مقاول مصرى صعيدى سافر مع عماله إلى بلد عربى شقيق لبناء قصر لحساب أحد الأمراء، وكان الأمير قد اشترط أن يتم بناء القصر خلال سنة واحدة على أقصى تقدير. لكن المقاول الصعيدى الشاطر، تمكن بفضل الله، وسواعد عماله الصعايدة، من الانتهاء من بناء القصر قبل انتهاء العام بشهور، ويبدو أن الأمير فوجئ واغتاظ من أنه سيدفع مبلغ الاتفاق، نفسه، مقابل عمل انتهى فى شهور! وفكر الأمير فى الانتقام من المقاول الصعيدى الشاطر، ودبر له مكيدة، وفوجئ المقاول بأنه يتم القبض عليه، دون ذنب أو جريمة، ووجد نفسه سجيناً داخل سجن مظلم تحت الأرض! وقضى المقاول أول أيام السجن فى تعاسة وحيرة، إنه لم يرتكب إثماً يستحق عليه السجن وشعر أن نهايته ستكون هنا، وقد يعيش ما تبقى من حياته، ويموت وراء هذا السجن، دون أن يسمع أحد عنه شيئاً! لكن القدر ساق له أحد حراس السجن، ذمته واسعة، اتفق معه على أن يقوم بتهريبه، مقابل مبلغ مالى كبير. وهو ماحدث بالفعل، وخرج المقاول فى غمضة عين من السجن، دون أن يشعر به أحد كما لم يشعر به أحد عندما اقتيد ظلماً إلى السجن! ولم يذهب المقاول إلى الأمير ليعاتبه على ما حدث، لكنه حزم أمتعته، وحجز مقعداً على أول طائرة عائدة إلى الوطن، وفى المطار وقبل أن يصعد إلى الطائرة، اتصل بالأمير، الذى تظاهر بأنه لم يفاجأ بهروبه من السجن، وقال للأمير سوف أروى لسموك حكاية قديمة، يروى أن الأسد كان يجلس فى عرينه بالغابة، عندما فوجئ بكلب ضعيف أجرب، يمشى فى ضعف وذلة وهوان، يقترب منه. قال الكلب للأسد: أنقذنى يا مولاى، إن الكلاب ترفضنى ولا تعترف بى لأنى فى مسكين ومريض وضعيف! رد عليه الأسد: وأنا أقدر أعمل لك إيه يا بني؟! قال الكلب: كتير يا مولاى ملك الغابة، لقد فكرت فى خطة يمكن أن أستعيد بها مكانتى واحترامى بين الكلاب، وأنت يا مولاى الوحيد، الذى يمكنه مساعدتى، سأله الأسد: إزاى يعنى؟ قال الكلب الأجرب: أن تتركنى أربطك بهذه الحبال، وإذا عرفت الكلاب، أننى تمكنت من تقييد ملك الغابة، سوف يفرحون بى ويحترموننى! أشفق الأسد على حال الكلب، فوافق وتركه يقوم بتقييده بالحبال، وحضرت الكلاب وعرفوا أن الكلب «الجربان» هو الذى فعل ذلك بالأسد، فهللوا له وأعجبوا به، بل ووعدوه أن يكون «نقيب الكلاب» فى حفل يقام فى المساء. بعد انصراف الكلاب طلب الأسد من الكلب أن يقوم بحل القيود، لكنه فوجئ بالكلب يرفض، وقال إنه لو فعل ذلك لأدرك الكلاب أنها كانت تمثيلية، قال ذلك وانصرف تاركا الأسد فى قيوده، يحاول فكها بلا جدوى، وفجأة ظهر فأر صغير بين الأعشاب. وقال له الأسد: من فضلك..! استخدم أسنانك وحل قيودي! لكنه فوجئ بالفأر يقول له: بكام؟! قال له الأسد اليائس: أدفع لك إللى أنت عايزه. لكن الأسد فوجئ بالفأر يطلب نصف عرينه مقابل حل قيوده، ولم يكن أمامه سوى الموافقة، وبعد أن انتهى الفأر من حل القيود، طالب الأسد بالمقابل المتفق عليه، وهو نصف العرين، لكن الفأر فوجئ بالأسد يقول له: لا.، أنت سوف تأخذ العرين كله! قال الفأر فى دهشة: كله يا مولاي؟ رد ملك الغابة: البلد إللى فيها كلب يربط وفأر يحل، لا مكان ولا عيشة فيها للأسد.، سلامو عليكم! ولم ينتظر المقاول رد ولا ردة فعل الأمير، وأسرع ينهى المكالمة، ويركب الطائرة عائداً إلى وطن السلامة، أما أنا فلم أجد طائرة ولا مطاراً.. وكل ما وجدت كلاباً وفئراناً، وسجناً «فوق الأرض»، ولا حارسًا مرتشيًا، يساعدنى بالثمن على الهروب، ومازال الفارق بين الحرية والزنزانة.، باباً! السنة الخامسة - العدد 343 - الاثنين - 27/02/2012