هل نحن فى حالة انتصار الآن بعد الثورة أم نعيش هزيمة؟ السؤال يطرح أسئلة، فليس الهدف هو إثبات فشل الثورة أو نجاحها، ولكنه يدفعنا إلى التفكير فيما تحقق وما نحلم به، خاصة ونحن فى شهر كريم عرف المسلمون فيه معنى الانتصار.
إذا كان الانتصار بالثورة يعنى إسقاط نظام، فقد جاء النصر محدوداً؛ لأن الذين سقطوا هم رموز النظام ورأسه، وتبقى النظام مكتملاً فى كل مؤسسات الدولة، بفساده المتمثل فى الرشوة والمحسوبية وعدم العمل والابتزاز وغيرها من المظاهر السلبية التى أورثها النظام فى كل فئات الشعب فتغلغلت فى مفاصله، وأصبحت فى أمس الحاجة إلى العلاج.
الانتصار يعنى أن تنتقل الثورة إلى الشعب، لا أن يتحول مفهوم العدالة الاجتماعية إلى خراب بيوت، إلى إضرابات واعتصامات وإيقاف المصالح والمصانع بحثاً عن مكاسب فردية، حتماً لو تغير المجتمع لحصل عليها الجميع، ولكننا الآن مثل حصان فى مطلع يجر حمولة ثقيلة وبدلاً من الدفع به أو تخفيف الحمولة عنه ننهال على ظهره بالسوط فى اللحظة الصعبة وهذا لن يؤدى إلا إلى ثورة الحصان وتمرده أو سقوطه مريضاً أو ميتاً!
نحن فى حاجة إلى انتصار الآن والفرصة فيما تبقى من هذا الشهر الكريم، الذى انتصر فيه المسلمون على المشركين المعتدين فى غزوة بدر سنة 2 هجرياً، وفتحوا أواسط المغرب فى رمضان 82ه، وفتحوا الأندلس وهزموا الفرنجة فى 28 من رمضان سنة 92ه، وفتحوا عمورية فى 17 من رمضان سنة 223ه، وانتصر المسلمون من الحمدانيين على البيزنطيين فى رمضان سنة 362ه، وانتصروا على الصليبيين بقيادة نور الدين زنكى فى رمضان سنة 599ه، وهزموا التتار بقيادة قطز فى 25 من رمضان سنة 658ه، وفتح المسلمون بقيادة سلطان الدولة العثمانية، سليمان القانونى، بلجراد فى 4 رمضان سنة 927ه.
وأخيراً انتصر المسلمون على اليهود الصهاينة فى العاشر من رمضان سنة 1393ه «كتاب سمات العصر ورؤية مهتم لفضيلة الدكتور على جمعة».
سردت هذه الانتصارات فى دعوة للتوقف أمام حجم الانتصارات فى هذا الشهر الكريم، وهذه المرة الأعداء كثر حولنا، ولكننا نريد الانتصار على أنفسنا، على أخطائنا وصراعاتنا، نحن جميعاً مثل الحصان فى مطلع، نحتاج إلى الحنان، إلى حمل كثير من الأعباء، المشاركة فى صعود جبل السلام.. تناحرنا ومكاسبنا الخاصة لن تحمى الوطن من الصراع والتشتت والانكسار.. مصر تحتاجنا أقوياء متحدين هيا بنا نقول: «اللهم إنا صائمون»، ونفطر معاً محبة وعطاء وسماحاً.. مصر تستحق ونحن نستحق حياة أفضل وأكرم وأسهل من الصعب الذى نخطو إليه.