تقول صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في مقال افتتاحي نشرته اليوم ان العدوان الاسرائيلي الذي اطلق عليه اسم "الرصاص المسكوب" على غزة، وادى الى مقتل المئات من المدنيين الابرياء، انتهى التحقيق منه بجرة قلم خلال الاسبوع الماضي، بثلاثة اتهامات فحسب. وفيما يلي نص المقال: اطلق جنود الجيش الاسرائيلي النار على ريا ابو حجاج وابنتها ماجدة ابو حجاج مما ادى الى مقتلهما رغم انهما كانتا ترفعان الراية البيضاء وتحاولان النجاة بنفسيهما من القصف الاسرائيلي في 4 يناير 2009، وهو اليوم الذين قامت فيه القوات الاسرائيلية باقتحام قطاع غزة. كان ذلك الحادث يمثل جريمة حرب.
والجيش الاسرائيلي الذي يتبجح الاسرائيليون كثيرا بانه افضل الجيوش من الناحية الاخلاقية في العالم، وجه الاتهام الى جندي لم يعرف الا بانه "العريف إس"، وهو احد القلائل الذين أدينوا بالاحداث التي وقعت خلال عملية الرصاص المسكوب. وبعد مضي اكثر من ثلاث سنوات، وافق الادعاء العسكري على صفقة هذا الاسبوع تقضي بان يقضي "إس" 45 يوما في السجن لاستخدامه السلاح بصورة غير مشروعة.
تم التوصل الى هذه الصفقة المريبة بعد تنازلات وتغييرات. فقد شطبت تهمة القتل، ولم يوجه اليه الا اتهام بالمشاركة في قتل "شخص مجهول" من دون اسم او وجه، وليس سيدتين.
والادلة التي وردت في قائمة الاتهام افادت بان "إس" اطلق النار عن عمد، خلافا للاوامر، على مجموعة من المدنيين. وانه صوب بنقيته واصاب الجزء العلوي من "الشخص". وصدر حكم مخفف بصورة هزلية حتى بالنسبة للتهمة التي حولت الحادثة الى ادانة.
ثم ان الجيش الاسرائيلي لم يتخذ اي اجراء قانوني ضد المعنيين في حادثة اطلاق نار اخرى وقعت خلال العدوان على غزة، وقتلت 21 من افراد عائلة السموني في غزة. بل انه اغلق ملف التحقيق مع أحد الذين اشتبه بانهم شاركوا في مقتل تلك العائلة، هو غيلان مالكة، قائد كتيبة جفعاتي في ذلك الوقت.
ونظرة الى هاتين الحادثتين سوية توضح موقف الجيش الاسرائيلي من تنفيذ قانون جرائم الحرب.
وقد انتهت عملية الرصاص المسكوب التي ادت الى مقتل المئات من المدنيين الابرياء بجرة قلم هذا الاسبوع. ولم يصدر في النهاية الا ثلاث اتهامات: احداها تتعلق بسرقة بطاقات ائتمان، واخرى تتعلق باستخدام "سياسة الجيرة"، والثالثة عن سوء استخدام السلاح.
لقد تسبب احدهم في مقتل افراد عائلة السموني من دون سبب، مثلما فعل اخر عندما قتل ريا وماجدة ابو حجاج من غير داع. والان ينطلق الجنود والقادة المسؤولون عن هذه الجرائم احرارا من دون قيود، ولم يخضعوا للعقاب بسبب تلك الجرائم. ولو ان سلطات تطبيق القانون في الجيش الاسرئيلي كانت لديها القناعة بان "إس" لم يكن الشخص الذي قتل ريا وماجدة ابو حجاج، فانه كان عليها ان تفتح ملف تحقيق مكثفا على الفور بحثا عن الشخص الذي ارتكب جريمة قتلهما.