إنطلقت ثورات الربيع العربى فى كل البلدان العربية منذ أواخر عام 2010 ومطلع عام 2012 كالبركان الثائر بشكل متتابع في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، ثم سوريا , وكان الهدف الأساسى الذى خرجت بسببه الملايين الى الشوارع والميادين يصرخون بأعلى اصواتهم ويجمعهم شعار واحدا ( الشعب يريد إسقاط النظام ) هو ماتعرضت له تلك الشعوب من إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان , بالإضافة الى غياب الحريات وأنتشار الفساد , وتدهور الأوضاع الإقتصادية والأمنية والإجتماعية والسياسية , فكان الخروج الى الشوارع هو سبيلهم للتخلص من الحكام الفاسدين لتذوق طعم الحرية , وبالفعل نجحت الثورات العربية بالإطاحة بأربعة أنظمة حتى الآن، فبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي. وأعقب إسقاط تلك الأنظمة مرحلة وصفها المتخصصون بالمرحلة الإنتقالية التى من المفترض أن يتم خلالها بناء دولة جديدة على أسس سليمة , ترسخ مفاهيم الحرية والديمقراطية , وتؤكد على العدالة الإجتماعية , وتصلح ما أفسدته الأنظمة السابقة , فتهتم بالمواطن العادى البسيط , وتحاول أن تقلل من معاناته اليومية , وتكفل له حياة كريمة , ولكن إعترض تطبيق هذا الحلم وجعله حقيقة العديد من المعوقات من أهمها تشبث ذيول الأنظمة القديمة بأنظمتها الفاسدة ومحاولاتها المستميتة فى إفشال تلك الثورات وإظهارها بأنها ليست سوى إنتفاضات شعبية من بعض الشباب المتهور فجندت جنودها الفاسدين لإستخدامهم بسطوة المال فى نشر الفوضى بالبلاد وهو الذى أطلق عليه الإعلام إسم ( الطرف الثالث ) ومازلنا فى مصر نعانى من هذا اللهو الخفى الذى لم يترك لأحد خيط يستطيع به أن يتعقبه ويصل اليه ويحاسبه ولايقع تحت الأيادى الأمنية سوى بعض الصبية الذين لاتتجاوز أعمارهم الحادية عشر .
ومع إنتشار حالة الفوضى فى البلاد وتدهور الحالة الأمنية وكثرة الاحتجاجات والاعتصامات التى عادة ما يعقبها مواجهات بين القوات الأمنية والمتظاهرين تاركة ورائها عدد من القتلى والجرحى بين الجانبين , وتدهور الحالة الإقتصادية وكثرة الأزمات التى يتعرض لها المواطنون , من أزمة سولار , وكهرباء , وأنابيب البوتاجاز , وإختناقات مرورية , وإرتفاع الأسعار الجنونى للسلع الغذائية الأساسية , كل هذا أدى الى الشعور بالإحباط والاكتئاب والخوف من المستقبل بل تمنى البعض عودة النظام السابق لما وصل اليه حال البلاد من تدهور فأصبحوا يرددون ( فساد مبارك .. ولا فوضة مرسى ) .
ومما لاشك فيه أن إستغراق المراحل الإنتقالية لفترات طويلة بما يتخللها من بطء فى إتخاذ القرارات وزيادة حدة الصراعات السياسية وإرتفاع سقف المطالب الشعبية ومقاومة مؤسسات الدولة للتغيير سيزيد من صعوبة بلوغ مرحلة الإستقرار ويجب على النظام الحاكم الحالى أن تكون خطواته فى تطهير مؤسسات الدولة من الفساد سريعة ومحاكمة كل من تورط فى جرائم فساد وإنتهاكات لحقوق الإنسان والتخلص من كل اشكال العنف والقمع التى تعرض لها الشعب على أيدى النظام الأمنى السابق وإعادة الثقة فى النظام الأمنى الحالى.