حصلت " الفجر " على نص الإنذار المرسل علي يد محضر، للرئيس محمد مرسي، لمطالبته بمعاقبة العسكريين في قضايا الكسب غير المشروع.
كان الدكتور سمير صبري، المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا، قد أرسل صباح اليوم، إنذاراً رسمياً على يد محضر، للرئيس محمد مرسي، طالباً منه إصدار قرار بإلغاء المادة 8 مكرر " أ " والتي أصدرها المجلس العسكري قبل إقالته، وبموجبها لا يتم محاكمة العسكريين بكافة رتبهم العسكرية، عن جرائم الكسب غير المشروع، إلا أمام القضاء العسكري.
وأكد " صبري " على عدم دستورية هذه المادة، لإصدارها في غفلة من الشعب المصري، بغرض حماية من يشار إليه من العسكريين، بوقائع خراب الذمة المالية والفساد، وألا تتم محاكمتهم أو سؤالهم أمام الإدارة العامة للكسب غير المشروع، وأنه أنذر الرئيس بأن المادة التي أصدرها المجلس المقال، تتعارض مع أحكام قانون المحاكم العسكرية، ونصت على أنه لا جوز مسائلة العسكريين أمام القضاء العسكري عن وقائع الكسب غير المشروع.
وجاء نصاً بالإنذار المرسل أنه :
( مضت ثلاثة أشهر من حكم فخامتكم، وقد تقاذفت فيها أمواج الملاحقة القضائية عددا من رموز الفساد، في عهد النظام الفاسد السابق، وكدنا نستبشر خيرا بهذه الملاحقة باعتبارها حملة تطهير وتجريف لأباطرة الفساد الذين جرفوا مصر طوال ثلاثين عاماً، لولا أن سلسلة الملاحقات صارت تتساقط منها حلقات فساد كبيرة وقوية بفعل فاعل دون أن ندري لذلك سببا.
إن هناك أسماء فاجرة الفساد والإفساد في حق مصر وشعبها تعمدت إصدار قوانين تحميها من هذه الملاحقة .
وهناك ملفات فساد تفتح يوما بعد يوم وتتلقفها الصحف ووكالات الأنباء لم يتم اتخاذ ثمة إجراء في مواجهتها بعد أن حصنت نفسها في غفلة من الزمان وشرعت وأصدرت المواد التي تحميها وتحمي فسادها من أي ملاحقة قضائية وقد نشر على أن من بين هؤلاء قيادات وضباط كبار في صفوف الأجهزة الرقابية وعلى رأسها الرقابة الإدارية والقوات المسلحة ولا نرى سببا وحيدا لاستبعادهم من الملاحقة أو حتى سؤال من أين لك هذا ).
وأضاف قائلاً : ( لقد أصدر المجلس العسكري المقال بقرار فخامتكم استجابة لنداء الثوار وتحقيقا لأهداف 25 يناير تعديلا في المادة 8 مكرر أ من قانون القضاء العسكري حيث ورد نصها على اختصاص القضاء العسكري دون غيره بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في الباب الأول والثاني والثالث والرابع من قانون العقوبات في شأن الكسب غير المشروع التي تقع من ضباط القوات المسلحة، ولو لم يبدأ التحقيق فيها إلا بعد تقاعدهم ويكون للنيابة العسكرية جميع الاختصاصات المخولة لهيئات الفحص والتحقيق المنصوص عليها في قانون الكسب غير المشروع وتختص النيابة العسكرية دون غيرها بالتحقيق والفحص فإذا تبين لها أن الواقعة لا علاقة لها بالخدمة العسكرية، يتم إحالتها إلى جهة الاختصاص.
وتتمثل عدم دستورية هذه المادة في كونها تحاكم على جرائم تتعلق بالكسب غير المشروع حيث من الثابت انه لا فرق بين أموال القوات المسلحة وأموال الشعب وإذا كانت بعض القضايا تحوى أسراراً فمن حق القاضي الطبيعي أن يجعلها سرية وبالتالي ليس هذا تحصينا.
كما أن القاضي العسكري ليس أكثر قدرة على الحكم في قضايا الأموال من القاضي العادي وأن بقاء هذا النص كما هو سيعطي حصانات لبعض الفئات وأن المتقاعدين من القوات المسلحة أصبحوا مدنيين وأن بقاء هذه المادة يعني أن هناك جرائم معينة لا تذهب للقضاء العادي وإنما تذهب للقضاء العسكري أي أنه بموجب إعمال هذه المادة يراد إبعاد شخص معين عن القضاء العادي والقول بأن وجود ستة أجهزة رقابية هو كلام عن حسن النوايا والوطن لا يبنى على حسن النوايا.
كذلك فإن المادة الثامنة مكرر أ والتي بموجبها تحال البلاغات إلى النيابة العسكرية فإن هذه المادة مطعون عليها كذلك بعدم الدستورية بخلاف ما سبق تبيانه ذلك أن المادة 68 من الدستور جاء نصها صريحاً بأن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء لقاضيه الطبيعي وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء على المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا ، كذلك جاء نص المادة السابعة من الإعلان الدستوري صريحاً على أن المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والوجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ثم جاءت المادة 51 من الإعلان الدستوري صريحة على أن ينظم القانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الدستورية .
كذلك جاء نص المادة السابعة من قانون المحاكم العسكرية صريحا على أنه تسري أحكام هذا القانون أيضاً على ما يأتي :
كافة الجرائم التي ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون . وعلى ذلك فإن الاختصاص لا ينعقد للمحكمة العسكرية لعدم توافر شروط إعمال الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون المذكور ذلك لوجود شريك ومساهم غير خاضع لأحكام هذا القانون لكون الذي أصدر قرارات التخصيص للأراضي موضوع البلاغ هو جهاز القاهرةالجديدة والذي يملك إصدار قرارات التخصيص هو بطبيعة الحال من الأشخاص المدنيين الذين لا يخضعوا لأحكام هذا القانون .
أن المحاكمة أمام القضاء العسكري يسلب المجني عليه أهم حقوقه القانونية متمثلة في الادعاء مدنياً أمام القضاء عن الضرر الذي أصابه من جراء فعل المتهم وهذا يخالف نص المادة 49 من قانون المحاكم العسكرية والتي جاء نصها صريحا على عدم قبول الادعاء بالحقوق المدنية أمام المحاكم العسكرية . إجبار المجني عليه على اللجوء لقاضي غير قاضيه الطبيعي ومن ثم يصعب تحقيق العدالة المبتغاة التي من أجلها شرع اللجوء للقضاء العادي كحق مكفول للجميع . من المستقر عليه أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة، إلا ما استثني بنص خاص، عملا بنص الفقرة الاولى من المادة الخامسة عشر من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1982 في حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية أو خاصة وأنه وإن أجازت القوانين في بعض الأحوال إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل في تلك الجرائم ما دام القانون الخاص لم يرد به أي نص على إنفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص.
يستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقبا عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص ومن المستقر عليه كذلك أن المحاكم العسكرية المنصوص عليها في القانون رقم 25 لسنة 1966 المعدل بإصدار قانون الأحكام العسكرية ليست إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص وأنه وإن ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم أو محاكمة فئة خاصة من المتهمين إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرها على المحاكم العادية ، وأيضا لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار أحكام قانون الأحكام العسكرية بينت الأشخاص الخاضعين لأحكامه فجرى نصها على أنه :
يخضع لأحكام هذا القانون الأشخاص الآتون بعد : 1 ضباط القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والإضافية . 2 ضباط الصف وجنود القوات المسلحة عموماً . 3 طلبة المدارس ومراكز التدريب المهني والمعاهد والكليات العسكرية . 4 أسرى الحرب . 5 أي قوات عسكرية تشكل بأمر من رئيس الجمهورية لتأدية خدمة عامة أو خاصة أو وقتية . 6 عسكريو القوات الحليفة أو الملحقون بهم إذا كانوا يقيمون في أراضي الجمهورية .
ثم حددت المادة الخامسة منه المستبدلة بالقانون رقم 5 لسنة 1968 والمعدلة بالبند ب منه بالقانون رقم 82 لسنة 1968 والمضاف إليها البندين ج ، د بالقانون رقم 138 لسنة 2010 على الجرائم التي تدخل في نطاق تطبيقه وحددت المادة الجرائم على سبيل الحصر.
كذلك، جاء نص المادة السابعة من ذات القانون صريحا ومحددة الجرائم التي تخضع لهذا القانون ولم يكن من بينها جرائم الكسب غير المشروع وعلى ذلك فإن المستفاد من هذه النصوص وفقا لما استقر عليه القضاء أن المشرع جعل الاختصاص لجهة القضاء العسكري منوطا بتوافر صفة معينة لدى الجاني وقت ارتكابه الجريمة هي الصفة العسكرية التي تثبت له أصلا أو حكما بمقتضى المادة الرابعة من ذلك القانون وعلى ذلك فقد تحقق بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك تعارضا بين المادة 8 مكرر (أ) وباقي مواد القانون مما يصبغها بصبغة عدم الدستورية.
وترتيباً على ذلك فإن المحاكمة أمام القضاء العسكري تخالف المبادئ الأساسية للدستور والتي يتعين ألا تخرج اختصاصات القضاء العسكري عنها وفقا لأحكام المواد سالفة التبيان ويتعين على ذلك إحالة الأوراق إلى الإدارة العامة لجرائم الكسب غير المشروع باعتبارها الجهة الأصلية صاحبة الاختصاص وليست المحاكم أو النيابات العسكرية.
إن جرائم استعمال واستغلال السلطة الواردة بنص المادة 148 من قانون المحاكم العسكرية قد خلت تماما من ثمة إشارة لاستغلال النفوذ أو الاستيلاء على مال خارج نطاق القوات المسلحة بل أنصب جميعها على المال الخاص بالقوات المسلحة دون إشارة للمال الخاص ولذلك لا يوجد لاستغلال النفوذ والكسب غير المشروع نصاً خاصا في قوانين المحاكم العسكرية يمكن الاستناد إليه في تبرير مثول العسكريين أمام القضاء العسكري .
أن العجلة في إصدار هذه المادة على النحو الممزق الغير دستوري والذي تم إصدارها في ظل حكم العسكر تقطع بأنه كاد المريب أن يقول خذوني هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان الغرض منها توجيه هذه البلاغات إلى القضاء العسكري بجعله المختص وحده بالفصل في جرائم الكسب غير المشروع لضباط الجيش أو بمعنى أصح لقادة المجلس العسكري فور تسلم المجلس للسلطة من مبارك بهذا القانون دخلت كتائب الفاسدين تحت مظلة لا مساس بها ولهذا السبب وحده لم نجد تحركاً قانونيا واحدة ضد عدد من رموز فساد عصر مبارك وأولهم اللواء هتلر طنطاوي رئيس الرقابة الإدارية الأسبق واللواء مجدي شعراوي قائد القوات الجوية الاسبق وبعدهما صفوف طويلة من كبار الضباط لا يغري إحالة النائب العام للبلاغ المقدم ضد سامي عنان رئيس الاركان السابق للقضاء العسكري إن ذلك يعني ضمان تأشيرة مبكرة لحفظ الاتهامات ضده بالفساد خلال أيام معدودة. فخامة الرئيس، بما لكم من سلطات وبما لكم من قوة ثورية تهدف إلى تحقيق أهداف الثورة ومحاربة الفساد وتقديم الفاسدين والمفسدين إلى العدالة التي كانت من أول أهداف فخامتكم قبل توليكم حكم البلاد وعليه نناشد فخامتكم بإصدار قرار بإلغاء المادة 8 مكرر أ وجعل الاختصاص في التحقيق في بلاغات الفساد المقدمة ضد العسكريين على اختلاف رتبهم العسكرية أياً كانت وإعادتها إلى قاضي المشروعية وهو القاضي الطبيعي بإدارة الكسب غير المشروع .