كانت ثمانية شهور تقريبا, كافية ليسقط المستشار "أحمد مكى"، وزير العدل المستقيل، من موقعه فى ذاكرة الوطن وعيون المصريين كقاض من أهم رموز استقلال القضاء، المدافعين عن العدالة، إلى وزير يدافع عن الطوارىء، ويضلل الرأى العام فى قضية الشهيد محمد الجندى، ويصفع سائق يعمل تحت إمرته على وجهه ويسبه بأبيه.
لا ينسى المصريون، الانتفاضة الشهيرة للقضاة، التي كان بطلها، شقيقه المستشار "محمود مكي" والمستشار "هشام البسطويسي" عام 2005، عندما كشفا تزوير الإنتخابات البرلمانية، وقد نال موقفهما الفاضح للتزوير تضامنًا واسعًا من القوى الوطنية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين، وحركة كفاية، وجموع القضاة، والمنظمات الحقوقية، لعب الإعلام بجانب القوى الوطنية الدور الأكبر في مساندة قضية "مكي والبسطويسي"، الذى بات تخريبيا من وجه نظر "مكى الوزير" بعد ذلك بسنوات لأنه كشف حجم الزيف الإخوانى والخواء الرئاسى، الذى يمثله الرئيس القابع فى الاتحادية محاصرا فى معظم الأوقات.
بدأ ظهور "مكي" على الساحة السياسية منذ عام 1986 في مؤتمر العدالة الأول لنادي القضاة، والذي وقف فيه "مكي" إلى جانب المستشار الغرياني وآخرين، يطالبون بفصل السلطة التنفيذية عن المحاكم نهائيًا، وعرف كأحد رموز الاستقلال وكان له مواقف ضد النظام السابق تعرض بسبها للمحاكمة والإقصاء، لهذا كان من المستغرب أن يدافع "مكى الوزير" عن قانون الطوارىء، ويدعى أنه "ذكر فى القرآن"، وهو الذى وقف فى نادى القضاة مدافعا عن استقلال القضاء مع زملائه من تيار الاستقلال، وكانت القوى الوطنية تحتشد فى الشوارع المحيطة بالنادى، وسط مطاردات من قوات الأمن للنشطاء فيما يشبه حربا أهلية، وجرى اعتقال العشرات، منهم "فادى أسكندر" و"محمد شرقاوى" و"كريم الشاعر"، زملاء الشهيد "محمد الجندى" الذى قضى بعد تعذيبه داخل أحدى معسكرات الأمن المركزى، وتم صعقه بالكهرباء فى لسانه بشهادة الطب الشرعى، قبل أن يخرج "مكى الوزير" ليقول إن الجندى مات متأثرا بجراحه أثر اصطدامه بسيارة!!
"أخر خدمة الغز" مثل مصرى يليق بنهاية "مكى الوزير"، الذى قضى مدته الوزارية لخدمة الإخوان والسلطة التنفيذية، أحمد المغير أحد شباب الإخوان خاطب "مكى" قائلا: إذهب غير مأسوفا عليك، وقال أحد كوادر حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، إن مكى فشل فى إدارة الوزارة.
ليخرج القاضى الذى دافع عن استقلال القضاء فى زمن مبارك، من وزارة قنديل، متهما بالفشل الذريع من قبل الإخوان، ويحمل الخيبة التى زرعها فى نفوس زملائه، من القضاة الذين توسموا فى توليه منصب وزير العدل خيرا، غير مأسوفا عليه من قبل قوى الثورة الوطنية والشباب.