شهدت مدن الضفة الغربية احتجاجا لنقابة العاملين في النقل العام تنفيذا لتهديدهم بالاضراب الشامل بعد سلسلة احتجاجات نفذت الأسبوع الماضي ضد قرار الحكومة الفلسطينية رفع أسعار المحروقات والمواد التموينية الأساسية وضريبة القيمة المضافة.
وتوقفت حركة المواصلات العامة في كافة أرجاء مدن وقرى الضفة الغربية تنفيذا للاضراب الشامل لنحو اثني عشر ألف سائق فلسطيني في خمس نقابات لقطاع النقل العام والذين عبروا عن احتجاجهم على رفع أسعار المحروقات بنسبة خمسة في المائة ورفع ضريبة القيمة المضافة منذ مطلع الشهر الجاري ، باضرابهم عن العمل بين المدن والقرى الفلسطينية . تجولنا في شوارع مدينة رام الله التي بدت خالية من سيارات وحافلات النقل العمومي، وهناك التقينا بالسائق الفلسطيني كريم براغيثي والذي شارك في اضراب نقابات النقل العام. قال كريم لبي بي سي إن أعباء رفع الاسعار باتت تشكل عائقا له ولزملائه للاستمرار في العمل .ولم يعد عمله كسائق عمومي يكفل له وعائلته لقمة العيش. وأضاف براغيثي :"مطالبنا تتركز على ضرورة تخفيض اسعار السولار والمحروقات والتي تزيد في أسعار الطلبات، إذا استمرت الاسعار على هذا الحال لن نستطيع العمل في هذا البلد، على الحكومة دعم الاسعار أو الغاء رفع الاسعار " من ناحيته، أكد معتز راسم الناطق بلسان نقابة النقل العام في الأراضي الفلسطينية أن نقابته بصدد مواصلة خطواتها الاحتجاجية في الأيام المقبلة ما لم تتجاوب السلطة والحكومة الفلسطينية مع المطالب الشعبية المستمرة منذ أسابيع وتصاعدت وتيرتها في الأيام الاخيرة . يأتي ذلك بينما أكدت نقابة العاملين في الوظيفة العمومية الفلسطينية عن نيتها لتنظيم اعتصامات في مدن الضفة الغربية احتجاجا كذلك على قرار الحكومة رفع الاسعار . وأجرت اللجنة الاقتصادية الوزارية سلسلة اجتماعات حكومية مع ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وخبراء اقتصاديين لبحث سبل حل ازمتها المالية. وكانت السلطة الفلسطينية حذرت من تفاقم الازمة المالية لتراجع الدعم المالي الدولي والعربي المقدم لها وعجزها المتكرر عن دفع رواتب موظفيها والسيطرة الاسرائيلية على الموارد والمعابر والحدود الفلسطينية بموجب اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة منذ عام ثلاثة وتسعين بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. ويتم بموجب الاتفاقية تحديد هامش الفرق "2%" على قيمة الضريبة المضافة على السلع في السواق الفلسطينية وقد شكل رحيل الحكومة برئاسة فياض أحد المطالب الشعبية والتي طالبت كذلك بالغاء العمل باتفاقية باريس الاقتصادية التي وجه الرئيس الفلسطيني طلبا رسميا للجانب الاسرائيلي لضرورة فتحها وبحث بنودها بما يتماشى مع الاوضاع الاخيرة، بحسب التأكيد الفلسطيني ولم يتوفر الرد الاسرائيلي حتى اللحظة. وقالت الناطقة بلسان الحكومة الفلسطينية نور عودة لبي بي سي " الحكومة تقوم بمسؤلياتها والحكومة فعلت كل ما يمكن أن تفعله فأسعار الوقود تتمتع بحوالي خمسين في المائة من الدعم الحكومي الا أن أسعار الوقود العالمية في ارتفاع منذ أشهر ونحن نعاني من هذا كبقية الدول. نسبة الدعم الحكومي لاسعار الوقود محدودة نظرا لأزمتنا المالية التي حذرنا منها مرارا وتكرارا في السابق.الازمة لن تنتهي الا بانتهاء الاحتلال " واضافت عودة : "تعديل وتصحيح اتفاقية باريس هو أمر جاري بحثه والسعي إليه منذ سنوات وفتح حوار مع الطرف الاسرائيلي لتعديل هذه الاتفاقية بحاجة الى وقت ونحن بانتظار الرد الاسرائيلي على الطلب الفلسطيني الرسمي لاعادة النظر ببنود اتفاقية باريس الاقتصادية " وأكدت الحكومة الفلسطينية أنها ستعقد جلستها الاسبوعية الثلاثاء لاقرار نتائج بحث اجتماعات اللجنة الوزارية الاقتصادية الخاصة عن حلول للأزمة المالية الخانقة وقد أعلن وزير المالية الفلسطيني نبيل قسيس أن الحكومة الفلسطينية ستحول نصف راتب للموظفين الفلسطينيين العاملين في مؤسسات ووزارات السلطة الفلسطينية يوم الاربعاء المقبل وأدى اضرام النيران في الاطارات المطاطية والحاويات بالاضافة إلى إغلاق بعض شوارع المدن الفلسطينية بالحجارة وخلق حالة من الارتباك في الشارع الفلسطيني. وقد حاول بعض المحتجين الغاضبين اقتحام بعض المباني التابعة للسلطة الفلسطينية تعبيرا عن احتجاجهم و هو الأمر الذي وصفه كثيرون بالفوضى غير المبررة التي تضر بالأملاك والأمن العام ولا تخدم مطالب المحتجين المتمثلة بخفض الاسعار والحصول على الرواتب الكاملة بانتظام. كما شهد قطاع التعليم ارتباكا جزئيا لتعذر وصول المعلمين للمدارس والجامعات وتعطلت حياة الطلاب التعليمية . التقينا بطالبة فلسطينية في الثانوية العامة قالت لبي بي سي :" اليوم اضطررنا للمشي على الأقدام مسافة بعيدة جدا من منازلنا الى المدرسة وعندما وصلنا وجدنا أن غالبية المعلمين لم يحضروا للدوام بسبب الاضراب، لم نأخذ الحصص الكافية من تعليم اليوم ونحن نخشى من تطور الأوضاع وانعكاسات ذلك على العام الدراسي " كان الرئيس الفلسطيني قد أكد أن حرية التعبير عن الرأي للمحتجين حق مكفول ويجب الحفاظ عليه مع الاشارة الى أهمية عدم اضرار أو مساس ذلك بالممتلكات والحريات العامة , وقد تعالت الأصوات للمطالبة بضرورة تدخل الاجهزة الامنية الفلسطينية قبل فقدان السيطرة على الاوضاع الميدانية في الشارع الفلسطيني .