كنت متحمسة لرؤية "لا" في عرضه الأول في مهرجان أبوظبي السينمائي كجزء من مسابقة الأفلام الروائية ، و لم يكن ذلك لمجرد أنني من أمريكا اللاتينية و أتكلم اللغة الاسبانية فحسب ، ولكن لسبب بسيط انه فيلم عن نقطة تحول عظمى في تاريخ تشيلي . انها قصة تحول"لا"إلى "نعم" - كيف كان الإمكان ل"لا" للدكتاتورية أن تصبح "نعم" للديمقراطية .
فقد كان بابلو لارين قادرأً على نقلنا عبرمشاهده إلى شيلي في أواخر الثمانينات من خلال أسلوبه التصوري الرائع الذي يجمع بين الخيال ولقطات حية من تلك الحقبة. انه عام 1988 وشيلي على مفترق طرق.اضطرت الحكومة التي يديرها الدكتاتور أوغستو بينوشيه وتحت ضغوط دولية الى اجراء انتخابات من خلال استفتاء وطني. فالنظام يسعى إلى تمويه فوزه المحتم من خلال إنشاء حملة تصويت: "نعم" أو "لا".
تبدأ أحداث الفيلم مع رينيه سافيدرا ،الدعائي الذكي والساخر الذي يقوم باداءه الممثل الرائع (جايل جارسيا برنال) إذ يتم مقاطعته و هو يقدم عرضاً حول حملة إعلانية جديدة بإعلان عن قدوم زائر،وهو زعيم حملة "لا"، أوريتيا (الذي يقوم بدوره لويس غنيكو) ليطلب من سافيدرا الانضمام الى فريقهم. في البداية يتردد سافيدرا ،حتى أنه يتم مضايقته من قبل رئيسه، وهو مؤيد متشدد لبينوشيه ونظامه. نرى في وقت لاحق سافيدرا وهو يحضر الاجتماعات التي ستشكل الحملة الداعائية تلك. وعلى الرغم انه في البداية لا يتفق مع رفاقه على محتوى الحملة الدعائية التي يريدون إرسالها للجمهور، إلا انهم في نهاية المطاف يوحدون قواهم لاحقا لإنتاج حملة دعائية يومية لمدة 15 دقيقة مليئة بالأناشيد والصورالسعيدة والتي تحمل معاني مزدوجة ، تستمر الحملة لمدة 27 يوما،و تكلل بالنجاح، يصبح هذاالنجاح تهديداً للحكومة مما يقودها الى الانتقام من خلال تخويف الشعب لكنها تفشل.
ففيلم لارين يحمل في طياته كل العناصر التي تجعل منه فيلما رائعأً ، فهي قصة مؤثرة من الشجاعة والجرأة، مع تمثيل رائع لطاقم الفيلم وأداء بارع لغارسيا برنال. فعندما نترك المسرح نخرج منه بشعور كبير من الانتصار والأمل. انه واحد من تلك الأفلام التي تجعلك تعتقد حقا أنه على الرغم من الفوضى التي نراها في كل مكان ، و كل الظلم الذي نراه في العالم، الا أنه هناك أمل، أن يخرج الخير منتصراً حتى و لو كان على شكل حملة إعلانية ، استطاعات أن تغير تاريخ بلد خضع لدكتاتورية لا ترحم. وعلى الرغم من محاولتي تجنب كل الكليشيهات التي تتعلق بتحليل الأفلام ألا أنه لابد من القول أن "لا" فيلم لا ينبغي