ذكرت صحيفة واشنطن بوست في مقال لها ان مقاضاة الاميركيين لتعزيز الديمقراطية في مصر كانت حكاية خداع و وعود كاذبة من المجلس الحاكم العسكري للبلاد. فقد قال القادة مرارا وتكرارا لكبار المسؤولين في الولاياتالمتحدة انه سيسمح لاعادة فتح مكاتب المنظمات غير الحكومية الامريكية التي تمت مداهمتها يوم 29 ديسمبر ، و اعادة معداتهم، و سيسجل لهم ترخيص بالعمل في مصر، وأن السبعة امريكيين الذين منعوا من مغادرة البلاد سيسمح لهم بالمغادرة. لكن لم يتم الوفاء بأيا من تلك التعهدات , فمن المقرر ان تبدا محاكمة على الأقل 16 امريكي و 27 شخصا آخر يوم الاحد. فمن الممكن أن المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، وجد نفسه غير قادر على الالتزام بالضمانات التي أعطاها للرئيس أوباما، و وزير الدفاع ليون بانيتا، والسيناتور جون ماكين , من بين آخرين. لكن يبدو من المحتمل أيضا أن الجيش يستخدم هذه القضية لتحصين موقفه لأنها يحارب للحفاظ على السلطة مع الحكومة الديمقراطية التي من المفترض أن تتولي بحلول منتصف العام. تستخدم وسائل الاعلام التي تديرها الدولة الملاحقات القضائية لتحريك المشاعر القومية ومعادية لامريكا، بناء على اتهامات مثيرة للسخرية أن منظمات مثل المعهد الوطني الديمقراطي، و دار الحرية، والمعهد الجمهوري الدولي يتآمر لقلب نظام الحكم وتقسيم البلاد. وقد قال موكب من الزوار الولاياتالمتحدة للمشير طنطاوي وزملاؤه من قبل أن المساعدات الأمريكية لمصر - سوف تتعرض للخطر إذا كانت الملاحقات القضائية تمضي قدما - بما في ذلك 1.3 مليار دولار للتمويل العسكري. مع ذلك عدم ايقافهم القضايا يوحي بإما أن تكون مستعدة لقبول تعليق المساعدات ثمن للعبهم القبيح بالسلطة أو أنهم يعتقدون أن إدارة أوباما والكونغرس سيتراجعوا – و سيعملوا علي تسليم الاموال لتجنب حدوث تمزق في العلاقات بين البلدين. الحفاظ على العلاقات مع مصر مصلحة هامة للولايات المتحدة - ومصر، من جانبها، لديها أمل قليل في انعاش اقتصادها المنكوب من دون الولاياتالمتحدة و دعم الدول الغربية الأخرى. لكن اذا استمرت المقاضاة في المضي قدما، لا بد من قطع المعونات. سيكون اي تنازل من قبل واشنطن ادانة لعمل ليس فقط الولاياتالمتحدة لكن مجموعات من مئات من منظمات المجتمع المدني المصرية التي تعمل لقضايا ليبرالية، بدءا من وضع حد للتعذيب الي تمكين المرأة. و الأسوأ من ذلك، انه سيكون بمثابة إقناع للعسكري ان المساعدات غير معرضة للخطر، وتشجع محاولات أكثر جرأة للحفاظ على النظام الاستبدادي الذي استمر طيلة نصف القرن الماضي. البعض في واشنطن يشعرون بالقلق من ان قطع المعونات من شأنه أن يحرم الولاياتالمتحدة من النفوذ في القاهرة، و يقارنه بتعليق المساعدات في باكستان في عام 1989. لكن استمرار المساعدات العسكرية للجيش المصري من دون أي صلة لانتقال ديمقراطي أو معاملة المنظمات غير الحكومية يمكن أن يكون خطوة كبيرة نحو تحويل مصر الى باكستان في الوقت الحاضر - البلد التي ترفض فيها العسكرية تسليم السلطة السياسية وتدعم أعداء الولاياتالمتحدة في حين تلقيها المعونة الأمريكية. في النهاية، قد يكون تعليق المساعدات نتيجة مفيدة وراء معاقبة القادة. و يمكن ان يعطي الولاياتالمتحدة و الحكومة الديمقراطية الجديدة في مصر فرصة لبداية جديدة ومناقشة المبادئ الأولى لحجم المساعدات، و ماهية مزج الدعم العسكري والاقتصادي، الذي من شأنه أن يشجع التنمية في مصر.