تبنى القادة الاوروبيون مساء الاثنين معاهدة جديدة لتعزيز الانضباط المالي ودعوا الى انجاز اتفاق لانقاذ اليونان من الافلاس خلال الايام المقبلة، املا بالبدء بطي صفحة ازمة الديون. لكن القمة الاوروبية في بروكسل تخللها جدل حول اقتراح الماني يهدف الى وضع اليونان تحت اشراف اوروبي مالي مشدد، الامر الذي رفضته دول عدة بينها فرنسا.
وفي النهاية، وافقت 25 دولة من 27 داخل الاتحاد الاوروبي على معاهدة جديدة للانضباط المالي. وانضمت جمهورية تشيكيا في اللحظة الاخيرة الى بريطانيا لجهة رفض المعاهدة متحدثة عن مشاكل "دستورية" تنبع خصوصا من خشيتها ان تضطر للدعوة الى استفتاء.
ووافقت الدول الاخرى على ان تدرج ضمن قوانينها قاعدة ذهبية بالتزام موازنات متوازنة والتعرض لعقوبات شبه فورية في حال تفاقم العجز العام، وذلك بناء على رغبة المانيا في مقابل ابداء تضامنها المالي.
وستوقع المعاهدة خلال القمة الاوروبية المقبلة في اذار/مارس بعد ان تصادق عليها الدول.
والاتفاق على المعاهدة راى النور نتيجة تسوية بين بولندا من جهة وفرنسا من جهة اخرى حول طبيعة المشاركة في قمم منطقة اليورو.
وهذه القضية الرمزية ولكن الحساسة سياسيا، شكلت موضع خلاف منذ اسابيع عدة. فوارسو بدعم من دول عدة في شرق اوروبا شددت على وجوب ان تتمكن الدول التي لا تستخدم العملة الموحدة من المشاركة في قمم منطقة اليورو، في حين رفضت باريس ان يصبح هذا الامر منهجيا. وقد تم التوصل الى صيغة تسوية في هذا الصدد.
ويامل عدد من الدول الاوروبية في ان تشجع هذه المعاهدة البنك المركزي الاوروبي على القيام بمزيد من الخطوات مستقبلا لمساعدة منطقة اليورو في مواجهة ازمة الديون.
الى ذلك، بحث القادة الاوروبيون الوضع في اليونان بعدما اقترحت برلين وضع اثينا تحت اشراف مفوض اوروبي يستطيع تعطيل قرارات الحكومة المتصلة بالموازنة.
لكن فرنسا رفضت هذه الفكرة جذريا، واعتبر الرئيس نيكولا ساركوزي ان هذا الامر "لن يكون منطقيا ولا ديموقراطيا ولا فاعلا".
ورد رئيس الوزراء اليوناني السابق جورج باباندريو على الاقتراح الالماني "اما ان نتقدم على طريق الديموقراطية حيث كل بلد مسؤول عن سياسته، واما ان نقوض الديموقراطية في اوروبا برمتها".
وقد حاولت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل تهدئة الخواطر، معتبرة ان قضية تشديد الرقابة على قرارات الحكومة اليونانية "تطرح" لان الاصلاحات الموعودة لم تنفذ بكاملها.
واضافت ان "النقاش ينبغي ان يركز على كيفية قيام اوروبا بالمساعدة لتنفيذ المهمات التي طلبت في اليونان".
لكن الرهان يظل كبيرا، اذ يتعلق بتنفيذ الخطة الثانية لانقاذ هذا البلد بقيمة 130 مليار يورو والتي كان وعد بها الاوروبيون في تشرين الاول/اكتوبر الفائت. وتبدو هذه المساعدة حيوية بالنسبة الى اليونان التي عليها ان تسدد 14,5 مليار يورو من القروض في 20 اذار/مارس.
وفي موازاة ذلك، على اثينا ان تنهي مفاوضاتها مع دائنيها من القطاع الخاص لتقليص دينها بمعدل مئة مليار يورو، الامر الذي لا بد منه لتلقي المساعدة الاوروبية. وفي هذا الشان، تحدث ساركوزي عن تقدم "في الاتجاه السليم"، داعيا البنك المركزي الاوروبي الى ان يوافق بدوره على تقليص الديون المستحقة له.
ودعا الاتحاد الاوروبي للتوصل الى اتفاق شامل قبل نهاية الاسبوع يشمل المصارف وبرنامج القروض الجديد.
وفي السياق نفسه، بحث رؤساء الدول والحكومات الاوروبية ايضا في وسائل انعاش النمو والوظائف عبر تحسين استخدام الصناديق الاوروبية، على ان توفد المفوضية الاوروبية بعثات في هذا الصدد الى الدول الثماني الاكثر تضررا.