ألقى القبض على عم شاكر ومحمد عبدالحميد بسبب تقديم شكوى ضد رئيس نيابة روض الفرج موظفو النيابة يعتدون على أهالى الشهداء أثناء استخلاص أوراق أولادهم ثم ينصبون كميناً لإلقاء القبض عليهم يقتلونك.. وأن لم تمت يقتلون اسمك.. صورتك..يعبثون بذكرياتك وحكاياتك..وان لم تمت الحكاية..يقتلون الكلام.. وإن لم يمت الكلام بالسكتة القلبية فى صدرك.. يبدأون فى البحث عن شريانك الممتد فى الحياة ووريدك الحى على الأرض..فشلت الدولة الظالمة التى تحكمنا من بعد الثورة وحتى الان فى قتل الشهداء مرة أخرى واتهامهم بأعمال البلطجة.. ولذلك تحاول تركيع أهالى الشهداء الباقين على العهد حتى الآن..أهالى الشهداء الباقون فى سر الميدان والحافظون لسر الثورة.. مشهدا النهاية لهذا الرجل يلخصان قضيته..المشهد الأول أمام أكاديمية الشرطة أثناء المحاكمة الأخيرة لقضية الرئيس المخلوع وهو يقف وحيدا يحمل صورة ابنه بينما انفض من حوله غالبية أهالى الشهداء الذين ضاقوا بعملية محاكمة مبارك والتى لا تختلف كثيرا عن فقرات السيرك القومى بالعجوزة..لكن عم شاكر عبدالفتاح والد الشهيد مصطفى من شهداء 28 يناير، أصر على الذهاب إلى المحاكمة والمطالبة بالقصاص العادل حتى آخر نفس.. عم شاكر فى اخر جلسة لمحاكمة مبارك كان منفعلا وبكى بحرقة على دم ابنه..لم ينكسر عم شاكر بل ظل يصرخ مرفوع الرأس والجبين حتى لو بقى وحيدا.. .المشهد الثانى لعم شاكر كان عندما زرته فى تخشيبة قسم روض الفرج..هذا الرجل الذى اعتادنا منه ان يملأ الدنيا ضجيجا وصراخا..وجدته يخرج من تخشيبة سوداء فى قسم شرطة..لم يحتمل ان اراه بهذه الصورة..بكى ابو الشهيد وسقطت كل كلماتى عن المواساة والصمود ودولة الظلم التى تجاوزت حدود الساعة..هو الان مقيد ومسجون وينام على الأرض بجواره محمد عبدالحميد شقيق أحد الشهداء أيضا..هو الآن يدرك أن الهدف أن يخرج من هذه المحنة مكسور الرأس ويكف عن رحلة كفاحه المستميتة.. حكاية حبس عم شاكرعبدالفتاح ابو الشهيد مصطفى ومحمد عبدالحميد محمد شقيق أحد الشهداء أيضا، مليئة بالتفاصيل التى تصرخ فينا وتقول بما لا يدع مجالا للشك.. إن ثورتنا لا تزال تحتاج إلى ثورة جديدة. ذهب عم شاكر ومحمد عبدالحميد إلى نيابة روض الفرج لاستخلاص بعض الأوراق المتعلقة بشهدائهم..وبدأت كالعادة رحلة البحث عن ختم النسر كما تجرى العادة فى كل المؤسسات الحكومية المصرية، وبدأ الموظفون فى نقل أوراق عم شاكر ومحمد عبدالحميد بين بعضهم البعض ودارت مشادات مع الموظفين كالعادة أيضا، لكنها تطورت عندما تعنت الموظف وسخنت الأجواء وحمل كرسيه ليضرب عم شاكر الذى سقط على الأرض داخل الغرفة من المشادات..لم يجد عم شاكر سوى اللجوء إلى رئيس نيابة روض الفرج الذى استقبلهم هو الآخر بوصلة من التعليمات والتهزيق وقلة القيمة، وبالطبع لم ينصر موظفيه الأفاضل على المواطن الغلبان.. لم يستلم عم شاكر بعد ذلك وأصر على مواصلة معركته كما هى عادته، وقرر أن يذهب إلى النيابة العامة فى دار القضاء العإلى ليقدم شكوى فى التفتيش القضائى ضد رئيس نيابة روض الفرج.. لكن المفارقة أن واحدا من المسئولين، استقبله واتصل بمحمد غنيم الذى وعده بانهاء الأزمة بل وطلب منه أن يقول لعم شاكر ومحمد عبدالحميد أن يعودوا إلى نيابة روض الفرج من جديد لإنهاء الأزمة.. وكانت المفاجأة.. وكيل النيابة محمد غنيم رئيس نيابة روض الفرج، لم ينس أن عم شاكر ذهب ليقدم شكوى ضده فى التفتيش القضائى.. لذلك عندما وصل عم شاكر إلى النيابة وجد أمامه بلاغاً يحمل اتهاماً له بالتعدى عليهم أثناء تأدية وظيفتهم.. وفى سرعة البرق، كانت النيابة العادلة الناجزة قد حققت مع عم شاكر وعبدالحميد فى غياب المحامين، بل وأعطت لهم أسبوعاً سجناً على ذمة القضية وحجزت القضية للحكم فى محكمة شمال القاهرة بالعباسية!! النيابة انتفضت من أجل كرامة موظفيها وتذكرت أن دولة القانون لابد أن تستيقظ الآن، من أجل محاكمة عم شاكر أبو الشهيد وشقيقه..بصرف النظر عن نوع الجرم الذى ارتكبه وبصرف النظر عن أنه كان مخطئ أم لا..وبصرف النظر عن الكمين المشرف الذى شارك فيه رئيس النيابة.. بصرف النظر عن ذلك كله، فإن العدالة التى غابت عن عم شاكر لمدة سنة وقتل خلالها ابنه ولم يتم استدعاء القتلة للتحقيق أو مثولهم أمام النيابة إلا بعد شهور.. وحتى حين مثلوا امام النيابة، لا تزال القضية عالقة حتى الآن والقاتل يذهب إلى المحاكمة فى طيارة خاصة والظباط القتلة يمرحون فى أقسام الشرطة المختلفة..ومع ذلك فالعدالة الناجزة السريعة حين قررت أن تستعيد قوتها..استعادتها على جثة عم شاكر أبو الشهيد ومحمد عبدالحميد شقيق الشهيد أيضا..إنها العدالة التى تستحقها الثورة فعلا.. الآن..وأثناء كتابة هذه السطور، يجلس عم شاكر ومحمد عبدالحميد فى تخشيبة قسم روض الفرج كمتهمين فى قضية الاعتداء على موظف عام أثناء تأدية عمله..الآن وحين رأيت عم شاكر وعبدالحميد فى الزيارة كنت على موعد مع أسرة الشهيد مصطفى التى رأيتها كلها أثناء زيارتى لعم شاكر..الأم الحزينة التى فقدت ابنها فى يناير وفقدت زوجها فى السجن بسبب دفاعه عن حق ابنهما.. إنها تأتى وتجر معها الستين عاما من عمرها على اقدام ربما تخذلها..الابن الأكبر لعم شاكر والأصغر الذى يحضرون بعد انتهائهم من عملهم اليومى.. والابنة البطلة «نورا» التى تعانى من كسر قدمها ومع ذلك ومنذ أن ألقى القبض على والدها، وهى تذهب مع كل صباح إلى مكتب النائب العام لتقدم شكاوى ضد الظلم الذى يعيشون فيه منذ أحداث الثورة، وفى الليل تحمل لأبيها طعامه وملابسه لتزوره فى القسم.. ففى إحدى الزيارات، طلب عم شاكر من زوجته أن تحضر له بدلته «الكمونى» ليحضر بها جلسة محاكمته وكذلك ماكينة الحلاقة الخاصة به حتى يرتدى ملابسه الأنيقة لأن دولتنا لا تعترف بالفقراء وملابسهم البالية وتتهمهم بالبلطجة!! إلى جوار عم شاكر البطل يوجد بطل آخر وهو محمد عبدالحميد.. وجه اعتدت أن أراه فى الميدان طوال الوقت وهو شقيق الشهيد أيضا.. فهو المتهم الثانى فى القضية ويحمل طاقة أمل هائلة حتى وهو فى السجن.. يعرف كل رواد الميدان وابطال المعارك فى شوارع وسط البلد وجوه الثلاثى..عم شاكر وعم أبو مهاب وعم مصطفى وهم من أهالى الشهداء الذين يستكملون معنا معاركنا حتى آخر نفس..فلا زلت أذكر وجه عم شاكر داخل شارع منصور وهو يحمل صورة ابنه الشهيد وسط المعارك ودخان القنابل.. صورة الشهيد التى تضىء كل أيامنا المعتمة وتفتح فى عيوننا كل البشائر القادمة.. لم ينسى الثوار عم شاكر، حين دعوه إلى وقفة للتضامن مع أبو الشهيد وشقيقه أثناء عرضه على المحكمة فى اقرب جلسه، كما رسم جرافيتى الحرية لعم شاكر لرشه بجوار بيته وأثناء عرضه على المحكمة السنة الخامسة - العدد 343 - الاثنين - 27/02/2012