يبدو أن شباب الثورة انشغلوا بالثورة أكثر مما انشغلوا بالوطن؛ فترك لهم الإخوان الثورة وسرقوا الوطن! ومن بعدها ومصر التي تمنت أن تخلع الرداء الأسود لا ترى إلا أياما سوداء تحت حكم المرشد وجماعته التي روعت الآمنين في مصر، وأرادوا فرض سيطرتهم عليها وتركيع شعبها وليس أدل على ذلك من اليومين الأسودين في تاريخ مصر وتاريخ هذه الجماعة التي لن يغفر لها التاريخ ما فعلت بمصر وأهلها. أما اليوم الأول فهو يوم السبت الأسود، حيث كانت مليونية "كربلاء" المسماة كذبا "الشريعة والشرعية".. وبمناسبة الشريعة: فقد حفلت المليونية بالسباب والشتائم والتهديد والوعيد للمخالفين، وكأن مصر يسكنها كُفار قريش. وأما بمناسبة الشرعية: فقد اتجه "الكربلائيون الجُدد" لحصار المحكمة الدستورية العليا...... آه والله حاصروها كما تُحاصَر معاقل المجرمين!!! مشاهَدتهم على منصة الغل والكراهية ذكرتني بيزيد! نعم يزيد بن معاوية. فيزيد الذي حارب الحسين كان يطبق في ملكه شريعة الله! والعلماء الذين كانوا يسبون أهل البيت على المنابر كانوا مع "الشرعية" باسم شريعة الله... والذين قتلوا الحسين ومن معه كانوا يرون أنهم مجاهدون في سبيل الله! فقلت في نفسي:
"ديننا عظيييييييييم وتاريخ خلط الدين بالسياسة أسود!!!! وأما اليوم الثاني فهذا يومٌ انتحر فيه الإخوان....و سقطت فيه شرعيتك يا د. مرسي إلى الأبد. يوم خرج فيه شباب مصر الحر بعد أن وعى الدرس، ليقولوا لمرسي وجماعته أن مصر لا تستسلم للقهر والتهديد، وأن شباب الثورة الذين أخطأوا في حق مصر بعد الثورة، وأجلسوها في المحكمة حتى سرقتموها، ثم أجلسوك على عرشها فأبيت إلا أن تقيدها.. هؤلاء الشباب هم من يخرجون اليوم ليصححوا أخطاءهم في حق الوطن.
لكن الشاطر"جنرال مذبحة الاتحادية" أبى إلا أن يجعل اليوم التالي يوما لسفك الدماء، ولتركيع مصر وتنسحق تحت إرادتهم، فأرسل ميليشياته ليسقطوا القتلى والجرحى أمام القصر الجمهوري. ورأينا ما لم نره في مصر من قبل، حرب شوارع، حرائق وتمزق، وجُرحت مصر، وتألمت مصر وهي ترى شبابا من أغلى شبابها يسقطون سقوط الأحرار أمام ميليشات التجار، وكتائب الفجار، وقادة العار. أما العجب العجاب فهو تعبير القنوات والمواقع على هذه المذبحة باعتبارها:"مناوشات وحرب شوارع بين مؤيدين ومعارضين للرئيس مرسي"، وكأننا بإزاء موقف سياسي تحول لصراع دموي بين طائفتين وطنيتين، ولو صدقوا لقالوا:"مجموعة من شاب مصر الأحرار يواجهون مجموعة من الإرهابيين"، والمحتلين الجُدد. هذا الدماء في رقبتك يا د. مرسي، يا امير المؤمنين في دولة الإخوان، وليتك استيقظت من نومك، وأدركت أن التي تتعثر ليست بغلة في العراق، بل أمة تسقط في بئر سحيقة من التمزق والتردي والعداء، وأنت تنام قرير العين هانيها. لم تتذكر أنك كنت سجينا حين انتفض الشعب فحررك، وأن شعبا حررك وجعل منك رئيسا سوف يحطم قيودك ليحرر نفسه منك إذا أردت أن تسجنه في قبو الجماعة وجماعة القبو، وأن ميليشيات جماعتك، لن ترهبنا أو تروعنا. يا د. مرسي احذر فقد استلمت شعبا يرغب في حياة أفضل يوم جعلك رئيسا، واليوم أنت أمام شعب يفضل الموت على أن يبقى تحت رئاستك. يا د. مرسي أقولها لك عالية مدوية، لقد فقدت شرعيتك، وحنثت بيمينك، ومهما كان خلفك من رجال جماعتك؛ فمنذ أن سالت الدماء وقد كتب التاريخ أنه قد هلكت عصبتك. صلِّ ركعتين بقصر الرئاسة، ثم اذهل وصلِّ ركعتين بمكتب الإرشاد، ثم عُد فصلِّ فإنك لم تصليّ... واعلم أنك لو صليت الدهر كله، ففي رقبتك حقوق ودماء لن تستطيع أن تغسلها ولو توضأت ألف مرة بماء السماء، بعد أن توضأت فوق أجساد شاب مصر الحر يوما بالدماء. ارحل يا د. مرسي، ارحل قبل أن يزيد سيل الدماء، أرحل فقد أفل نجمك في جوف السماء، وهذا الشعب لن يخضع ولن يركع ولن يُستعبَد لا من شاطرك ولا من مرشدك ولا من جماعتك، ولا ممن يساندونك، وتذكر أن شعبا أحاط بالقصر بالأمس، لو شاء دخله اليوم، ولو مات نصفه ليصل إليك، وهذا ما لا أتمناه لك.