نشرت صحيفة جارديان مقالا اوردت فيه: ردا على الهجوم الذي وقع الاسبوع الماضي على الحدود في شبه جزيرة سيناء و قتل 16 جنديا مصريا، اطلق الجيش المصري طائرات هليكوبتر لشن هجوم عسكري بالصواريخ على متشددين اسلاميين مشتبه بهم في سيناء، مما أسفر عن مقتل 20. و نفذت قوات الأمن الضربات الجوية العسكرية على قرية تومة- المرة الاولى في سيناء منذ حرب أكتوبر عام 1973 في مصر مع إسرائيل - قرب رفح على حدود قطاع غزة الفلسطيني، فيما وصفوه بمواجهة حاسمة مع المسلحين. من دون التصدي لتحديات سيناء الاجتماعية الحادة، لا سيما الشعور واسع النطاق بالإهمال و التمييز بين السكان البدو ، قد تفاقم تكتيكات الجيش الوضع الخطير اصلا. وقد تدهورت الحالة الأمنية في شبه جزيرة سيناء بسرعة على مدى العقدين الماضيين، ويغذيها الفقر المدقع والتهميش الاجتماعي والاقتصادي و سوء معاملة البدومن قبل الأجهزة الأمنية لمبارك. ابتداء من التسعينيات، تم صب المليارات من الدولارات الامريكية لتطوير الصناعة السياحية في شرم الشيخ في جنوبسيناء وشبه الجزيرة بشكل عام، و يشغل معظم الوظائف الغرباء، وليس البدو.
وبالمثل، باع مبارك ورفاقه مساحات شاسعة من أراضي سيناء إلى الرأسماليون، مما أثار غضب البدو الذين شعروا بأنهم مستبعدون من تطوير المزارع الزراعية في معقلهم. علي نفس القدر من الأهمية، أطلق مبارك بلطجية الامن التابعين له ضد البدو و اذلوا و اهانوا قادتهم، و هي الخطيئة التي زادت الاستياء في المجتمع ضد سلطات القاهرة. على مر السنين تحدث كثير من البدو عن شكواهم من نظام مبارك، مشددين على الاستغلال الاقتصادي لأراضيهم وعدم احترام التعليمات الخاصة بهم من الشرف والقيم.
بينما جمع قطط مبارك السمان ثروات من سيناء، يعيش 50٪ من البدو تحت خط الفقر، مع قلة فرص العمل. يعتمد بقائهم على قيد الحياة، على اقتصاد تحت الأرض، بما في ذلك تهريب البضائع والاسلحة الى قطاع غزة المحاصر، والمهاجرين غير الشرعيين الأفارقة والمصريين إلى أوروبا، والمخدرات. و تزايد انعدام القانون في سيناء جعلها وجهة جذابة للمجاهدين، الساعين إلى الثروة، والمجرمين.
ورغم أن السلطات في مرحلة ما بعد مبارك يدركون خطورة الازمة في شبه جزيرة سيناء، هناك نقص وسائل للتعامل بفعالية مع مطالب البدو المشروعة، مثل تمكين المجتمع المحلي وتخصيص حصة من السياحة في سيناء للاقتصاد المحلي. وكان الرئيس محمد مرسي والجنرالات الحاكمين يأملون في تأجيل إعادة النظر فيما لا مفر منه في بنية الأمن المصرية عبر إسرائيل والولايات المتحدة بعد الاطاحة بالرئيس مبارك، الذي تعاون مع إسرائيل في فرض حصارها على قطاع غزة وقام بدور رجل واشنطن في المنطقة. لم يعدوا يستطيعوا أن يفعلوا ذلك.
التحدي الذي يواجه القيادة الجديدة المصرية هي بناء نظام ما بعد مبارك يمنح الأولوية للأمن الإنسان بمعناه الواسع. وهذا يعني التنمية الاقتصادية في الداخل ووضع استراتيجية السياسية التي تساعد المواطنين والمجتمعات المحلية، وليس الرأسماليون، والسعي للتوصل الى اتفاق سلام يوفر الأمن لإسرائيل والعدالة للفلسطينيين. أي مقاربة أخرى يمكن أن تركز فقط على اغلاق قطاع غزة من سيناء - تفضيل التعاون ضد الإرهاب - ستواجه معارضة شديدة من قبل المصريين، و ستفشل على الارجح في تحقيق الأمن للفلسطينيين والاسرائيليين والمصريين.