أعلن مسؤول يوناني في قطاع البلديات والإدارة المحلية أن نحو 53 ألف طفل يوناني لن يتمكنوا من دخول رياض الأطفال ابتداءً من أيلول (سبتمبر) بسبب الاقتطاعات التي نفذتها الحكومة في موازنة البلديات المسؤولة عنها. وأوضح رئيس اتحاد بلديات محافظة أتيكي (أثينا) نيكولاوس سارانديس في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، إن نحو 50 أسرة يونانية ستواجه صعوبات في إدخال أطفالها إلى رياض أطفال، بينما البلديات عاجزة عن تلبية آلاف طلبات التسجيل، وتعجز الأسر عن دفع تكاليف الرياض الخاصة.
وأوردت صحيفة «توفيما» أن التمويل المقدّم من الحكومة لبرنامج رعاية الأطفال في رياض الأطفال التابعة للبلديات وصل إلى 125 مليون يورو، ما يغطي تكاليف تسجيل 43060 طفلاً، فيما تطلب البلديات دعمها ب125 مليون يورو إضافية. ولفتت إلى أن عدداً من ذوي الحاجات الخاصة سيبقون من دون رعاية للسبب ذاته، في حين وضعت البلديات شروطاً خاصة لقبول الأطفال مثل تدني دخل الأسرة وحالتها الاقتصادية، إذ بدأت آلاف الأسر في نقل أطفالها من رياض الأطفال الخاصة إلى أخرى بلدية بسبب عدم قدرتها على تحمّل التكاليف.
وأشار متابعون إلى أن العدد الحقيقي للأطفال يزيد على 53 ألفاً، إذ أن العدد المذكور من الأطفال المرفوضين يتعلق فقط ببرنامج «المؤسسة اليونانية للإدارة المحلية والتنمية»، الذي لا يشمل كل بلديات اليونان، فيما تعاني البلديات الأخرى من مشكلات اقتصادية متفاوتة تؤثر على رياض الأطفال لديها.
ويتيح برنامج رعاية الأطفال للنساء العاملات فرصة الذهاب إلى أعمالهن اليومية، كما يتيح للعاطلات من العمل الفرصة لإيجاد وظيفة، ويخفف عن الأسر الفقيرة التكاليف اليومية لتربية الأطفال.
وأكد رئيس اتحاد بلديات اليونان كوستاس أسكونيس في تصريحات الى «الحياة»، أن «اتصالات تجري مع وزارة العمل، المسؤولة عن برنامج رياض الأطفال، بعد الضجة التي أثيرت واحتجاجات الأهالي، في حين دعت الوزارة الاتحاد لمناقشة البرنامج، موضحة أن الأموال المخصصة المتبقية قليلة لكنها ستنظر في إمكان تخصيص مبلغ إضافي لهذا الغرض من خلال تقليص الحصص المقدمة للأطفال المسجلين.
وشدّد على أن البلديات ستبذل كل ما في وسعها لاستضافة أكبر عدد من الأطفال في الرياض التابعة لها، لأن ترك الكثير منهم في المنازل سيشكل مشكلة على مستوى البلاد، خصوصاً في المدن والتجمعات السكانية مثل أثينا وسالونيك، حيث لا يوجد أقرباء يمكن أن يهتموا بالأطفال، كما يحدث في المدن الصغرى والأرياف.
وأوضح أن البلديات على مستوى اليونان تغطي نحو 200 ألف طفل، معظمهم من نفقاتها الخاصة، كما أن هناك بعض الضوابط لقبول الطفل، مثل مستوى دخل العائلة، وبطالة أحد الأبوين أو مرضه ووجود طفل من ذوي الحاجات الخاصة في الأسرة. ورداً على سؤال حول ما تقدّمه تلك الرياض، أكد أسكونيس أنها «تجاوزت مرحلة الحضانة التقليدية إلى مرحلة إعداد الطفل للاندماج في المجتمع، إذ تعلمه الاعتماد على النفس، وتزوده ببعض المعلومات البسيطة عن المجتمع إضافة إلى اللعب وتعلم الأغاني والأشعار». وشدّدت مسؤولة المخيمات الصيفية في بلدية أثينا صوفيا بابايوانو في تصريح إلى «الحياة» على أن «بلدية العاصمة وحدها تستضيف أكثر من خمسة آلاف طفل في رياضها سنوياً، كما تستضيف ألفي طفل هذه السنة في المخيمات الصيفية»، موضحة أن معظم الأسر التي تودع أطفالها رياض الأطفال هي من الأسرة العاملة والفقيرة. وأشارت إلى الدور الاجتماعي الكبير الذي تلعبه هذه المؤسسات في حل مشكلة عمل الأمهات خصوصاً، معتبرة أن بقاء أعداد كبيرة من الأطفال في المنازل يعني مشكلة اجتماعية كبيرة لآلاف الأسر اليونانية، وأن على الدولة التدخل لحل المشكلة على رغم الأزمة الاقتصادية. وأوضح وزير العمل يانيس فروتسيس في رسالة وجهها إلى أسكونيس أن أموال الوزارة محدودة، داعياً إلى الحوار لإيجاد حل. لكن لا يبدو أن ثمة أسساً للتفاهم والحوار بين الطرفين حتى الساعة. وستشكّل أزمة رياض الأطفال إحدى المشكلات المؤجلة إلى أيلول المقبل، بعد عودة اليونانيين من عطلتهم الصيفية ليجدوا إجراءات تقشفية واقتطاعات في معاشاتهم وأزمة في إيواء أبنائهم في رياض الأطفال، ويبدو أن الشهرين المقبلين سيشهدان مواجهات بين الحكومة والنقابات العمالية واتحادات المستهلكين.