بشكل عام، لا يتعلم الإخوان من دروس أسلافهم، لا يتعلم رئيس الجمهورية من أخطاء مبارك، ولا تتعلم حكومته من أخطاء نظيف، وبالتبعية لا يتعلم وزير إعلامه صلاح عبدالمقصود من أخطاء أنس الفقى، وهى الأخطاء التى أودت بنظام كامل إلى غياهب السجون، وأخرجت جماعة من ذات السجن إلى سدة الحكم، نفس الأخطاء تتكرر.. ونفس الشعب يثور ويخرج على الحاكم، وما حدث من قبل يحدث الآن، حشود معارضة فى كل محافظات مصر أمام حشود ضعيفة من أنصار الجماعة التى يتبعها رئيس الجمهورية، ومع ذلك، ينقل التليفزيون المصرى المظاهرات المؤيدة للرئيس دون أن يعطى مظاهرات المعارضين حقها، أرسل كاميرا محمولة فى طائرة هليكوبتر لتصوير الحشود الإخوانية التى اجتمعت من كل محافظات مصر أمام جامعة القاهرة ولم يرسل مراسلاً واحداً ليتعرف على أحوال مستشفيات أسيوط ووفاة أطفالها، إنه المنهج الواحد والمكرر والمعروف بنصرة النظام ظالما أو مظلوما.. نفس منهج أنس الفقى أثناء إدارة الإعلام فى ثورة 25 يناير، وما زاد عليه أن وزير الإعلام الإخوانى لا يسمح بظهور المعارضين واستضافتهم على شاشة تليفزيون بلدهم الرسمى، وكأنه اشترى التليفزيون أو احتكره لحساب جماعته وآراء رجالها وثرثرتهم وسفسطتهم التى تدعو لكراهية المشاهدة. صلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام الإخوانى، الذى «أخون» التليفزيون المصرى وضلل الرأى العام بأن الغالبية العظمى من المصريين مع شرعية الرئيس التى فقدها بإعلانه الدستورى الأخير وأحل محلها شرعية القوة، والبطش والبلطجة على المعارضين، وقتل وتصفية وقنص المتظاهرين الكفار!
أصبح تليفزيون الدولة بكل قيمته وعظمته وتاريخه فى عهد عبدالمقصود فى طريقه لأن يتحول، إلى قناة مسمومة من تلك التى تبث العداء والجهل الفكرى العنصرى، وتفتح أوكازيونات التكفير وإهداء الدماء، فهو سمح بتكفير المعارضين، من كان ضد الرئيس فهو ضد الدين ومصيره جهنم وبئس المصير، ومن كان معه.. فإنه سينعم بجنات عدن تجرى من تحتها الأنهار، سمح بأن يسلخ جلود أعداء الجماعة عن طريق ضيوف شاشته من أنصارها، فأصبح التليفزيون المصرى فى عهده لا يمثل مصر، ولا يمثل شعبها، بينما اكتفى بتمثيل جماعة الإخوان المسلمين، سائرا على درب رئيسه المباشر، هشام قنديل، ورئيسهما المباشر محمد مرسى، حتى ينال الرضا، فحتما عند أعضاء وممثلين وأتباع وأقزام الجماعة، فإن رضاء المرشد وصبيانه فى الفصيل السياسى، أهم من رضاء الشعب، والمؤكد أن الشعب الذى لم يرحم أنس الفقى، لن يرحم صلاح عبدالمقصود، سيحاسبه على ساعات الهواء التى أهدرها على جماعة انتهجت العنف، سيحاسبه على سرقة الثورة وسرقة دماء المتظاهرين من التيار المدنى ونسبهم إلى المتأسلمين، سيحاسبه على محاولة إغلاق قناة دريم، وحتما سيحاسبه على ميثاق الشرف الإعلامى الذى خُلع فى عهده.. وأدى لأن تقول المذيعة بثينة كامل «ننقل لكم نشرة الأخبار الإخوانية»، ولأن تحمل المذيعة هالة مصطفى كفنها على الهواء مباشرة غير عابئة به أو بجماعته أو بجهازه الإعلامى الذى آلت ملكيته فى عهد عبدالمقصود من مبنى ماسبيرو وملكية خالصة للدولة وشعبها إلى المقر الرئيس لحزب الحرية والعدالة فى المقطم وملكية خالصة إلى الجماعة ورجالها.
بدأ صلاح عبدالمقصود ظهوره كوزير للإعلام بخطأ فادح، عندما تحرش بالمذيعة اللبنانية التى وصفها بالساخنة، وفضح قصر قامته كوزير إعلام لدولة فى حجم مصر، وكشف بتصرفه، مخطط إفشال مؤسسة الإعلام وأخونتها، فإذا أردت أن تفسد دولة فما عليك إلا أن تولى الضعفاء، فهو وزير ليس له أى تاريخ إعلامى، وأصبح مجرد رقيب إخوانى للشاشة، ينظر هنا وينظر هناك، يخشى أن تهاجم الجماعة والرئيس فيهاجم هو من مكتب الإرشاد، لذا.. أصبحت تصرفاته وتصرفات معاونيه داخل مبنى ماسبيرو تدعو إلى الشفقة، حول فريق برنامج «نهارك سعيد» للتحقيق لمجرد أن ضيف هاجم الجماعة، ومن يومها لم يدخل التليفزيون ضيفا ليقول وجهة النظر الأخرى، حتى الاتصالات الهاتفية التى تجرى فى البرامج لا تحتوى على وجهات نظر أخرى بالمقارنة بالمؤيدين، وما يحدث فى القنوات، يحدث حتما فى الإذاعات، ففى برنامج «الهداف» الذى تقدمه نجلاء عبدالبر فى إذاعة الشباب والرياضة، وهو برنامج رياضى لا يمت للسياسة بصلة، تلقت المذيعة اتصالا هاتفيا من أحد المعارضين الذى عاب على ما يفعله تصرف شخص من الإخوان ووصفه بأنه قليل الأدب، قام وزير الإعلام ولم يقعد وطالب باستماع الحلقة كاملة وحول المذيعة إلى التحقيق فى واقعة غير غريبة عليه كوزير إعلام إخوانى.
لا تتوقعوا من عبدالمقصود إعلاما مغايرا عن ذاك الذى يصدره لنا، فهو فى النهاية معذور، ويخشى على مقعده الوزارى الزائل.. وليته يعلم أنه لو دام لغيره ما كان وصل إليه.