عندما قامت حرب 67 بين الجيش المصري وجيش الكيان الصهيوني, قام النظام المصري بإيهام الشعب بأننا المنتصرون وباتت الإذاعات المصرية تهتف وتحتفل : - قامت القوات المصرية بإسقاط 60 طائرة إسرائيلية . - قام الجيش المصري بضرب المطارات الإسرائيلية. - الجيش المصري وصل قلب تل أبيب وضربهم في عقر دارهم .
وظل الشعب يغني ويرقص في الشوارع ويقوم بمظاهرات ومسيرات تهتف باسم الجيش المصري وباسم النصر. ووقتها قام النظام –لسبك الموضوع- بإصدار أوامره للفنان عبد الحليم حافظ (مطرب الثورة) والشاعر صلاح جاهين (شاعر الثورة) بأن يقوموا بعمل أغاني إحتفالية وأغاني النصر وأغاني تحمّس الجماهير فقاموا بعمل أروع أغانيهم مثل احلف بسماها, وكان الشعب في هذه الفترة يطير يوميا من فرحة الإنتصار وسحق الصهاينة –كما تذيع الإذاعة المصرية.
وبعد نهاية الحرب ووسط الإنتصارات والأفراح والإحتفالات والمسيرات ظهرت الحقيقة : هزيمة الجيش مصري هزيمة نكراء وكان كل ما يذاع في الإذاعة المصرية كذبا من النظام, والأغاني كانت لهوا للشعب عن الحقيقة المرة . وبعد ذلك .. قام الفنان الأصيل (صلاح جاهين) بإعتزال الفن والحياة لأنه أحس بأنه كان أداة في يد النظام للّهو والكذب والتستر على هزيمتهم ونكستهم .
إن الأنظمة والنخب السياسية على مر العصور تستخدم بعض الرموز لإقناع الناس بأن أخطاءهم صحيحة , وأن قراراتهم سليمة , وأن طريقهم هو الصحيح, فعندما يرى المواطن البسيط هذه الرموز في هذا الإتجاه يسير خلفهم دون تفكير لثقته بهم .
أيتها الرموز .. بالله عليكم لا تكونوا طعما يصطادونا به, لا تكونوا إشارة خضراء للطريق الخطأ , لطريق الضياع, لطريق الحرب الأهلية .. "سواء كنت مع المؤيد أو المعارض" أيتها الرموز .. بالله عليكم لا تدعموا الفاسد وتشوّهوا الآخر من أجل مصالح شخصية أو مكاسب أو حبا لأشخاص . ويا أيها الشعب المناضل .. لا تذهب وراء أحد أيا كان شخصه وصفته وأنت مغمض العينين مسدود الأذنين, إفتح عقلك وقلبك للجميع واتخذ الطريق الصحيح حتى ولو كان قائده من تكره.. تصالح مع نفسك . أيها المصريون جميعا .. شعب بسيط .. شباب وشيوخ .. علماء ونخبة .. نظام وحكومة .. جماعة و رئاسة .. إجعلوا مصر نصب أعينكم .. إعشقوا الوطن لا الكراسي .. قبّلوا تراب مصر الذي احتضن أطهر شبابها ولا تقبلوا الأيادي ..لا ترفعوا المضللين فوق الرؤوس لأنه بسببهم ترفعون جثث إخوتكم فوق الأكتاف.. اعبدوا الله ولا تعبدوا الأشخاص فكلنا خطّائون .. واعلموا أن الميول تتغير , ومن نحبه اليوم نقف ضده غدا, ومن نقف ضده اليوم ندعمه غدا.. حكّم عقلك .. ولا تلغيه.