في مناطق «الوسط» رفح، والقسيمة، ونخل، والحسنة، ووادي العمرو، يعيش آلاف البدو حياة صعبة وقاسية، فهم أقل حظاً من بدو الحضر الذين يعيشون في العريش، وبئر العبد؛ حيث تهتم الحكومة المصرية بالبدو في مناطق الحضر، بينما تترك بدو القطاع الأوسط ليعانوا من الفقر المدقع. فقر مناطق الوسط لا يتوقف عند حد الفقر التقليدي المتمثل في ضيق ذات اليد، لكنه يمتد ويتسع ملتهماً معظم خدمات المنطقة المحرومة بشبه جزيرة سيناء، والمصنفة أمنياً باعتبارها المنطقة الأخطر في مصر أو «المنطقة السوداء»، بحسب التعريف الأمني لها. ويمتد التعريف الأمني بالطبع ليحجب الوظائف الحكومية عن أبناء المنطقة المغضوب عليها أمنيا، بحسب تأكيد عايد أبو سليم، من قبيلة الترابين - الذي قال: «ليست لدينا أي فرص عمل، والمساعدات المقدمة لنا لا تزيد كميات من الطحين (الدقيق) نحصل عليها شهريا بسعر مخفض». الطبيعية أيضا زادت من معاناة البدو من جانبها؛ حيث زاد الجفاف وقلت المراعي، وهو ما أكده الشيخ مسعد سالم بقوله «المراعي أصبحت فقيرة جدا مما أدي إلي تراجع تربية الإبل في المنطقة، كما أن مناطق الوسط تعاني جفافاً شديداً». ويضيف سالم: «ليس لدينا أمل حتي في الزراعة، لأن مياه ترعة السلام لن تصل إلي الوسط». شبه جزيرة سيناء المنطقة الأكثر أهمية في مصر والتي يعيش فيها ما يقرب من 12 قبيلة يتفرع منها نحو 72 عشيرة، وترجع أصول بدو سيناء إلي قبائل نجد والحجاز مثل: بني سليم وبني عقبة وبني هلال وتعد سيناء حاليا أكبر تجمع للبدو في مصر تليها الصحراء الغربية ثم الصحراء الشرقية ويمثل البدو 75 في المائة من سكان سيناء. ويقول البدو: إن البطالة تنتشر بينهم بشكل كبير بسبب عدم الاهتمام الحكومي بهم، ويضيف عبد القادر مبارك - باحث بشئون البادية وأحد أبناء قبيلة السواركة -: «التعليم السيئ في مناطق الوسط، وعدم وجود مدارس أدي إلي عدم وجود خريجين مؤهلين للعمل، وبالتالي تنتشر البطالة بين 90% من بين بدو هذه المناطق». ويعيش في وسط سيناء عدد كبير من القبائل البدوية منها: التياهة والاحيوات والعزازمة والسواركة والترابين وبلي والحويطات والمزينة، ومعظمهم يقيم في عرائش مصنوعة من جريد النخيل والخيام ويأكلون الطحين واللبن واللحم ويشربون من مياه الآبار ويبلغ عددهم نحو 600 ألف نسمة. ورغم وجود مناطق شاسعة بسيناء فإن عدم تقديم الحكومة أي مساعدات فيما يتعلق بحفر الآبار وتقديم القروض لم يتمكن البدو من الزراعة.. ويقول البدو: إن معظم المصانع الضخمة التي أقيمت بسيناء يعمل بها أبناء الوادي والوافدون إلي سيناء فيما يتم إسناد الأعمال المتدنية إلي بدو سيناء. ويقول شيخ بدوي معين من قبل الحكومة: «لدينا مطالب بضرورة توصيل مياه ترعة السلام إلي منطقة السرو والقوراير بوسط سيناء حتي نضمن زراعة نحو 140 ألف فدان بالمنطقة ونوفر فرص عمل للبدو». وأكد تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمحافظة شمال سيناء أن برامج التنمية التي استهدفت وسط سيناء ضمن الخطة القومية لتعمير سيناء لم تسهم في تحقيق الوجود السكاني والتنمية العمرانية بالمنطقة والتي شملت البرنامج القومي للتنمية الريفية شروق والمركز القومي للبحوث بقرية أم شيخان والتجمعات الزراعية بوسط سيناء وأوضح التقرير أن هناك خللاً في الخصائص السكانية وانخفاضاً في مستوي المعيشة بمنطقة وسط سيناء علي الرغم من توافر العديد من الموارد الطبيعية ومصادر الثروة بمنطقة الوسط. وتبلغ مساحة منطقة الوسط 79% من مساحة محافظة شمال سيناء ويقطن بها 10% من سكان المحافظة. وأوضح التقرير أن حل المشكلة يستوجب تقسيم منطقة وسط سيناء إلي مراكز رئيسية يضم كل مركز مجموعة من القري المحيطة به حتي يمكن توفير الخدمات للمواطنين في سهولة ويسر بهدف تحقيق التنمية المتوازنة علي أرض سيناء. فالبدو الذين يكسبون عيشهم في الأغلب من زراعة قطع صغيرة منخفضة الجودة من الاراضي يشعرون بأنهم مهمشون ويقولون: إنهم لا يحصلون علي أي وظائف أو دخل من المنتجعات السياحية المزدهرة التي تملأ ساحل سيناء. وبعض المقيمين في المنطقة يسعون لكسب المال عن طريق تهريب البضائع والأسلحة والمهاجرين عبر حدود سيناء مع إسرائيل وقطاع غزة الفلسطيني المحاصر. ويعاني نحو 90 في المائة من البدو البطالة، بسبب عدم استيعاب مشروعات الأسمنت التي أقيمت بالمنطقة أعداداً كبيرة منهم وإلحاقهم بأعمال متدنية ذات رواتب ضعيفة والحكومة لا تسمح لكثير منهم بالتعيين بل إنه غير مسموح لهم بالعمل نهائيا في وظائف مثل الشرطة والقوات المسلحة. طالبت دراسة علمية حديثة استغلال خبرة بدو سيناء بدروب الصحراء ومعرفتهم بخصائص وطبيعة الحياة البرية في التنمية السياحية وإقامة مشروعات اقتصادية بشبه جزيرة سيناء. وأكدت الدراسة أن البدو أكثر العناصر قدرة علي تنظيم رحلات سياحية لمشاهدة الطيور والحيوانات البرية ورحلات السفاري. وإقامة العروض الفنية والأمسيات البدوية التي تجتذب السياح حيث تعكس التراث البدوي المميز والعادات والتقاليد المرتبطة به.