رغم إن الفترة التي تفصل بين انتصارات حرب أكتوبر 1973م في مصر عن انتصار الثورة الإسلامية وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران 1979م ، حوالي 6 سنوات إلا أن أجناد ثورة إيران قد تربوا في مدرسة انتصار أكتوبر واستفادوا من نتائجها ، ومن ثم كانت لهم رؤية محددة تجاه هذه الحرب ونتائجها.
وتأتي هذه الرؤية من منطلق الثوابت الإيرانية تجاه مصر والمنطقة والعالم الإسلامي، وهي ثوابت أيديولوجية تتداخل فيها العقائد والمصلحة ، ولعل من أهم هذه الثوابت نظرية "شيعية شعب مصر" إضافة إلي نظرية الجهاد الإسلامي وانعكاساتها علي نظرية الأمن الإيرانية، ونظرية الاستضعاف السياسية، فضلا عن الموقف الأيديولوجي تجاه كل من القدس وفلسطين وإسرائيل .
ولاشك أن إيران في رؤيتها لنتائج حرب أكتوبر تضع في اعتبارها موقفها العام من مصر وإدراكها لمكانتها كقطب فاعل منافس لها علي مستوي العالمين العربي والإسلامي وفي منطقة الشرق الأوسط عموما حضارة وثقافة وإمكانات مادية ومعنوية، وما كان لكل منهما من دور خلاق مشترك في صنع الحضارة البشرية منذ ظهورها، وكيف أصبحتا بعد الإسلام جناحين للحضارة الإسلامية، مع إدراكها لقدرات كل منهما الذاتية وإمكاناته وتزايد تأثير نشاطه في المنطقة، وإحساسه بحقه في الريادة، ولرغبته في القيام بدور قومي أو وطني، أو سعيه لتحقيق أهداف دينية أو مذهبية أو استراتيجية وطنية أو قومية، كل ذلك صار أحد ضوابط حركتها وموجهات سياستها تجاه مصر والمنطقة ، وفي قيامها بتعهداتها والتزاماتها تجاه الشيعة في المنطقة والعالم .
لقد رحبت مصر التي كانت تسعي لنشر الحرية والإستقلال وبعث الشعور الوطني الناهض للاستعمار في المنطقة بثوار إيران، وفتحت لهم معسكراتها، فأرسل إليها الإيرانيون صفوة رجالهم، وعلي رأسهم الثائر مصطفي مران الذي تلقي تدريبه العسكري في معسكر أنشاص مع قوات الصاعقة المصرية، ويعتبر مصطفي مران ، الذي أخلصت مصر في تدريبه وزملائه ليكون لائقاً لتعيينه أول وزير للدفاع بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، أحد القادة البارزين في الثورة وهو رفيق آية الله طالقاني زعيم فدائي الإسلام وآية الله مطهري منظ ر الثورة، كما وصفه شريعتي الأب الروحي لشباب الثورة بأنه شجاع جسور ومقاوم، ويعتبر مصطفي مران نموذجا لحسن تلقي قادة الثورة الإسلامية في إيران التعاليم والقيم المصرية، وأصبح الزعيم جمال عبد الناصر أحد رموز القدوة لديهم .
وأصبح كتاب فلسفة الثورة أحد أهم مراجعهم، لقد أدرك الإيرانيون أن ثورة يوليو ثورة شعبية حقيقية ضد الظلم والطغيان والاستعمار وأن من قاموا بها هم أبناء مصر الحقيقيون تلك العناصر التي استشفها الإيرانيون من أسس الناصرية يعتبرونها أساساً للتقارب بين فكر الثورة الإسلامية في إيران وفكر مصر، ومدخلا للتفاهم بين الإيرانيين والمصريين في إطار مواجهة التحدي الغربي الذي يتكالب علي محاولة قهر الروح الشرقية والثورات التي تمثلها .