أكد الدكتور "حسن نافعة", أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فى ندوة خاصة ل"بوابة الفجر" على: أن المشهد السياسى الحالى مرتبك ويبعث على القلق, ومن يظن بأن الشعب المصرى سيستسلم لجماعة الإخوان المسلمين فهو مخطئ, لأن الشعب يسعى لإستكمال أهداف ثورته ولن يرضخ للجماعة أو لقياداتها .
وعن أحداث المقطم الأخيرة, قال "نافعة": أنه ضد العنف ولكن الإخوان ارتكبت خطأً فادحاً, حينما سمحت لميلشياتها أن تذهب إلى قصر الإتحادية لفض الإعتصام هناك, ما تسبب فى ظهور ميلشيات أخرى للدفاع عن نفسها من بطش ميلشيات الجماعة .
وحول القبض على "أحمد قذاف الدم", المنسق السابق للعلاقات المصرية الليبية, قال "نافعة": أعتقد أن هناك صفقة من أجل تسليمه لليبيا, وخاصة أن هناك أموال تم تهريبها إلى مصر مع بداية الثورة الليبية, ما يجعل الحكومة المصرية فى حيرة من أمرها من أجل تسليم قذاف الدم إلى ليبيا .
فإلى نص الحوار..
ما هى رؤيتك حول المشهد السياسى وسط حالة الغليان الموجودة فى الشارع المصرى ؟
المشهد السياسى الحالى مرتبك ويبعث على القلق وربما يكون هناك قدر من الخطورة, فعلى سبيل المثال الشعب المصرى لن يستسلم, كما أنه مصُر على الاستمرار قدما فى المطالبة بتحقيق كل الأهداف التى من أجلها قامت الثورة, وفى إعتقادى أن الأطراف الرئيسية فى الأزمة هم المجلس العسكرى الذى أدار البلاد فى البداية وجماعة الإخوان المسلمين التى تدير المرحلة الحالية, وأعتقد أن هذين الطرفين مسئولين مسئولية كاملة عن حالة الإرتباك التى نعانى منها الآن .
كما أن المجلس العسكرى أساء إدارة المرحلة الإنتقالية وقتما كان يمسك بزمام السلطة, ومن بعده الرئيس "مرسى" وجماعته, الذين أساءوا إدارة المرحلة الإنتقالية منذ توليهم الحكم وحتى هذه اللحظة, والمشهد الذى نراه الآن على الساحة هو نتاج سلسلة متراكمة من الأخطاء حدثت فى فترة المجلس العسكرى للسلطة, وربما لم يكن يتصور البعض أن تتعامل جماعة الإخوان المسلمين مع الأوضاع السياسية بمثل هذا القدر من العناد, وعدم إدراك عواقب الأمور ولهذا جانب إيجابى أيضا وهو ظهور الإخوان التى ظهرت بمظهر العاجز فى واقع الحال عن إدارة أحوال البلاد بطريقة مرضية .
متى تنتهى حالة الإرتباك هذه من وجهة نظرك ؟
أظن أن حالة الإحتقان والإرتباك ستستمر فى الشارع المصرى إلى أن تتنبه جماعة الإخوان المسلمين إلى حجم الأخطاء التى ارتكبتها وتحاول تصحيحها, أو أن "تركب رأسها" وتصل بها حالة العناد إلى الدفع بالأمور إلى مزيد من الفوضى والإرتباك, وبالتالى سيحدث إما إنتفاضة جماهيرية كبيرة تُوقف الإخوان عند حدها وتفرض إدارة جديدة ومختلفة للمرحلة الإنتقالية, أو تُحرك الجيش من أجل تصحيح المسار وإعادة ضبط الأمور .
البعض تحدث عن وجود إنشقاق بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية كيف ترى ذلك ؟
الشىء المؤكد هو أن قيادة الجيش قامت بدور مهم لكى تنهى النظام الذى بدء به الدكتور مرسى والذى وصفته فى إحدى مقالاتى بأنه نظام برأسين وغير قابل للإستمرار, وكنت أخشى أن يؤدى نظام الرأسين الذين كان خطأ من المجلس العسكرى قبل بدأ الإنتخابات الرئاسية, والبعض تصور أن هذا انطوى على مهارة شديدة من جانب الدكتور "محمد مرسى", ولكن تبين فيما بعد أن "السيسى" لعب الدور الأقوى والدور الأرجح فى هذا الأمر, كما أن السيسى يمارس سياسة ذكية يمكن تفهمها, حيث تضع فى إعتبارها المصالح السياسية العليا لمصر .
والجيش الآن حريص على عدم التدخل المباشر فى السياسة, ولكنه لا يلبى بالضرورة كل نداءات القوى السياسية التى تريد إستخدام الجيش كما تريد إستخدام الشرطة كأداة من أدوات إدارة الصراع مع القوى السياسية الأخرى وهذا أمر يُشكر عليه الجيش, ولهذا السبب الجيش حريص على أن يظل مؤسسة متماسكة, والتى تمثل العمود الفقرى للدولة المصرية, ولكنه أيضا لن يتدخل بشكل مباشر فى السياسة وفى الوقت نفسه حريص على ألا تتدهور الأمور إلى ما قد يهدد الأمن الوطنى المصرى, وبالتالى إذا حدث أى تهديد للأمن القومى سيتدخل الجيش بكل تأكيد .
كيف ترى دعوة البعض لإجراء إنتخابات رئاسية مبكرة فى ظل الدستور الجديد ؟
أولاً هذا الدستور الجديد ليس دستوراً توافقيا ولايمكن أن يكون إلا بالتوافق ولا يجب أن يطرح للإستفتاء إلا ما تم التوافق عليه من كل القوى السياسية وحتى الدكتور "مرسى" إلتزم, وقال أنه لن يطرح الإستفتاء على الدستور إلا بعد التوافق عليه ولكنه لم يفعل ذلك, وعندما طرح دستوراً غير توافقى أخبرناه أنه يجب أن يوافق الشعب المصرى بنسبه لاتقل على الثلثين, حتى يمكن دخول هذا الدستور حيز التنفيذ, ولذلك هناك طعون كثيرة على هذا الدستور وهناك من يعتبر أن هذا الدستور لايمثل كل المصريين .
أما بالنسبة للدعوة الى إنتخابات رئاسية مبكرة, لو كنت مكان الدكتور "مرسى" ولاحظت أن هناك تآكل لشعبيتى, لأعلنت عن استعدادى لإجراء إنتخابات رئاسية مبكرة حتى أثبت وأؤكد للناس أننى على قدر كافى من الثقة وأننى لا أخاف من إعادة طرح الثقة, ولكننى لا أظن أن الرئيس "مرسى" سيلجأ لهذا الأمر .
هل ترى أن أمريكا لها يد فى مراوغة صندوق النقد الدولى والإتحاد الأوروبى لمنح مصر قروضا ومساعدات مالية ؟
الولاياتالمتحدة والإتحاد الأوروبى لهما تأثيرا كبير جداً على صندوق النقد الدولى وبالتالى يمكن عرقلة إقدام الصندوق على تقديم القرض لمصر إذا كان لدى الولاياتالمتحدة أو الإتحاد الأوروبى تحفظات على هذا, وعلينا أن نذكر ماحدث أيام السد العالى عندما سحبت الولاياتالمتحدة عرضها لتمويل السد العالى وتبعها البنك الدولى مباشرة, وهذا ما يؤكد أن دور الولاياتالمتحدة فى مؤسسات التمويل الدولية دور مهم جدا, وليس معنى ذلك أن الولاياتالمتحدة مارست هذا الدور بالفعل, وأنها محاولات لعرقلة اتفاق صندوق النقد, لأنه يحاول منذ عدة سنوات ألا يقدم قروضا أو تسهيلات إئتمانية إلا إذا ضمن أن شروطه أو الصيغة المطروحة متوافق عليها شعبيا ومتوافق عليها سياسيا وهذه حلقة مفقودة وبالتالى ربما يكون إضطراب الوضع السياسى فى مصر هو الذى أدى إلى ذلك .
ماذا ترى بشأن إلقاء القبض على "أحمد قذاف الدم"..وهل هناك صفقة من اجل تسليمة لليبيا ؟
فى رأيى من الممكن أن يكون "قذاف الدم" قد تمكن من تهريب كميه كبيرة من الأموال بالتعاون مع رموز من النظام السابق من الموجودين فى مصر, ومتأكد من أنه كان هناك أعمال تجارية كبيرة بين أبناء مبارك وبين نظام "القذافى", ولذلك ربما تكون هناك أموال مصرية ليبية مهربة إلى مصر وهذا من حق الشعب الليبى ويجب على الحكومة المصرية أن تتعاون مع الشعب الليبى وثورته فى هذا الشأن, لكن موضوع "قذاف الدم" خاص, لأنه مرتبط بحرب أكتوبر 1973, وكان يباشر عملية توريد السلاح الذى كانت تدفع ثمنه, وهذه نقطة أشار إليها الأستاذ "حسنين هيكل" وبالتالى يتعين أن يبحث هذا الموضوع مع القيادة الليبية وهذه قضية حساسة جداً, كما أنه ليس من حق مصر تسليمه إلى ليبيا لو كان موجوداً بصفته لاجىء سياسى .
كيف ترى الإنشقاقات الموجودة فى صفوف المعارضة وصفوف تيار الإسلام السياسى ؟
المعارضة "تائهة" والكل يبحث عن القيادة, وهذا ما أدى إلى تفكك الوحدة بين جميع الأحزاب المشاركة فى جبهة الإنقاذ, ولذلك نقول يجب أن يكون هناك قائد واحد يمسك بزمام أمور المعارضة حتى لا تتآكل وتصبح هشة .
هل خسارة الإخوان لمقاعد الإتحادات الطلابية فى الجامعات يعد بمثابة المؤشر لسقوطهم فى انتخابات النواب القادمة ؟
هذه الخسارة تؤكد أن الشعب استيقظ من نومه العميق وبدأ يفهم أن هؤلاء لا يسعون لمصلحة البلاد وبالتالى سقوطهم فى إنتخابات الإتحادات الطلابية, يؤكد على أنهم سيخسرون الإنتخابات القادمة أو من الممكن أن نقول أنهم سيحصلون على نسبة قليلة جداً من مقاعد البرلمان القادم .