الرد علي الدفوع ومن حيث إن الدفوع التي أثارها الدفاع في مرافعاته الشفوية وما حوته المذكرات المقدمة منه, حال المرافعة أو تلك المقدمة تعقيبا عليها التي تري المحكمة أنها تستأهل الرد عليها. ومن حيث إنه عن الدفع الأول, وحاصله عدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوي وانعقاد الاختصاص فيها للقضاء العسكري. فإنه مردود عليه بما هو مستقر في قضاء هذه المحكمة, وماهو مقرر من أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم عامة, إلا ما استثني بنص خاص عملا بنص الفقرة الأولي من المادة الخامسة عشرة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم46 لسنة1972 المعدل في حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية أو خاصة, وأنه وإن أجازت القوانين في بعض الأحوال إحالة جرائم معينة الي محاكم خاصة, إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها بالفصل في تلك الجرائم ما دام القانون الخاص لم يرد به أي نص علي انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص يستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقبا عليها بموجب القانون العام أو مقتضي قانون خاص. وأيضا بما هو مستقر في قضاء هذه المحكمة, بأنه لما كانت المحاكم العسكرية المنصوص عليها في القانون رقم25 لسنة1966 المعدل بإصدار قانون الأحكام العسكرية ليست إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص, وإنه وإن ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين, إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرها علي المحاكم العادية, إذ لم يرد فيه, ولا في قانون هيئة الشرطة رقم109 لسنة1971 ولا في أي تشريع آخر نص علي انفراد القضاء العسكري بالاختصاص علي مستوي جميع مراحل الدعوي ابتداء من تحقيقها وانتهاء بالفصل فيها. وأيضا, فإنه لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم25 لسنة1966 بإصدار أحكام قانون الأحكام العسكرية بينت الأشخاص الخاضعين لأحكامه, فجري نصها علي أنه يخضع لأحكام هذا القانون الأشخاص الآتون بعد: 1 ضباط القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والإضافية. 2 ضباط الصف وجنود القوات المسلحة عموما. 3 طلبة المدارس ومراكز التدريب المهني والمعاهد والكليات العسكرية. 4 أسري الحرب. 5 أي قوات عسكرية تشكل بأمر من رئيس الجمهورية لتأدية خدمة عامة أو خاصة أو وقتية. 6 عسكريو القوات الحليفة أو الملحقون بهم إذا كانوا يقيمون في أراضي الجمهورية... الي آخره.... ثم حددت المادة الخامسة منه المستبدلة بالقانون رقم5 لسنة1968, والمعدلة البند( ب) منه بالقانون رقم(82) لسنة1968, والمضافة اليها البندان( ج), و(د) بالقانون رقم138 لسنة2010 علي الجرائم التي تدخل في نطاق تطبيقه, فنصت علي أنه: (أ) الجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو المركبات أو الأماكن أو المحال التي يشغلها العسكريون لمصلحة القوات المسلحة أينما وجدت. (ب) الجرائم التي تقع علي معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة وجميع متعلقاتها. (ج) الجرائم التي تقع في المناطق المتاخمة لحدود الجمهورية ويصدر بتحديد هذه المناطق والقواعد المنظمة لها قرار من رئيس الجمهورية. (د) الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس, وكذا في المادة731 مكرر( أ) من الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات, وفي الباب الخامس عشر من الكتاب الثالث من ذات القانون وهذه الجرائم هي علي وجه التعاقب الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج والجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل والمفرقعات, وجنايات وجنح الرشوة, وجنايات وجنح اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر, وجرائم تجاوز الموظفين حدود وظائفهم وتقصيرهم في أداء الواجبات المتعلقة بها, وجنايات مقاومة الحكم وعدم الامتثال لاوامرهم والاعتداء عليهم بالسب وغيره وجرائم التوقف عن العمل بالمصالح ذات المنفعة العامة والاعتداء علي حرية العمل اذا ارتكبها احد العاملين في المصانع الحربية او ارتكبت ضده وكذلك جميع الجرائم التي تقع علي منشآت او الات او معدات او مهمات المصانع الحربية او علي اموالها او المواد الاولية التي تستخدمها او علي وثائقها او اسرارها او اي شئ اخر من متعلقاتها. ونصت المادة السابعة علي انه تسري أحكام هذا القانون ايضا علي ما يأتي: 1 جميع الجرائم التي ترتكب من او ضد الاشخاص الخاضعين لاحكامه متي وقعت بسبب تأديتهم اعمال وظائفهم. 2 جميع الجرائم التي ترتكب من الاشخاص الخاضعين لاحكامه اذا لم يكن فيها شريك او مساهم من غير الخاضعين لاحكام هذا القانون وحيث ان المستفاد من هذه النصوص وفقا للمستقر عليه قضاء ان المشرع جعل الاختصاص لجهة القضاء العسكري منوطا بتوافر صفة معينة لدي الجاني وقت ارتكابه الجريمة هي الصفة العسكرية التي تثبت له اصلا او حكما بمقتضي المادة الرابعة من ذلك القانون ولا ينال من وجوب توافر هذا الضابط استناد دفاع المتهم الاول الي نص المادة8 مكررا( أ) من القانون المضافة بالقانون رقم(54) لسنة1102 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ1102/5/01 والتي جري نصها علي انه يختص القضاء العسكري دون غيره بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في الابواب( الاول والثاني والثالث والرابع) من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المنصوص عليها في القانون رقم26 لسنة5791 في شأن الكسب غير المشروع التي تقع من ضباط القوات المسلحة الخاضعين لاحكام هذا القانون ولو لم يبدأ التحقيق فيها الا بعد تقاعدهم ويكون للنيابة العسكري جميع الاختصاصات المخولة لهيئات الفحص والتحقيق المنصوص عليها في قانون الكسب غير المشروع وفي جميع الاحوال تختص النيابة العسكرية دون غيرها ابتداء بالتحقيق والفحص فاذا تبين لها ان الواقعة لا علاقة لها بالخدمة العسكرية احالتها الي جهة الاختصاص. ومن ثم وبالبناء علي ما سلف فان الواضح الجلي ان هذه المادة تدل بصريح عبارات النص علي وجوب توافر الصفة العسكرية لدي الجاني وقت ارتكابه الجرائم المنصوص عليها بالمادة المتقدمة. ومن حيث ان ما نعي به دفاع المتهم الاول من توافر الصفة العسكرية لدي المتهم الاول مستندا في ذلك إلي النصوص الواردة بالقانون رقم53 لسنة9791 بشأن تكريم كبار قادة القوات المسلحة خلال حرب اكتوبر سنة3791 والاستفادة من الخبرات النادرة للأحياء منهم بمقولته ان المتهم الاول يعد وقت التحقيق معه في الوقائع محل الجناية الراهنة موضوع المحكمة ضابطا بالقوات المسلحة كونه كان قائدا للقوات الجوية برتبة فريق عندما تم تعيينه في ابريل عام5791 نائبا لرئيس الجمهورية وهي وظيفة مدنية كبري قبل توليه مسئولية الحكم رئيسا للجمهورية وانه بعد اعلان تخليه عن وظيفة رئيس الجمهورية اعتبارا من11 فبراير1102 فانه يعود اعتبارا من هذا التاريخ الي الخدمة بالقوات المسلحة ويبقي في خدمتها مدي الحياة ومن ثم وفقا لما يري الدفاع انطباق قانون الاحكام العسكرية المشار اليه علي المتهم الاول. هذا النعي الذي استند اليه دفاع المتهم الاول يضحي نعيا غير سديد خارجا عن نطاق التصديق القانوني هو في جوهره وظاهره غير سديد متعين الرفض والالتفات عنه اية ذلك: 1 انه لما كان من المقرر وفقا لنص المادة الاولي من القانون المتقدم والتي جرت علي انه يستمر الضباط الذين كانوا يشغلون وظائف قادة الافرع الرئيسية ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في حرب السادس من اكتوبر3791 في الخدمة بهذه القوات مدي حياتهم وذلك استثناء من احكام المادة21 من القانون رقم09 لسنة5791 المشار اليه والمواد83,83( مكرر),831( فقرة اخيرة) من القانون رقم232 لسنة9591 المشار اليه ونص المادة الثانية منه التي جري علي انه: يقوم الضباط المنصوص عليهم في المادة الاولي منه بتقديم المشورة في الموضوعات العسكرية ذات الاهمية الخاصة التي يطلب منهم ابداء الرأي فيها ثم نصت المادة الثالثة منه علي انه اذا اقتضت الضرورات الوطنية تعيين احد هؤلاء الضباط في احدي الوظائف المدنية الكبري فانه يعود إلي الخدمة بالقوات المسلحة بعد انتهاء خدمته المدنية.... الخ. 2 ان هذا القرار بقانون المار ذكره لم تورد نصوصه عما يفيد إلغاء اي من الاحكام الواردة بقانون الاحكام العسكرية المشار اليه انفا او تقيد من تطبيقها او تتجاوز فيها فالضابط الاساسي الذي يحكم المخاطبين باحكام القانون الاخير ظل كما هو لم يتعدل او يبدل او ينسخ وهو الذي يوجب حتما توافر الصفة العسكرية لدي الجاني وقت ارتكابه الجريمة لانعقاد الاختصاص لجهة القضاء العسكري بنظرها فحصا وتحقيقا فصلا وحكما. فلما كان كل ما تقدم واستنادا عليه وبما وقر في يقين المحكمة ووجدانها اعتبارا واعلاء لحكم القانون وحسن تطبيقه التطبيق القانوني المعبر الصحيح فانه لما كان الثابت للمحكمة من مطالعتها الاوراق وعلي النحو الوارد بالمقدمة المستخلصة من اوراق ومستندات التداعي, ان المتهم الاول محمد حسني السيد مبارك وقت ارتكابه الجريمة محل هذه المحاكمة لم يكن ضابطا بالقوات المسلحة وانما كان رئيسا للجمهورية وهي وظيفة ليست بعسكرية او ينطبق عليها ثمة قوانين او قرار له منظمة للوضع الوظيفي لضباط وافراد القوات المسلحة ومن ثم فان صفته المدنية هي التي كانت تحيطه وينتمي اليها حال ارتكابه الجريمة, وتثبيتا لذلك فلم يشترك هذا المتهم مع اي من الخاضعين لاحكام قانون الاحكام العسكرية في ارتكابها بل شاركه في ارتكابها المتهم. وأضافت المحكمة بأنها أسندت الاتهام إلي المتهم الثاني حبيب إبراهيم حبيب العادلي, وباقي المتهمين فيها عن تلك الوقائع دون أن تدخل المتهم الأول المذكور متهما في تلك الوقائع, مما ينبئ بصدور أمر بعدم وجود وجه لاقامة الدعوي الجنائية ضده. ثم عادت النيابة العامة في2011/5/24 وبعد أكثر من شهرين من إصدارها أمر الإحالة في القضية رقم1227 لسنة2011 جنايات قصر النيل بإصدار أمر بإحالة المتهم الأول المذكور إلي المحاكمة الجنائية في القضية رقم3642 لسنة2011 جنايات قصر النيل تضمن من بين التهم المسندة إليه الاتهام بالقتل والشروع فيه والإصابة عن ذات الوقائع محل أمر الاحالة السابق صدوره في2011/3/23 سالف الإشارة إليه دون تعديل أو تبديل أو إضافة, وهو ما يعني أن النيابة العامة عندما أصدرت بتاريخ2011/3/23 أمر الإحالة في قضية القتل رقم1227 لسنة2011 جنايات قصر النيل خلوا من اسم المتهم محمد حسني السيد مبارك كمتهم فيها, تكون قد أصدرت في ذات الوقت أمرا ضمنيا بألا وجه لاقامة الدعوي الجنائية ضده يمنعها من العودة إلي اتهامه بالمشاركة مع أي متهم في القضية الأولي ما دام الأمر بأن لا وجه لا يزال قائما لم يلغه النائب العام طبقا للحق المخول له في المادة211 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن حيث أن ما ذهب إليه في شأن تأسيس دفعه آنف الذكر علي النحو المار شرحه هو قول مردود عليه ولا يتفق مع صحيح القانون, ذلك بأن الأمر بأن لا وجه لاقامة الدعوي هو قرار قضائي مسبب يصدر عن سلطة التحقيق بصفة نهائية أو مؤقتة بعد التحقيق ينتهي بمقتضاه التحقيق الابتدائي ويوقف سير الدعوي عند هذه المرحلة بحالتها لتوافر سبب من الأسباب التي تحول دون رفع الدعوي أو إحالتها إلي المحكمة المختصة. ومن حيث إنه وبالبناء علي ما سلف من مبادئ وأسس وقواعد قانونية وقضائية وبانزال هذه وتلك علي واقعات التداعي, بكل دقة وتأن, فإن المحكمة تؤكد ما استقر عليه رأيها النابع من ضميرها ووجدانها من أن تصرف النيابة العامة وهي بصدد مباشرتها التحقيقات في الوقائع سالفة الذكر بشأن الدعوي رقم1227 لسنة2011 جنايات قصر النيل واستمرارها فيها لفترة طالت أو قصرت اقتضتها ظروف التحقيقات وحتي وقت إحالتها إلي محكمة الجنايات, لم يكن تصرفها يشير من قريب أو بعيد أو ينبئ علي سبيل القطع واليقين بمالا يخالجه شك أو مراء أو تدل ظروف الحال استنتاجا أن رأيها قد خلص إلي عدم اقامة الدعوي الجنائية في ذات الدعوي قبل المتهم الأول المذكور, ولا يمكن كذلك والحال علي نحو ما سلف وبعمل كل إمكانات اللزوم العقلي القول حقا استنتاج صدور أمر بألا وجه لاقامة الدعوي علي نحو ما ورد بالدفع المثار من تصرفات أو إجراءات أخري لم تدل عليها الأوراق. ومن حيث أن من المقرر أن المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر بل لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلي ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة عليها. وأنه في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها, وفي اغفالها لبعض الوقائع مايفيد ضمنا اطراحها لها واطمئنانها إلي ما اثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها. وانه من حق محكمة الموضوع ان تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وان تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة في ذلك ودون ان تلتزم بتحديد موضع الدليل من الأوراق مادام له اساس فيها. ومن حيث انه من المقرر انه لايشترط ان تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبيء كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوي, إذا كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندةيكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولاينظر إلي دليل بعينه لمناقشته علي حدة دون باقي الأدلة, بل يكفي ان تكون الأولي في مجموعها كوحدة مؤدية إلي ماقصد الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئناتها إلي ما انتهت إليه. ومن حيث انه من المقرر قضاء ان لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في وزن عناصر الدعوي وادلتها ان تبين الواقعة علي حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها وترد الحادث إلي صورته الصحيحة من جماع الادلة المطروحة عليها, وأن العبرة في المحاكمة الجنائية باقتناع القاضي بناء علي مايجريه من تحقيق في الدعوي ومن مختلف عناصرها المعروضة علي بساط البحث, ولايصح مطالبته بالأخذ بدليل دون غيره إذ أن الأحكام يجب أن تبني علي الأدلة التي يقتنع منها القاضي صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مايجريه من التحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه, لايشاركه فيه غيره, ولايصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي اقام قضاؤه عليها وبعدم صحتها,حكما لسواه.