحة اتهامات قدمها الائتلاف الحاكم تمهيدًا لعزله . وتحيق بمشرف أزمة سياسية منذ بداية العام الماضي أثارت مخاوف الولاياتالمتحدة وحلفائه ازاء استقرار البلاد التي تتمتع بقدرة نووية والتي تعد أيضا ملاذا لزعماء تنظيم القاعدة. ضغوط متزايدة .. كان الائتلاف الحاكم بقيادة حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة التي اغتيلت بينظير بوتو قد سعى لمساءلة مشرف القائد السابق للجيش والحليف الوثيق للولايات المتحدة عن أعوام من الحكم السيء على حد زعمهم ووجه الرئيس الباكستاني برويز مشرف نداء للمصالحة الوطنية لتجاوز حالة الاحتقان السياسي التي تعرفها البلاد وتجاهل تحركات الائتلاف الحكومي الساعية لإزاحته عن السلطة. الا انه اضطر فى النهاية الى تقديم الاستقالة . الرئيس الباكستاني دافع عن سجله في الحكم، وقال إنه انجز الكثير على الصعيد الاقتصادي، وان وضع البلاد حتى اشهر قليلة مضت كان جيدا. وفي ما يلي أهم المحطات التاريخية في حياة الجنرال مشرف: - ولد مشرف عام 1943 في مدينة نيودلهي التي صارت عاصمة للهند بعد انفصال باكستان، ثم هاجرت أسرته إلى باكستان حيث تلقى تعليمه الأولي في كراتشي. - في عام 1964 التحق بالجيش وتدرج في مناصبه المختلفة حتى تقلد منصب قائد الجيش عام 1998 عقب استقالة الجنرال "جهانغير كرامت "من المنصب. - خاض حربين ضد الهند، أولاهما عام 1965 في ولاية البنجاب وتلقى نيشان البسالة، كما خاض الحرب الثانية عام 1971. - كان قائدا للجيش الباكستاني إبان القتال العنيف بين الهند وباكستان في عام 1999في مرتفعات" كارغيل" التي انتهت بانسحاب المقاتلين الكشميريين منها بضغط من رئيس الوزراء نواز شريف. واتهمت الهند باكستان في ذلك الوقت باختراق الخط الفاصل، في حين نفت باكستان الاتهام. - انقلب على نواز شريف في أكتوبر 1999 على خلفية اتهامه له بمحاولة إسقاط الطائرة التي كانت تقله قادمة من سريلانكا. - عين نفسه رئيسا لباكستان بعد استفتاء شعبي في السادس والعشرين من يونيو 2001 إثر اتهام المعارضة السياسية له بفقدان الشرعية لتمثيل باكستان في لقاء القمة مع الهند. ولعل أبرز ما سيحفظه التاريخ من سيرة برويز مشرف : - موافقته على مطالب أمريكا بالسماح لها باستخدام الأراضي الباكستانية لضرب حركة طالبان التي رفضت تسليم بن دلان بعد اتهام أمريكا له بتفجيرات نيويوركوواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر 2001، والتي ما تزال مستمرة. - أعلان حالة الطوارئ في البلاد 2 نوفنبر 2007 بعد الإنتخابات الرئاسية و قبل يومين من قرار المحكمة الدستورية العليا في البلاد للبت في شرعية الإنتخابات و بعد تدهور الوضع الأمني في البلاد بسبب قتال الجيش مع الإسلاميين في شرق البلاد . - تخلى الرئيس الباكستاني "برفيز مشرف" عن قيادة الجيش يوم الأربعاء 28 نوفمبر ، في احتفال رسمي سلم خلاله نائبه الجنرال "أشفاق برفيز كياني" قيادة القوات المسلحة، وذلك قبل يوم واحد من أدائه اليمين الدستورية كرئيس "مدني منتخب" لفترة ولاية ثالثة في باكستان. - استقال في18أغسطس 2008 قبيل مسائلته في البرلمان .. لماذا الآن ..؟ ويرى المحللون السياسيون أن اختيار هذا الوقت لبدء إجراءات إقالة مشرف يعود لسببين ، أحدهما خارجي والآخر داخلي. أما السبب الخارجي كما يرى المراقبون فهو قبول الولاياتالمتحدة بالتخلي عنه، حين وجدت البديل الأكثر شعبية على المستوى الداخلي والدليل على ذلك تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض قبل أيام، بأن الولاياتالمتحدة لن تقحم نفسها في المسائل الداخلية لباكستان، في إشارة إلى إجراءات عزل مشرف، وهي التي سبق أن تدخلت - ولا تزال تتدخل - سياسياً وعسكرياً في القرارات المصيرية لباكستان، الامر الذى لا يمكن تفسيره إلا أنه تخلٍ من واشنطن عن حليفها السابق أما السبب الداخلي - الذي ربما يكون له ارتباط بالأول - فهو عدم مساندة الجيش لقائده العسكري السابق، إذ لوح الجيش بأنه سينأى بنفسه عن مساندة الرئيس مشرف ضد البرلمان، في إشارة أخرى تحد من إمكان لجوء الرئيس إلى عمل عسكري يضمن بقاءه في مقعده في سدة الرئاسة، كما اعتاد في السابق . وبغض النظر عن إمكان تحقيق العدد الكافي في البرلمان لإقالة مشرف في الوقت الحالي، إذ يتطلب الدستور الباكستاني الحصول على تأييد ثلثي أعضاء البرلمان بمجلسيه أي 295 صوتاً، من أصل 439 صوتاً، وهو الأمر الذي لم يتم تحقيقه بعد، بغض النظر عن ذلك، فإن مجرد إثارة طلب إقالة الرئيس الباكستاني في أروقة البرلمان، كان كفيلا بأن يوقد شعلة من الحماسة لدى عدد من البرلمانيين المستقلين، الذين يواجهون معركة انتخابية قريبة، وتبعاً لذلك يتوجب عليهم إرضاء ناخبيهم الذين لا يرغبون في بقاء زعيمهم الذي نجا من ست محاولات اغتيال