ليسوا مجرد بلطجية.. فالبلطجى قبل أن يكون بلطجيا لابد أن يكون خادما له طبائع المرتزقة من لاعقى أحذية السلطة.. مستعداً للقتل والنهب والسرقة لإرضاء سادته. والبلطجى قبل أن يكون بلطجيا يجب أن يكون خائنا بطبعه، مستعدا لتبديل أسياده كما يبدل غطاء رأسه أو السترة الواقية للرصاص فوق صدره. البلطجى، قبل أن يكون بلطجيا، يجب أن يتمتع بطباع الضباع التى تتبع الوحوش القوية لتأكل الفتات التى تبقى منها.. وتبيع نفسها لكل من يدفع. البلطجى مثلها يبيع جسده وسلاحه وشرفه لكل من يدفع.
البلطجى قبل أن يكون بلطجيا يجب أن يكون جبانا، يخفى خوفه بالعنف المفرط، ويتخفى كالخفاش فى الظلام متجنبا ضوء النهار، وغضب الثوار. البلطجى يخشى القانون حتى لو كان مكلفا بتنفيذه، لأنه مجرم، وهو يعمل كل جهده لمخالفته والتحايل عليه والتهرب من أحكامه.. يزور الشهادات ويفسد الأدلة ويخرب القضايا، لأنه يعلم تماما أن يد العدالة لو طالته ستفتك به لا محالة.
البلطجى قد يزعم أنه يمثل القانون، ولكن هل هناك رجل قانون يقذف الخارجين على القانون بالطوب ويشتمهم ويرفع لهم أصبعه الأوسط؟
أفهم أن البلطجية فقط هم من يفعلون هذا، وأن الثوار يفعلون ذلك أحيانا، لمواجهة الرصاص الحى والخرطوش والغازات، ولكن لا أفهم كيف يحمل رجل القانون طوبة وكسرة رخام وقنبلة مولوتوف؟
أفهم أن يطلق رجال القانون النيران على من يحاول اقتحام الداخلية.. وأن يواجهوا المتظاهرين بالغاز والعصى المطاطية، ولكن لا أفهم كيف يعبئون الطوب فى “قفة”، وكيف يعبئون البنزين فى زجاجة بيبسي!
البلطجية، بعد أن قتلوا الثوار لخدمة مبارك وعصابته، يقتلون الثوار الآن لخدمة مرسى وجماعته، طالما أنه يضاعف مرتباتهم ويحميهم من المحاكمات العادلة ويتغاضى عن فسادهم، وفى المقابل يستمرون فى العمل كقتلة للإيجار لكل من يدفع!
ثورة يناير، التى لا يعتبرها رجال الداخلية ثورة، بل ويبصقون قرفا أو هلعا كلما سمعوا كلمة ثورة (ثورة، ثورة، ثورة)، قامت بالأساس ضد انتهاكات وظلم الداخلية. المطالبة بعزل مبارك جاءت بعد ذلك، ولكن العدو الأصلى للشعب الثائر كان الداخلية. لماذا؟ لأنه بدون داخلية بلطجية لا يمكن لظالم أن يحكم، ولا لمستبد أن يسود، ولا لفأر أن يستأسد.
لو كان هناك داخلية تحترم القانون والناس لما قامت الثورة، ولما طغى مبارك وجماعته، ولما تشجع مرسى وعصابته على مصر بهذه الجرأة.
لو كان هناك من يحمون القانون حقا فى هذا البلد لما مات خالد سعيد ومئات غيره فى أقسام الشرطة، ولما مات الآلاف من شباب الثورة فى العهود الثلاثة لمبارك وطنطاوى ومرسى.
الداخلية لم تتغير، بل زادت غيا.. حتى ضباط الجيش لم يسلموا من وقاحة بعض ضباط الداخلية.. حتى ضباط الجيش هتفوا أمام قسم شرطة القاهرةالجديدة: الداخلية.. بلطجية!
أعلم أن معظمكم يرتجف من منظر ضباط الشرطة، وأن أغلبكم لم ير سوى «كل خير» منهم، وأن بعضكم يردد الآن مستهجنا أن البلطجية فى الداخلية أقلية، وأن معظم رجال الشرطة محترمون أفاضل، وسأرد عليكم بأن كل رجال الداخلية محترمون أفاضل، ولكن الداخلية فى مصر، كمؤسسة، كانت ولاتزال بلطجية!