ندد وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، الجمعة، في أنقرة، بالخطاب الذي تطرق فيه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إلى "الصهيونية" وربطها بالجرائم ضد الإنسانية، فرد عليه نظيره التركي أحمد داود أوغلو بالتشديد على حق تركيا في انتقاد السياسات الإسرائيلية.
وقال كيري، في مؤتمر صحافي عقده مع أوغلو، "لسنا فقط غير موافقين على هذا الكلام بل نعتبره مرفوضا"، مضيفا أنه "سيتطرق إلى هذا الخطاب" مع أردوغان خلال اجتماعه معه مساء الجمعة.
وأضاف الوزير الأميركي "تحدثت عن هذا الخطاب بشكل مباشر في وزارة الخارجية، وسأفعل الشيء نفسه مع رئيس الحكومة".
وردا على سؤال حول تأثير خطاب من هذا النوع على العلاقات السيئة أصلا بين تركيا وإسرائيل، اعتبر كيري أن هناك "وسيلة للتقدم لكن من البديهي أن الأمر أصبح أكثر تعقيدا إثر الخطاب الذي استمعنا إليه في فيينا".
ووصل كيري متأخرا إلى مقر رئاسة الحكومة التركية للقاء أردوغان، الذي لفت نظره إلى هذا التأخير. وبعد أن اعتذر كيري على التأخير قال لأردوغان أنه "سيكون لديهما الكثير من الأمور للتباحث بها".
وكان أردوغان قال، الأربعاء، اثناء اجتماع للأمم المتحدة في فيينا "كما هو الأمر بالنسبة إلى الصهيونية ومعاداة السامية والفاشية، أصبح من الضروري اليوم اعتبار الإسلاموفوبيا جريمة ضد الإنسانية".
وصدرت ردود فعل مستهجنة على خطاب أردوغان، في إسرائيل والولاياتالمتحدة، ومن قبل الإمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وفي المؤتمر الصحفي نفسه ندد داوود أوغلو بالحملة الدولية المستهجنة لتصريحات أردوغان مشددا على أن لتركيا الحق في انتقاد أسرائيل.
وردا على سؤال في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأميركي، عن "الملاحظات العدائية" لتركيا حيال إسرائيل، قال أوغلو "لم يصدر منا يوما أي تصريح معاد لدولة أو لأمة".
وأضاف "لكن إذا أردنا الحديث عن موقف عدائي فيمكننا أن نصف بالموقف العدائي المذبحة الدامية في أعالي البحار لتسعة من مواطنينا المدنيين الذين لم يرتكبوا أي مخالفة" في إشارة إلى هجوم فرقة خاصة في الجيش الإسرائيلي على سفينة مساعدات إنسانية كانت متجهة الى غزة عام 2010.
وشدد الوزير التركي "اذا كانت بعض الدول تصرفت بعدائية ضد حياة مواطنينا فلتسمحوا لنا بالحق في الادلاء بتصريح".
واشار داوود اوغلو الى ان الاتراك على مر الزمان "كانوا دائما ضد معاداة السامية".
وقال "نحن في طليعة الدول التي تتصدى لكل شكل من اشكال العنصرية وسنظل على موقفنا هذا. واذا كانت اسرائيل تريد تصريحات ايجابية من تركيا فان عليها اعادة النظر في موقفها".
وبدلا من ان يهيمن الملف السوري على لقاءات كيري تركزت التصريحات على كلام اردوغان عن الصهيونية.
وكان مسؤول اميركي قال لدى وصول كيري الى تركيا ان الاخير سيبلغ اردوغان رفضه لوصف الصهيونية بانها جريمة ضد الانسانية.
واوضح المسؤول في تصريحات صحافية "بالتاكيد نحن نختلف تماما مع هذه الفكرة. لقد نشرنا بيانا في واشنطن يعتبر بوضوح ان تلك التصريحات مسيئة وخاطئة. انا على يقين ان وزير الخارجية سيقول ذلك مباشرة لرئيس الوزراء بعد ظهر اليوم".
واردوغان معتاد على الادلاء بتصريحات قوية تنتقد السياسة الاسرائيلية التي اصبحت في السنوات الاخيرة احد الاهداف المفضلة لغضبه.
وفي منتدى في كانون الثاني/يناير 2009 وفي رد فعل على الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة، خاطب اردوغان شيمون بيريز مباشرة قائلا "حين يتعلق الامر بالقتل فانتم تعرفون جيدا كيف تقتلون".
وتدهورت العلاقات اكثر اثر هجوم كوماندوس اسرائيلي في 2010 على سفينة مساعدة انسانية كانت متجهة الى قطاع غزة وقتل فيه تسعة اتراك، وندد حينها اردوغان ب"ارهاب الدولة" الذي تمارسه اسرائيل.
وفي الرسائل الدبلوماسية التي نشرها في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 موقع ويكيليكس، قال دبلوماسيون اميركيون "ببساطة اردوغان يكره اسرائيل".
وهناك مسائل اخرى تشوش العلاقات التركية الاميركية مثل بيع الذهب التركي لايران رغم العقوبات الدولية لطهران بشان برنامجها النووي، اضافة الى احترام حقوق الانسان.
وندد السفير الاميركي في تركيا فرنسيس ريسياردون في الاونة الاخيرة بعمليات الاحتجاز المطولة لعسكريين وصحافيين ونواب اتهموا بالتخطيط لانقلاب، وهو ما اثار غضب السلطات التركية.
في المقابل المواقف متقاربة بين انقرةوواشنطن بشان سوريا. ويؤيد القادة الاتراك بوضوح المعارضة السورية وتستقبل نحو 200 الف لاجئ سوري باراضيها.
وكما فعلت المانيا وهولندا نشرت الولاياتالمتحدة على الاراضي التركية، بغطاء من الحلف الاطلسي، بطاريتي صواريخ اعتراضية ارض-جو من نوع "باتريوت" مخصصة لحماية تركيا في حال استهدافها بصواريخ من سوريا.
كما يتوقع ان يستغل كيري زيارته لحليفه التركي للتعبير عن الدعم لتصديه للارهاب بعد شهر من الاعتداء الانتحاري الذي استهدف السفارة الاميركية في انقرة. وقتل حارس تركي للمبنى في الهجوم الذي تبنته مجموعة تركية محظورة من اقصى اليسار.