ألمح ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى احتمال تجميد البناء في المستوطنات "المعزولة"، الواقعة خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، مقابل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، في خطوة تبدو أنها تأتي تمهيدا لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن. ونقلت صحيفة (هآرتس) الخميس عن مصدر داخل ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله إن رئيس مجلس الأمن القومي، يعقوب عميدرور، ومبعوث نتنياهو الخاص، المحامي يتسحاق مولخو، ومستشارين آخرين لنتنياهو، لا يستبعدون احتمال تجميد مؤقت للبناء في المستوطنات "المعزولة" التي تقع خارج الكتل الاستيطانية الكبرى الثلاثة، وهي "أريئيل" و"معاليه أدوميم" و"غوش عتصيون".
وأضاف المصدر أن هذا التجميد سيكون فقط مقابل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بقيادة الإدارة الأميركية وتنفيذ الفلسطينيين خطوات مثل التعهد بعدم التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد إسرائيل.
وتأتي هذه التلميحات الإسرائيلية في أعقاب إعلان البيت الأبيض الثلاثاء، عن أن أوباما سيزور إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن في النصف الثاني من آذار المقبل، وأن الرئيس الأمريكي سيسعى إلى تحريك عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، المجمدة منذ سنوات بعدما رفض نتنياهو مطالب فلسطينية ودولية بتجميد الاستيطان.
وتعتبر إسرائيل، وصرح نتنياهو بذلك مرات عديدة، أن الكتل الاستيطانية الكبرى ستبقى تحت سيادة إسرائيل في أي اتفاق يتوصل إليه الجانبان في المستقبل.
ووفقا لتقرير (هآرتس) الخميس، فإن ديوان نتنياهو أخذ يغيّر خطابه في ما يتعلق بالاستيطان، بعد أن كثّف الاستيطان وإجراءات التصديق على مخططات بناء واسعة للغاية في السنوات الأخيرة، وخاصة عشية الانتخابات الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن مصدرين إسرائيليين قولهما إن عميدرور عبّر خلال اجتماعات مغلقة في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، في الأسابيع الماضية، عن "معارضته" للاستيطان وقال إن البناء في المستوطنات "تسببت بفقدان إسرائيل لأكبر أصدقائها في الغرب".
ورغم أن إسرائيل تعاني فعلا من عزلة سياسية دولية، وخاصة بين الدول الأوروبية، بسبب سياسة حكومة نتنياهو في مجال الاستيطان، إلا أن أقوال عميدرور الآن تبدو غريبة كونه ينتمي من الناحية الأيديولوجية إلى التيار الديني – الصهيوني – القومي الذي يدفع باتجاه تكثيف الاستيطان وعدم الاعتراف بوجوب قيام دولة فلسطينية.
رغم ذلك، عبر عميدرور خلال الاجتماعات المغلقة عن قلقه البالغ من تدهور مكانة إسرائيل الدولية على ضوء الانتقادات الشديدة التي توجهها دول بارزة في الغرب تجاه موجة البناء في المستوطنات التي أعلنت عنها إسرائيل، ونتنياهو شخصيا، في أعقاب الاعتراف بفلسطين دولة مراقبة وغير كاملة العضوية في الأممالمتحدة في نهاية تشرين الثاني الماضي.
ونقلت المصادر عن عميدرور قوله في الاجتماعات المغلقة إنه "لا يمكن شرح موضوع البناء في المستوطنات في أي مكان في العالم، ولا يمكن شرح هذا الموضوع للمستشار الألمانية أنغيلا ميركل ولا حتى أمام رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر" اللذان يعتبران من أقرب الزعماء الغربيين لإسرائيل.
وأضاف عميدرور أن "البناء في المستوطنات تحول إلى مشكلة سياسية ويجعل إسرائيل تفقد تأييد دول صديقة في الغرب".
ووفقا للمصدرين اللذين تحدثا إلى الصحيفة فإنه خلال المداولات التي سبقت الخطوة الفلسطينية في الأممالمتحدة، تحفظ عميدرور من رد فعل إسرائيلي شديد ويتم التعبير عنه بدفع مخططات لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات.
وأضافا أن عميدرور عارض بشدة أكبر إعلان نتنياهو عن دفع مخططات بناء استيطانية في المنطقة (إي1) بين القدسالشرقية ومستوطنة (معاليه أدوميم) والتي تلقى معارضة دولية واسعة كونها تقطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.
وقالت (هآرتس) إن موقف عميدرور حول الاستيطان يؤيده مبعوث نتنياهو الخاص مولخو، المسؤول عن الملف الفلسطيني في ديوان نتنياهو.
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة (معاريف) الخميس بأن المستشار السياسي لنتنياهو، رون دريمر، قرر التنحي عن عمله في ديوان رئيس الحكومة بعد انتهاء زيارة أوباما.
وأضافت الصحيفة أن دريمر يطالب بأن يتولى منصب السفير الإسرائيلي في واشنطن بعد انتهاء ولاية السفير الحالي مايكل أورن، لكن على ما يبدو أنه لن يحصل على هذا المنصب لأنه ليس مرحبا به لدى الإدارة الأمريكية، لأن دريمر يعتبر الشخص الذي وقف وراء تدخل نتنياهو في الانتخابات الرئاسية الأميركية وتعبيره عن تأييده لمنافس أوباما والمرشح الجمهوري ميت رومني.
وأشارت (هآرتس) إلى أن التقديرات في ديوان نتنياهو في الأسابيع الأخيرة هي أنه ستتم ممارسة ضغوط دولية كبيرة على حكومة نتنياهو الجديدة في ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، وخاصة في موضوع الاستيطان وأن نتنياهو نفسه شبّه هذه الضغوط بأنها "آلة طحن اللحم".
وأضافت الصحيفة أنه انطلاقا من هذه التقديرات فإن نتنياهو يعتزم بذل مجهود كبير من أجل أن يضم ائتلافه الجديد أحزاب "الحركة" برئاسة تسيبي ليفني، وكديما برئاسة شاؤول موفاز، و"يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد.
وقالت الصحيفة إن قياديين في حزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، بدأوا مؤخرا يقولون للصحافيين إن ليفني ستحصل في الحكومة الجديدة على منصب وزاري سياسي وستشارك في المفاوضات مع الفلسطينيين.
ويذكر أن ليفني عندما كانت وزيرة للخارجية في حكومة ايهود أولمرت، ترأست الطاقم الإسرائيلي للمفاوضات مع الفلسطينيين.